هل بدأت حقبة الإسلاميين في دول الربيع العربي

هل بدأت حقبة الإسلاميين

في دول الربيع العربي؟

بدر محمد بدر

[email protected]

أخيرا تنتهي اليوم الأربعاء المرحلة الثانية من الجولة الثالثة والأخيرة، في أول وأهم وأجمل انتخابات برلمانية حرة في مصر منذ ستين عاما، ليستكمل مجلس الشعب بناءه، ويبدأ فورا بتشكيلته الجديدة، المعبرة بوضوح عن واقع وآمال الشعب المصري، في استلام وممارسة مهامه ومسئولياته قبل نهاية يناير الجاري.

وسوف تبدأ أولى جلسات المجلس الجديد يوم الإثنين 23 من يناير، لينتخب رئيسه ووكيليه ومقرري لجانه الفنية، ثم تبدأ المهمة الأساسية للبرلمان وهي التشريع وسن وتعديل القوانين وإقرار الاتفاقيات الدولية، ومراقبة أداء السلطة التنفيذية، ثم تشكيل لجنة إعداد الدستور، بعد انتهاء انتخابات الشورى في فبراير القادم، على أن تنتهي هذه اللجنة من إعداد دستور جديد في مارس، يتم الاستفتاء عليه في أوائل أبريل، تمهيدا لفتح باب الترشيح وانتخاب رئيس الجمهورية قبل نهاية يونيو.

ومن الواضح أن هذا الفوز السياسي والمعنوي الكبير، الذي حققه التحالف الديمقراطي بقيادة حزب "الحرية والعدالة"، الجناح السياسي للإخوان المسلمين، وحصوله على أكثر من 40% من مقاعد مجلس الشعب حتى الآن، أي أكثر من 200 مقعد، يمكن زيادتها إلى ما بين 220 إلى 230 بعد انتهاء الفرز اليوم، ليقترب أكثر من نسبة ال (50% +1)، هذا الفوز الكبير يتيح له فرصة ذهبية لخدمة هذا الوطن، والخروج بنا من هذه الأزمات التي تحيط بنا من كل جانب.

وأعتقد أن أجمل ما في هذا الفوز التاريخي، الذي ينسجم مع صعود الإسلاميين عموما في ثورات الربيع العربي، وتوليهم السلطة في تونس والمغرب حتى الآن، وفي انتظار مصر وليبيا واليمن، ثم في سوريا بإذن الله لاحقا، أنه جاء باختيار شعبي ووطني أصيل، وفي أجواء من الحرية والديمقراطية والنزاهة والكرامة، وفي ظل فرص متساوية للمنافسة الشريفة بين جميع التيارات السياسية، يشهد بها الجميع حتى من المخالفين، على الرغم من الحملات الإعلامية الضارية ضدهم.

وفي تقديري أن أول وأهم خطوة مطلوبة في مصر الآن هي توسيع نطاق المشاركة السياسية، في الاتفاق على مواد الدستور الجديد، وألا يتم استبعاد أي فصيل سياسي مؤثر من المشاركة في هذا الإنجاز الوطني، ومن الأفضل أن يتم فتح باب الحوار من الآن، حول القضايا محل الخلاف في الدستور حتى يتم بناء توافق عام حولها، وهناك تصريحات واضحة من قادة حزب الحرية والعدالة تؤكد ضرورة الحرص على صياغة الدستور الجديد، بأكبر قدر من التوافق الوطني.

ومن القضايا التي تحتاج إلى أكبر قدر من التوافق الوطني في الدستور الجديد؛ نظام الدولة السياسي هل هو رئاسي أم برلماني أم خليط بينهما؟ وكذلك حدود سلطات رئيس الجمهورية القادم في حل البرلمان، وتكليف الحكومة بناء على نتائج الانتخابات، وتقييد إعلان واستمرار حالة الطوارئ، وكذلك الفصل بين السلطات الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية، وحق الرئيس في إصدار قرارات لها قوة القانون وغيرها، وبذلك لا نجد مشكلة يمكن أن تعوق سرعة إنجاز الدستور.

إنني أثق في أن حقبة الإسلاميين في دول الربيع العربي سوف تعزز الاستقلال الوطني، وتقوي البناء السياسي والاجتماعي الداخلي، وتقيم تنمية اقتصادية عادلة، وترفع من مستوى المعيشة، وتعالج الخلل في البنيان الاقتصادي، وتضرب بيد من حديد على أركان الفساد، وترتقي بمؤسسات التعليم والصحة والخدمات العامة، وتبذل ما في وسعها من أجل زيادة الإنتاج وتنمية الصادرات، وتحقيق أكبر قدر من الاكتفاء الذاتي، وفي نفس الوقت تحترم الحقوق والحريات والديمقراطية وكرامة الإنسان وتداول السلطة، إنها حقبة مميزة بكل تأكيد.