ثورة سواعد الشباب

ثورة سواعد الشباب ..

واصبر لحكم ربك ..فإنك بأعيننا

معاذ السراج

مسائل مهمة في ثورة الشباب أصبحت محسومة لا تنتظر قرارا أو دعما أو موقفا من أحد ...لقد تخطت الثورة نقطة اللاعودة في استقرارها على الأرض وتحولها من حلم جميل الى حقيقة واقعة بحجمها واتساعها وتنظيمها واعلامها ومطالبها ورؤاها وأساليبها وتكتيكاتها بل وحتى أدبياتها التي تفنن المحتجون من خلالها في ايصال كلماتهم عبر الأشعار والأهازيج والنكات وحتى المسرحيات ...كل هذا يتم تحت  أزيز الرصاص وغدر المجرمين ...كما تخطت الثورة حاجز الأمن والجيش والشبيحة وامتصت بصبر واقتدار الحملات الأمنية الظالمة واستمدت منها مناعة وقوة ومطاولة جعلت الكثيرين من ضباط الجيش والأمن يعيدون النظر في مواقفهم وبعضهم انضم الى صفوف الثوار.. وبالبراعة ذاتها حافظت الثورة على سلميتها ونظافتها ولم تستجر الى تخريب أو إفساد أو حمل للسلاح ,بل وفوتت الفرصة على النظام لإشعال حرب أهلية أو فتنة داخلية وكسبت بذلك تعاطف الجماهير وتلاحمهم وهو ما يفسر تزايد الأعداد حتى تجاوزت حاجز المليونين أو أكثر في مجمل المناطق وهي الى ذلك في ازدياد يومي ...ماذا نقول أكثر ...هل نتحدث عن إفشال مناورات النظام فيما أسماه بالإصلاح أو العفو أو الحوار وما شاكل ..أم نتحدث عن خطابات الرئيس التي تبخرت وانمحى أثرها قبل أن يرجع صداها ..أم نتحدث عن المواقف العربية والدولية وغيرها مما عبر المتظاهرون عن استهجانه وإدانته بأساليب شتى ..وفوق هذا لم يغفلوا عن شكر من أسدى اليهم معروفا أو وقف الى جانبهم ...كل هذا وأكثر منه قامت به وقدمته ثورة شباب سوريا العتيدة...معتمدة على الله عز وجل ثم على سواعد أبنائها شبابا وشابات آباء وأمهات ..وحتى الأطفال لم يبخلوا على ثورتهم بشئ فكان لهم نصيب وافر في قوافل الشهداء وجموع المتظاهرين ...
صورة مشرقة لثورة السوريين أيقظت الكثيرين من سباتهم وجعلت الفجر البعيد يوشك أن يطلع علينا من قريب قريب ...وما كان بالأمس أضغاث أحلام ها هو اليوم رؤيا صادقة ستجيء بإذن الله مثل فلق الصبح ...صورتان متقابلتان ...نظام بال مترنح يسير حثيثا الى حفرته التي ستغيبه الى مزابل التاريخ ...ومولود آذن مخاضه فهو يوشك أن يطلع بفجر جديد ومستقبل مشرق وضاء ...
واهم من يظن أن الشعوب تصنع مستقبلها بأيدي الآخرين أو تستمد وقود ثورتها من عطايا المحسنين أو تستجدي المواقف من المشفقين أو الحاقدين أو الحاسدين ..الشعوب تصنع مستقبلها بأيدي أبنائها و تعمد ثوراتها بدماء شهدائها.. تضع قدمها الراسخة على الأرض و ترفع رأسها شامخاً في أعالي السماء ... ربوع الشآم بروج العلى .. تحاكي السماء بعالي السنا .. و أرض زهت بالنفوس الوضا .. سماءُ لعمرك أو كالسما ..
إن الموقف الذي يصدر عن هذه الجهة أو تلك سواءُ كان نصرةً أو تأييداً أو حتى إشادةً إنما يعبر عن صدقية من صدر عنه هذا الموقف و انسجامه مع مبادئه و أخلاقه و يحسب له ساعة تكون للمواقف قيمتها التاريخية و الإنسانية و تذكر لأصحابها حين يعز الرجال..
نعم إننا نفرح و نستبشر بمواقف الآخرين ممن وقفوا إلى جانب ثورة سوريا و أيدوها و ناصروها بأي شكل من أشكال التأييد و المناصرة و لا ننسى الفضل لأحد من أهل الفضل حسب ما علمنا ديننا و تربت عليه نفوسنا .. لكننا في الوقت نفسه على قناعةٍ و يقين بأن ثورة شباب سوريا مكلوءةُ بعناية الله و منصورةُ بإذن الله بسواعد أبنائها و دماء شهدائها و صبر شيبها و شبابها .. و إن غذاً لناظره قريب .. هكذا علمنا التاريخ و هكذا يصنع التاريخ ..