ثورة علمية في أعقاب الثورة المصرية
نبيل عواد المزيني
باحث- الولايات المتحدة
منذ ان بني القدماء المصريون الاهرامات بدأت ثورة علمية مستمرة علي مدي التاريخ لم تتوقف حتي الان ، فلم يتوقف العلماء والباحثين ومن قبلهم الرحالة والمسافرين والمتأملين عن البحث في اسرار تلك المعجزة المعمارية التاريخية ، وفي عصرنا الحاضر تم تخصيص الجزء الاكبر من الابحاث لدراسة الطاقة الهرمية وتأثيراها في مختلف المجالات الحيوية من علوم النبات والحيوان والطب وغيرها من المجالات التي لا يكف العلماء عن اكتشافها كل يوم ، مما حدا بهم الي جعل علوم الاهرام (pyramidolgy) علم قائم بذاتة يدرس وتنفق ملايين الدولارات سنويا علي الابحاث المعنية بة في المعاهد ومراكز الابحاث العالمية .
فقد اصبح من البديهيات الان في الاوساط العلمية الغربية ان علوم الهرم تعتبر هي علوم الالفية القادمة مع ثورة المعلومات والنانوتكنولوجي ، وهي العلوم التي تبحث في انحاء الزمكان في الفراغ الهرمي الشكل وعن طريق رصد وقياس الطاقات الكونية ، وقد عرف ذلك العلم الباحث في فلسفة العلم ورئيس الجمعية المصرية لعلوم وابحاث الاهرم الاستاذ / أحمد نصار بقولة " ان علوم الاهرام هي علم العلم الذي يجد فية الباحث ويلمس الروابط العضوية بين سائر العلوم".
وقد استمر الاهتمام بالاهرامات عبر الحقب التاريخية المختلفة ، حيث زار معظم علماء وفلاسفة الاغريق مصر ونهلوا من علومها مثل طاليس الفلكيوعالم الرياضيات الذي عاد بمعارف جمة بعد زيارتة لمصر , وفيثاغورث الرياضي وأرسطو وافلاطون عندما كانت مصر قبلة العلم انذاك ، فقد جاء في كتاب " تاريخ العلم " لـ ج . كرواثر قولة " إذا كان ثمة حضارة استفاد منها الاغريق اكثر من غيرها فهي الحضارة المصرية القديمة " وعندما دخل العرب مصر كان لهم باع في هذا المجال ايضا ، فقد سجل التاريخ أسم الخليفة المأمون بن هارون الرشيد في عام ٨٢٠ م كأول من فتح الهرم رغم المعاناة الشديدة التي لاقها فريق العمل في تفتيت الصخور آن ذاك ، كما تمت ايضا في عصرة ترجمة معظم المعارف الاغريفية المستقاة في الاصل من الحضارة المصرية القديمة بعد ان اضافوا إليها ، وعن اهتمام الخليفة المأمون بالعلم والعلماء يقول الادريسي " كان المأمون ذا نفس شغوفة بالعلم ومطالعة غرائب العلوم وذو همة في الاطلاع وفي زمانة ترجمت كتب العلوم الفلسفية من اليونانية الي العربية " .
وأما عن علم الاهرام الحديث فقد اجمع المختصون علي أن تاريخ هذا العلم (pyramidolgy) الحديث قد بدأت في عام ١٨٥٩ م عندما اعتقد الفلكي جون تايلر بأن الهرم لة طاقة اسطورية ، واصدر كتابة المعروف الهرم العظيم : لماذا تم بنائة ؟ (The Great Pyramid: Why was it built) ، ثم تبعة في دراسة هذا العلم الفلكي الاسكتلاندي بيزي سميث (Piazzi Smith) وطور نظريتة في عام ١٨٦٤ م ، وفي عام ١٨٦٥ م اكمل العالم الهرمي روبرت منزز( Robert Menzies) القواعد الاساسية لهذا العلم حسبما ورد في كتاب الانسان والخرافة والخيال ، وفي الولايات المتحدة الامريكية انتشرت علوم الهرم علي يد جوزف سيس عندما أصدر كتابة معجزة علي الحجر(Miracle in Stone ) في عام ١٨٧٨ م الذي لاقي انتشارا واسع في جميع الاوساط الامريكية ، والمحطة التالية المهمة في تاريخ علوم الهرم كانت من نصيب المهندس الميكانيكي السير وليم بتري ( William Flinders Petrie) عندما نشر كتابة الاهرامات ومعابد الجيزة (The Pyramids and Temples of Gizeh) في عام ١٨٨٣ م ، بعد قيامة يزيارة لمصر اجري خلالها العديد من الدراسات والابحاث في هضبة الجيزة .
ورغم ما لاقتة الاهرامات وسائر آثار مصر وماتزال من اهتمام ودراسات وبحوث من قبل العلماء الغربيين والاجانب ، إلا ان المصريون الان يتعاملون مع ألاثار المصرية علي أنها مجرد مقابر للفرجة ومصدر لدخل السياحي فقط لاغير ، في حين ان علماء الغرب ينشطون في البحث والتنقيب عن الاسرار والخفايا العلمية لتلك الاثار ، فهناك اكثر من ٧٠ عالما وباحثا من مختلف انحاء العالم يبحثون في العلوم والاسرار التي استخدمها القدماء المصريين في بناء حضارتهم ، منهم ٢٧ علما روسيا برئاسة عالم المصريات الروسي ديمتري بافلوف ، وهناك ٢٥ عالم من اوروبا في مختلف التخصصات العلمية ، بالإضافة الي ١٥ عالما امريكيا ، وجميع هؤلاء العلماء والباحثين يجمعهم مؤتمر دوليا بالتناوب بين القاهرة وموسكو بعنوان " هندسة فينسلر واستكمال نظرية النسبية " .
ومن العجيب المحزن ان علماء مصر انفسهم لم يكن عندهم ادني معرفة بانعقاد هكذا مؤتمر إلا بالصدفة البحتة كما اوضح ذلك العالم المصري اخصائي النظرية النسبية وعلوم الكون د. ممدوح ونيس ، عندما اكتشف بمحض الصدفة خبر علي موقع روسي مفادة ان هناك ٢٥ عالما روسيا عقدوا ورشة عمل بجانب هرم خوفو عا 2006 م لاكتشاف اسرار المصريين القدماء , والورشة الثانية كانت العام الماضي ، كان هذا قبل الثورة المصرية التي ازاحت النظام البائد الذي اهمل العلم والعلماء وافقر اساتذة الجامعات والمعاهد والمراكز البحثية ، مما حجبهم عن المشاركة في المؤتمرات العلمية والندوات الثقافية العالمية .
أما الان وبعد نجاح ثورة اللوتس المصرية السلمية ، يأمل علماء مصر وباحثيها في ان تولي الدولة اهتماما اكبر بالعلم وبالمراكز البحثية وتعتني أكثر بالعلماء والباحثين وأساتذة الجامعات ، حتي تستطيع مصر التواصل علميا مع العالم وتواكب الجديد من العلوم في شتي المجالات ، وهناك العديد من المشاريع العلمية الواعدة تجري الان علي ارض مصر نذكر منها علي سبيل المثال مشروع مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا الذي يتبناة العالم الكيميائي الحائز علي جائزة نوبل د. احمد زويل ، وهناك ايضا الجمعية المصرية لعلوم وابحاث الاهرام والاعلام الصحي المعروفة بشمس النيل والتي تضم العديد من العلماء والقيادات العلمية التي تحظي بالتقدير والاحترام الاقليمي والدولي ورئيسها الفخري العالم د. حامد رشدي القاضي الاسبق لهيئة الطاقة الذرية .
ان علماء مصر وباحثيها يتمنوا ان تكون هناك ثورة علمية حقيقية في أعقاب الثورة المصرية ، وأن يسطر التاريخ عن ثورة 25 يناير المجيدة بأنها دعمت العلم و شجعت العلماء وكانت دافعا لنهضة علمية علي ارض مصر ، بالإضافة الي تأسيسها لمجتمع مدني حضاري مبني علي الديمقراطية والحرية , حتي تكون نموذج يحتذي بة في منطقة الشرق الاوسط .