من يقتلع هذا الوتد المهتز

من يقتلع هذا الوتد المهتز؟!

حسام مقلد *

[email protected]

من صفات الوتد الرسوخ والثبات والاستقرار والعمق وليس الزعزعة والاضطراب والخفة والسطحية، وقد صف الدكتور يحيى الجمل نفسه بالوتد وهو يتحدى معارضيه على الهواء مباشرة بأن يقيله أحد من منصب نائب رئيس الوزراء، وهو المنصب الذي وضعه فيه مبارك في حكومة ما قبل الخلع برئاسة الدكتور أحمد شفيق حيث عين الجمل نائبا له، واستمر في ذات المنصب في حكومة الدكتور عصام شرف دون أن  يعرف مصري واحد حتى الآن ما طبيعة وحدود مسؤولياته التنفيذية بالتحديد؟! 

ومن يتأمل السمات النفسية للدكتور يحيى الجمل مع احترامنا لشخصه يجد أنها تبعد كثيرا عن صفات الوتد، ففي كلام الرجل ـ على كبر سنه وطول تجربته ـ خفة وتسرع غريب، ويظهر ذلك في أسلوب خطابه ومفرداته المستخدمة حتى وهو يتكلم عن الله سبحانه وتعالى جل شأنه وتقدست أسماؤه؛ حيث نراه يستخدم عبارات متهكمة وأسلوب سمج لا يليق مطلقا بالحديث عن الذات الإلهية، كما نراه يسخر من منتقديه، ويصفهم بأنهم من أصحاب "العقول الضلمة" وبأن كلامهم "روث بهائم" بل وصل الأمر لدرجة وصفهم بأنهم قد يكونوا عملاء لدول أجنية!! ولم أكن أتوقع أبدا أن يصدر ذلك الأسلوب البغيض المعيب عن حدَثٍ غرٍّ فضل عن شيخ في مثل عمر وتدنا المهتز!!

ولا نعلم على وجه الدقة حقيقة أهداف الدكتور يحيى الجمل (الوتد) وغاياته السامية التي يريد أن يحققها لمصر بعد الثورة!! وبكل تأكيد هناك سر خطير يجعل الوتد يقاتل بكل هذه الشراسة من أجله!! لكن السؤال المحير فعلا: ما الذي يجعله مطمئنا هكذا رغم كل ما يأتي به من غرائب واستفزازات؟! بعبارة أوضح: ما الظهر الذي يستند عليه  يحي الجمل ويجعله يعاند غالبية الشعب المصري ويستفزهم بتصريحاته بكل هذا الصلف والغرور؟! حتى وصل الأمر لأن يصرح بأن المجلس العسكري الحاكم يحق له التراجع عن نتيجة الاستفتاء، ليس هذا وحسب بل أعلن أن المجلس العسكري وافق على تأجيل موعد الانتخابات على عكس إرادة غالبية المصريين، وهو ما نفاه لاحقا المتحدث الرسمي باسم المجلس العسكري!! فما الذي يصبرهم على الرجل طويلا هكذا رغم كل هذا الإحراج الذي يسببه لهم كلما تكلم أو أدلى بأي تصريح؟!

 

أزعم أن الغالبية العظمى من أبناء الشعب المصري يتفقون مع ما يراه  الدكتور الجمل  من أن "الدولة الدينية" بالمعنى الثيوقراطي أخطر على مصر من الدولة البوليسية القمعية، لكن من الذي قال إن الغالبية في مصر تريد وضع دستور لدولة دينية بهذا المعنى الكهنوتي الذي لا وجود له في الإسلام أصلا؟! إن أسوأ ما يحدث في مصر بعد الثورة هو أن يقود أحد المسؤولين فيها حملة تشكيك وتخوين لضمائر المصريين ونواياهم، بل ويمارس استفزاز مشاعرهم الدينية والوطنية بشكل ممنهج على هذا النحو الذي نرى عليه الوتد يحيى الجمل وكأنه ينتشي بإثارة الفتن والاضطرابات في صفوف الشعب المصري تارة بالاستهتار في الحديث عن الله عز وجل، وأخرى بالاستماتة في الدعوة لتأجيل الانتخابات تحت ذريعة الدستور أولا، وثالثة ببث الأخبار المختلقة وترويج الإشاعات غير الصحيحة التي يسارع إلى تكذيبها ونفيها رسميا أمام كافة وسائل الإعلام متحدثون رسميون باسم المجلس العسكري!!

لعلنا نعي أن أخطر شيء على مصر الآن ـ أخطر من فلول النظام ومن الثورة المضادة ومن المؤامرات الداخلية والخارجية على ثورتنا المباركة ـ هو سعي هذا الوتد وملؤُه ومناصروه للالتفاف على إرادة الشعب المصري والقفز على نتيجة أول استفتاء خاضوه وعبروا فيه عن رغبتهم بملء حريتهم!!

ولا ندري لمصلحة من ترك هذا الوتد الطائش يزعزع النفوس ويفسد الأجواء كلها، ويربك كل من حوله بظهوره الإعلامي المتكرر غير المرحب به شعبيا، وتصريحاته المستفزة وعباراته العنجهية، ورفضه العنيد لنتيجة الاستفتاء ورغبته المستميتة في الانقضاض عليه؟! فهل هو رجل فوق الحكومة وفوق السلطة وفوق المجلس العسكري وفوق الشعب المصري كله ؟!! أم هو وتد مهتز انتهى عمره الافتراضي في وظيفته، وآن أوان استبداله بوتد حقيقي يكون عامل استقرار لمصر وشعبها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا؟!!

                

 * كاتب إسلامي مصري