الاعتقاد الخاطئ له مردودات كارثية حتماً
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
عندما يطلب من المحللين العسكريين نتيجة المعركة القادمة في حال أراد طرف ما أن يشن حرباً على طرف آخر , ماهو التقييم للمعركة القادمة وهل سنكسب الحرب أم لا ؟
وتطرح هذه الأسئلة أيضاً أثناء سير المعركة
فيكون الطرف الواثق من النصر يقول إن معنويات الجنود عالية , وهذه المعنويات العالية هي التي ستكسب النصر مقارنة بمعنويات الخصم المنهارة
والدليل الواضح أمام أعيننا الآن هو ثوار مصراته الأبطال واعتمادهم على أنفسهم وصمودهم الرائع وتحرير مصراته , بسبب معنوياتهم العالية وإصرارهم على النصر
فلو طبقنا هذه الحالة على الثورة السورية , لوجدنا الآتي :
قبل انطلاق الثورة الناس في رعب مطلق حتى الشخص يخاف من نفسه من أن يتحدث ضد حاكمه ولو بهمسة يهمسها لذاته ولو كان يعيش في أقصى بقاع الدنيا , مع أن داخله مملوء قيحاً من النظام
بعد قيام الثورة انقسم المجتمع في سورية لثلاث أقسام
الأول أخرج الخوف من داخله وتحداه وتحدى صاحبه , الثاني مازال الرعب مسيطر عليه ولم يتحرر قيد انملة وإنما زاد خوفه فوق خوف سابق , الثالث موال ومستفيد وطائفي
الفئة الأولى والثانية كانت معتقدة اعتقاد راسخ أن النظام لايملك من الإنسانية شيء وما هوإلا نظام مجرم ويملك القوة والبطش فكان الرضوخ سبيلها على مدى أربعين عاما , والفئة الثالثة مطمئنة لنتائج أي صراع يمكن أن تتبناه جهة ما من الشعب السوري ضد النظام من منطلق أنها تملك القوة المادية والعسكرية بالإضافة لطائفية النظام ,وأعطتهم تجربة الثمانينات ثقة أكبر في النفس والإطمئنان
وبعد انطلاق الثورة وثقت بنفسها في البداية فئة قليلة , وتبعها مناصرون كثر من بعدها بحيث انخفضت نسبة الفئة الثانية على حساب الفئة الأولى , والفئة الثالثة مازالت مصرة على اسلوبها الإجرامي وعندها ثقة في النصر
يقابلها الفئة الأولى والتي تملك معنويات عالية عندها الثقة بنفسها وتفوق أضعاف الثقة الموجودة عند الفئة الثالثة
فالذي يهمنا هنا هو:
الفئة الثانية والصامتة من الخوف والرعب
ماهو الإعتقاد الخاطيء عند هذه الفئة ؟
هذه الفئة تعتقد أن إمكانياتها ضعيفة مقارنة بإمكانيات السلطة المجرمة , ولكن لو اعتقدت عكس ذلك كاعتقاد الفئة الأولى والثقة بالنفس وانضمت معها لانهارت الفئة الثالثة بسرعة كبيرة جداً
فحماة ودير الزور كان الإعتقاد عندهم وفي داخلهم أنهم الأقوى وأنهم منتصرون , فخرجت المدينتين عن بكرة أبيها كما فعلت درعا من قبل وما زالت تفعل
وأهلنا في حمص الحبيبة , عظمت الثقة في ذاتهم حتى جعلتهم راية الثورة وقلبها النابض وعنوان استمرارها وأن النصر قادم لامحالة وبإذن الله تعالى , ولم تضعف هذه الثقة في المناطق الثائرة وإنما زادت نمواً في اللاذقية وإدلب وحوران وريف دمشق ومناطق من دمشق تزداد الثقة في نفوسهم يوماً بعد يوم ,وعامودا في الحسكة رأس الحربة فيها لينضم لهذه الثقة بالذات أخواتها في الرقة والقامشلي , حلب مازالت تخطوا لتجد في نفسها أنها قوية كما المناطق الأخرى الثائرة من سورية الحبيبة
فالفئة الأولى والثانية تشكل أكثر من ثمانين في المائة من الشعب السوري , بينما الفئة الثالثة والتي لاتتجاوز الخمسة عشر في المائة هي التي تذبح الثمانين في المائة تقتل وتعذب وتنتهك الحرمات فيها , باسم السلطة الطائفية في سورية
كل شخص ينتمي للفئتين الآولى والثانية معرض للهلاك لآنه من طائفة ليست من طائفة النظام
وهذا الأمر واضح وجلي لكل سوري , يقتلوننا ونقول لهم نحن لسنا ضدكم , يجلبون المرتزقة من إيران والعراق ولبنان وماخفي أعظم باسم الطائفية ونحن نحييهم
يكفي مجاملات للقاتل والمجرم والمغتصب والمحتل , فليس نحن من يسعى للإقتتال الطائفي ولكنهم يمارسونه منذ خمسين سنة مرة باسم الحزب ومرة باسم السلطة والحفاظ على الأمن ومئات الآلاف من الفئة الأولى والثانية فقدوا في جرائمهم الطائفية تلك وما زالت مستمرة في كل المدن السورية
فالمفروض الفئة الثالثة هي التي ستصبح معنوياتها في الحضيض في حال تحولت لحرب طائفية بين الفريقين وليس الثمانون في المائة
هذا الإعتقاد الخاطيء والذي أعطى النظام المجرم كل السبل لزيادة إجرامه واستباحة كل شيء خاص بالفئتين الأولى والثانية وتخوف هذه الفئة من الفتنة الداخلية مع أنها موجودة منذ خمسين سنة وتمارس ضد طرف واحد فقط , أي ضد السنة بمختلف قومياتهم وأعراقهم , وعلى سبيل المثال , لقد تم تجنيس الآلاف من الإيرانين لآنهم من نفس الملة بينما مئات الآلاف من الأكراد محرومين من أبسط حقوقهم لآن غالبيتهم سنة , وليس لآنهم أكراد
فليصحا الجميع للمخطط الصفوي الشيعي القادم من قم وطهران والمنفذ على الأرض بيد النظام الطائفي , وليعلم أصحاب الفئة الثالثة المجرمة والمدعين منهم أنهم ليسوا مع النظام , فإما أن يتخلوا عنه وينضموا مع الشعب السوري ليكونوا معهم شركاء في الوطن , أو نقول فقد أعذر من أنذر.