الأيام دول والزمن دوار

الشيخ خالد مهنا *

[email protected]

عجلة الحياة ماضية...والزمن الدوار يغرينا بقراءة الكف..كف التاريخ ومطالعة فنجان المجهول والنظر في الكرة البلورية للمستقبل...فأشياء كثيرة اندثرت معالمها وانقرضت،وأشياء مثيرة وكثيرة جداً في طور التحول..

وأشياء كثيرة وأشخاص كثر ولدوا وأشياء أخرى ماتت أو ولت الأدبار..

زعامات كثيرة كعدد شعر الرأس غمرت الأرض منذ الأزل وأفرزت نظماً قمعية بوليسية صنعت بدورها دوامات من الإرهاب والفساد في الأرض،ثم رأيناها تتساقط كأحجار الشطرنج واحدة بعد الأخرى...

ومع تزايد أعداد الساقطين إنتهت خرافة الحروب الكبرى..

وبدأ يسود الأرض أدراك عام أن أي حرب كونية جديدة لن تبقى على غالب أو مغلوب...فالكل غالب والكل مغلوب..والكل هالك أو مهلوك...

وبدأت تنتشر نغمة جديدة بين الكبار...أن دعوا الحروب للصغار يدمرون ويخربون بها بلادهم وأوطانهم..

ثم يدخل الكبار ليبنوها من جديد بالديون والقروض ومقابل النفط..

الزمن دوار ومتحرك والكبار تعلموا الدرس وفقهوه طلباً للقاعدة "تفقهوا قبل ان تسودوا"... ولذلك بنوا التجمع الاوروبي والتجمع الأمريكي والتجمع الأفريقي،فنبذوا الشخصانية والفردية والطائفية والقبلية والعصبية مضطرين وأنشأوا روح الجماعة،وأخلافياتها وتقاليدها..

فهل نستطيع أن نفعل هذا كعرب ليكون لنا تجمع عربي وليكون لنا كرسي يليق بمكانتنا على مائدة القرن الفاصل.؟.

هل نستطيع أن ننبذ الشخصائية وأن نكف عن التنابذ كسوري وعراقي ومصري وجزائري وأن نتصرف كتجمع أخوي متحد... متراص...متضامن..متآلف ونحجز بطاقة عضوية دائمة في المنتدى الإنساني الجديدة والتي بدونها لا دخول إلى العصر الجديد...

وإذا تخلفنا عن حجز هذه البطاقة في زمن هبوب الريح فلن يكون لنا مكان إلا مع القرود في غابات الأمازون حيث يتعاركون على سباطة موز،بينما تندفع الإنسانية الأخرى لبناء فنادق ومنتجعات في القمر والنجوم.

الزمن دوار...وغالب الظن أن البشرية في طريقها لحل الجيوش والعسكر... وإنما بوليس دولي يقبض على الطاغية في لمحة خاطفة،وسيكون مصير أي مستبد أن يعتقل في دقائق بمجرد أن يرسل شعبه برقية احتجاج...وسيفر الأسد كما في غيره،ولن يكون لإسرائيل وجود على خريطة المستقبل،ولا أجد لأي متغطرس مكان تحت الشمس.

سيقتل السلام الحروب..وستقتل اليد الممدودة بمحبة اليد الممدودة لسفك الدم...

ستنتهي الاكاذيب والخرافات والأساطير في ساعات،والويل للمنفرد الرعديد في عصر التجمعات،وما بني بسنوات سينهار في ثوان،وربما في غصون عام أو عامين نصبح أهل الوقت...

هكذا في دورة زمان واحدة سيتحول النهار إلى ليل،والأسود إلى أبيض.. سينفجر الاتون وستنهار التماثيل... ..

لكل شيء إذا ما تم نقصان * فلا يغر بطيب العيش إنسان 
هي الأمور كما شاهدتها دولٌ * من سرَّهُ زمنٌ ساءته أزمانُ 
وهذه الدار لا تبقي على أحد * ولا يدوم على حال لها شانُ 
يمزق الدهر حتمًا كل سابغةٍ* إذا نبت مشرفيات وخرصان 
وينتضي كل سيف للفناء ولو * كان ابن ذي يزن والغمد غمدان 
أين الملوك ذوو التيجان من يمنٍ * وأين منهم أكاليلٌ وتيجانُ 
وأين ما شاده شدَّادُ في إرمٍ * وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ 
وأين ما حازه قارون من ذهب * وأين عادٌ وشدادٌ وقحطانُ 
أتى على الكل أمر لا مرد له* حتى قضوا فكأن القوم ما كانوا 
وصار ما كان من مُلك ومن مَلك * كما حكى عن خيال الطيفِ وسنانُ 
دار الزمان على دارا وقاتله * وأمَّ كسرى فما آواه إيوانُ 
كأنما الصعب لم يسهل له سببُ * يومًا ولا مَلك الدنيا سليمان 
فجائع الدهر أنواع منوعة * وللزمان مسرات وأحزانُ 
وللحوادث سلوان يسهلها * وما لما حل بالإسلام سلوانُ


لله درك يا ابو البقاء الرندي ، لله در ابياتك ما أروعها؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

" هكذا حياتنا التي نعيشها دوارةً في كل تفصيل من تفاصيلها وجزئية قد احتوت عليها،وكلما حاولت أن أضع يدي على ثابت   ارتكز عليه أرى عوامل الزمان وقد احالته  لمتغير من متغيراتها،حتى الوقت الذي آمن به الأولون والآخرون وراهنوا عليه،جاءنا آنشتاين ليخيب آمالهم ويكشف حقيقة أن الوقت – كسائر الأمور – راضخ متغير وفقاً للظروف، أو كما سماه عبقري القرب العشرين( نسبي) ،هذه النسبية لم يفلت منها ومن عبقرية الألماني الشهير إلا سرعة الضوء الذي اطلق عليه(الثابت الكوني الوحيد)!..

وفي هذا الكون متغير الأحوال، يتسابق الناس – كل الناس – لكسب ود  الحياة والفوز بصداقتها،فمن صادقه وجهها ضمن سلاسة الطريق نحو النجاحات  وأمن عثراته المؤدية للإخفاقات،وتبقى عليه استغلال هذه الصداقة المؤقته ،فهكذا هي الحياة تحب التغيير حتى في أخلائها، ولو

دامت لغيرك ما وصلت اليك.....

ايها القابض على الجمر اصبر وتحمل

كل شيء لانتهاء....

ربما يثقلك القيد ويضنيك.. العذاب ....

ويثور الشوق في جنبيك للشمس وأحلام عذاب ..

ربما تنهش من جسمك أنياب الذئاب ..

ربما يبرز في أفقك يأس ...يخدعك الشيطان في لمح سراب..

ربما تنظر للقيد وقضبان الحديد 

دامع العينين تشتاق الى الأفق المديد 

ربما تنظر للنور الذ ي ياتيك من خلف السدود 

قف قليلا ..لا تهم خلف الخيالات وحدق

هذه بوابة التاريخ ملاى بالرجال 

عبروها ...عبر أحبال المشانق 

عبروها ...فوق درب الشوك والنار ودقات المطارق .

عبروها ...والمناشير علت فوق المفارق 

قف قليلا...أنت عبر الموكب الدامي شعاع ابدي

يولد النور على جبهتك الخضراء في صبح ندي

وحياة أنت تمتد وتمتد وتبقى كالغد

لاتقل ضيعت عمري خلف العتمات 

لا تقل ضاع شبابي في متاهات العذاب

لك يا حامل النور في الخلد بقاء ..

               

* رئيس الحركة الإسلامية في ام الفحم وضواحيها..

رئيس الدائرة الإعلامية في الحركة الإسلامية القطرية-الداخل الفلسطيني.