منطلقات قيمية
يونس عاشور
كم سعدنا بلقائك ومعرفتك ، واستفدنا من خبرتك وتجربتك الفذة .. وانتهى بنا المطاف إلى كسب وقتك وثقتك .. وكنا معك في رحلة الحياة تأخذنا من مكان إلى مكان نتمايل معك .. وكلما افتقدناك اشتقنا إليك .. وإذا عدت إلينا شعرنا بالأمن لأنك المرشد وقبطان السفينة حيث الأمن والأمان والاستشعار بوجود الداعم والمحرك الرئيس للتحفيز .. أمواج متلاطمة تحول دون الوصول إلى المبتغى .. علني أكون معك وأنت تمشي بمعارف وعلوم تنقذنا من فوضى الظلام المستشري في وسط هذا العالم ..
وبدأنا نتطلع إلى صفحتك البيضاء وتاريخك المشرق وسيرتك العطرة التي ما فتئت تنضب بمعين الخيرات والبركات .. عطاء يتدفق نحو الآخر .. لا يغفل متطلبات واحتياجات الآخر.. بل الدأب والتفتيش عنها لملء الفراغ المنسي بوقود يومي يجعل من الإنسان يقظ الضمير والتفكير أو طموحاً من أجل التغيير والتطوير أو إيجابيا نحو الإنسانية المغيبة في ظلمات السعير! من منطلقات النهوض بالحضارة الإنسانية وجعلها في أسمى غايات المجد والرفعة والسؤدد.
كثيرون اليوم الذي يدأبون لتدمير الحضارة الإنسانية عبر افتعال الحروب والأزمات أو إيجاد مسوغ لها ولفعلها اللامعقول.
لو تحدّق ببصرك اليوم على عالمنا المعاصر لرأيت عجب العجاب .. حروب لا أول ولا آخر .. فقر مدقع يرمي بزمامه نحو الاستشراء اللامتناهي.. ليقوم هو الآخر (المتخندق) بترتيب الأوراق والمستندات الذاتية للهيمنة الذاتية ذاتها واستفرادها بالقرارات والسياسات التعسفية التي لا يديرها العقل العقلاني .!
غياب المعنى اليوم.. يعني غياب العقل الحسابي الاداتي التواصلي الفلسفي الفعال في تشطيب كل ما هو قهقري بمفهومه الرجعي التخلفي وعدم تكوين بلورة عامة لصياغة مفاهيم وأسس ومرتكزات ومقومات حياتيه تساعدنا على القيام بنقلة نوعية للمساهمة في خلق حضارة إنسانية تقوم على الاعتراف بوجودية الآخر ، وتنمية حقوق الإنسان في المجال الاجتماعي والسياسي والاقتصادي التي هي أسس الأساس الحياتي والمحور الغائي التي تحدد مكونات ومقومات الذات الإنسانية على أنها تمتلك الحق قي تقرير المصير والسير نحو الاقتصاد الذاتي لمراجعة ما ينبغي عمله على شاكلة التدبير والتفكير العلائقي الذي يقوم بمحو الترهلات الحركية لسيرورة المجتمع الانتظامية .
وإذا كانت المجتمعات لا تعي مقولة التراتبات والتجاذبات التناسقية المخملية من قبل الجماعات أو الهيئات أو النقابات التي تدير اقتصاد عالم اليوم وتتحكم بخيوطه على المنظومة العالمية فهي تتدحرج وراء مقولة الانكفاء والتقوقع اللاخلاّق .
أن أهم ما يمكن الحديث عنه ضمن هذا السياق هو إيجاد العدالة الإنسانية وخلق حالة من التسامح في كيان المجتمع حتى يتسنى له العيش الرغيد والهناء السعيد.
في أحدى الدراسات التي تطرقنا إليها في أكثر من مكان هو تفعيل مفهوم التسامح! الذي لم يعد له حيّز يتعامل به على الصعد السوسيولوجيه. فهو يكمن في إيجاد المعنى العقلاني خاصة في ضل الصراعات والتيارات القائمة في عالمنا المعاصر .
أخي العزيز مرة أخرى سنسعد بلقائك عندما تقوم بتغيير واقعك الحياتي إلى واقع مستمر ومثمر بالعطاء للذات وللآخر.