الشعب المصري بين الواقع والمأمول
محمد حسين حسن
عضو نقابة المحامين المصرية
هناك مقولة شعبية تقول أن "العدد في الليمون" وهذه المقولة تطلق عادة على الأشياء كثيرة العدد قليلة الإنتاج, وهو ما كان موجود ويتمتع به الشعب المصري وصدقت بالفعل هذه المقولة فيه خلال حكم الرئيس المخلوع "مبارك" الذي لطالما تحدث عن مشكلة الزيادة السكانية وعن تحديد النسل لتوفير فرص عمل والقضاء على البطالة واستطاع أن يختصر كل المشاكل الموجودة في المجتمع وجعل هذه المشكلة هي الأولى والأخيرة والمسئولة عن المفاسد التي وصل إليها حال البلد وتغاضي النظر عن مشاكل أكثر خطورة وكأن مشكلة الزيادة السكانية هي التي سوف تعصف بالمجتمع المصري وتلقي به إلى الهاوية.
على الرغم من وجود مثل حي كان من الممكن الاستفادة منه مثل الصين وهي الدولة ذات المليار ونصف المليار نسمة تقريبا وكيف استطاعت أن تتقدم بين دول العالم في جميع المجالات دون أن يكون هناك تأثير سلبي من العدد الهائل من البشر فاستطاعت أن تتقدم في التعليم والصحة والصناعة.
أما مصر فحدث ولا حرج من تخلف ومرض وسرقة وبطالة وتقهقر بين الدول, ومحاولة الهاء الشعب عن طريق لعبة كرة القدم وغسيل أموال ومخدرات وتزاوج المال والسلطة وغيره من المفاسد, مع أن الفرق بين البلدين في التعداد شاسع ولكن الفرق أن بلداً كالصين لديها من الإخلاص والتفاني في العمل ما يجعها في مقدمة الأمم.
وبالفعل نجح النظام الفاسد على مدار 30 عاماً في أهدافه واستطاع أن يجعل من المجتمع المصري مجتمعاً هشًا غير قادرة على الوقوف أو حتى محاول التقدم بين الأمم, ولا نلوم النسبة الأكبر من المجتمع المصري في ذلك التراجع - على الرغم من وجود بعض الأخطاء لدي فئة كبيرة من الشعب نفسه ولكننا لا نلومه عليها – نتيجة للقمع والتعذيب الذي تعرض له, فمعظم المشاكل الموجود بل كلها من صنع النظام المخلوع وهو المسئول عن ما وصل إليه الشارع المصري من فساد ورشوة ومحسوبية وبلطجة واحتقان طائفي خطير, لأنه هو رب البيت "وإذا كان رب البيت للدف ضارب.. فما شيمة أهل الدار سوى الرقص" فسبب هذه المشاكل هو الراعي والمسئول الأول عن ما وصل إليه اغلب أفراد الشعب من جهل وتسرع وهى بالفعل مشاكل تمثل صعوبة وتحدي خطير للثورة المصرية.
وهو ما دفع أنصاف المتعلمين والعلمانيين للتحدث عن تأجيل الانتخابات البرلمانية وعن أن الشعب المصري حاليا بما لديه من ثقافة وفكر غير قادر على ممارسة الحياة الديمقراطية نتيجة لوجود اختلافات فكرية وعقائدية مذهبية وانتشار البلطجة والسرقة والفتنة الطائفية في بعض الأحيان.
ويري البعض من أنصار التيارات الإسلامية وأصحاب الفكر المعتدل أن من يقول هذا الكلام يحاول الالتفاف على إرادة الشعب الذي خرج عن بكرة أبيه يوم 19 مارس 2011 لتعديل مواد الدستور على الرغم من ما أثارته هذه التعديلات في وقتها من جدل بين القوي السياسية المختلفة ومع ذلك خرج وبنسبة 77.2% ل"نعم" مقابل 22.8% لكلمة "لا" .
مع هذا يحاول أنصار الفكر العلماني التأثير على الشعب الواعي من خلال الإعلام المأجور من بعض المنظمات الدولية والأمريكية محاولة منهم في التأثير على أفراد الشعب, وإظهار المشاكل والسلبيات بشكل مبالغ فيه لكي يتم التأثير على أفراد الشعب المصري دون النظر عن أسباب انتشار مثل هذه السلبيات الموجود في المجتمع ومحاولة حلها.
وبالفعل الوضع الحالي يشير إلى أن هذه المنظمات استطاعت أن تنجح في التأثير على نسبة ليست بالقليلة من أفراد الشعب المصري العادي ولا نلوم هؤلاء ولا نقول عليهم أنهم من فلول النظام أو ما شبه ذلك ولكنهم أفراد عاديين منهم المخدوع من الإعلام المأجور ومنهم من يتم الكذب عليه من المضللين المعادين لهذا البلد من الغربيين, أو من الممكن أن يكون نتيجة سلبية مأخوذة من التجارب التاريخية السابقة ما بعد الانقلاب العسكري ضد النظام الملكي وان هذا لم يكن سوي صراع على السلطة ولم يتغير أي شيء في واقع المجتمع فقط تغير الأشخاص ولم يتغير النظام ولا بنية النظام.
والذي لا يعلمه هؤلاء العلمانيين أن الشعب المصري واعي بالفطرة ويستطيع التمييز بين الخبيث والطيب وهو ما ظهر فعلا خلال الثورة المباركة واتحاد فئات الشعب كافة تحت شعار
"عيش – حرية – كرامة إنسانية" الذي اجتمع عليه الشعب المصري على قلب رجل واحد حتى يتحرر من الظلم والجهل والتخلف واثبت الشعب المصري العظيم انه بالفعل قادر على التغيير وانتصر في معركة استرداد الكرامة الإنسانية المفقودة, وواجه الطغاة بصدور عارية حتى أخر قطرة دم.
فيجب علينا أن نواجه هؤلاء العلمانيين والغربيين لكي نخرج من النفق المظلم إلى نور المستقبل ونحاول استثمار الايجابيات والبعد عن السلبيات, ومن خلال ذلك نستطيع التطور والتقدم ونستفيد من علمائنا ومفكرينا العظماء الطيور المهاجرة خارج الوطن كما تفعل الدول المتقدمة.
ومن أهم العناصر الذي يستطيع أن يوجه كل هذا هو الإعلام بكافة أنواعه وأيضا دور علماء الدين من أرشاد وتوعية للشباب بالتالي يظهر المعدن الحقيقي للشعب المصري وأيضا يصبح لدينا القدرة على التطور والرقي في مختلف المجالات.