المسجد ... آن له أن يأخذ دوره
ثامر سباعنه - فلسطين
في ظل الحال الذي تعيشه امتنا الاسلاميه من انحراف و تراجع في قيمها واخلاقها ، و التخلف الذي تحياه في كافة الميادين العلمية والتربوية والاقتصادية والتجارية ، في ظل كل هذا أصبح لابد للمسجد أن يأخذ دوره في قيادة ألامه نحو التغيير والبناء ، لابد للمسجد من العودة إلى الريادة فهو منبع الدين والأخلاق وهو الذي نرجع إليه لاكتشاف أو استنباط أو الاستضاءة لكل ما تظلم علينا فيه الحياة ، نحن ندرك قيمة وأهمية المسجد من سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام فإن أول أعماله في المدينة المنورة وقت الهجرة هو بناء مسجد قباء ، ليكون المسجد مقر الدولة ومركز توجيه المسلمين نحو حياتهم الدينية والحياتية والسياسية ،لم يقتصر دور المسجد على الركوع والسجود وقراءة القرآن الكريم ، بل كان جامعه للانشطه والفعاليات العبا دية والاجتماعية ويسهم في كافة مجالات الحياة ،من المؤكد إن للمسجد دوره وفوائده التي فعلها الرسول محمد عليه الصلاة والسلام ومنها : التواصل والتعارف و التكافل والتفاهم وشحن العواطف وزرع الحب والتآلف وسلامة الصدور ، تخرج منه الجيوش ، تستقبل فيه الوفود ، وتناقش فيه قضايا ألامه .
دور المسجد في الدولة :
· الدور الديني :لا يخفى على احد الدور الديني الذي يلعبه المسجد ، بل ان البعض يضع المسجد فقط ضمن البعد والدور الديني ويقتصر دوره على هذا !! ، لقد كان المسجد منذ بدء الدولة الاسلامية زمن الرسول عليه الصلاة والسلام مقر التعليم والتلقي الديني لعامة المسلمين ، حيث كان يتم فيه توضيح الامور الشرعيه وإعلان الأحكام الشرعية . وقد قال تعالى( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال *رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار *ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله )
· بناء الجيل والتنشئة :
· التربية الروحية ، و هي أهم شيء يجب أن نفهمه من المسجد، أن التربية هي قدوة وكذلك الأب إذا قال لأبنائه صلوا وهو لايذهب إلى المسجد فلم يقتدوا به ولن
يذهبوا إلى المسجد إذا كان الطالب يحفظ ويجد من محفظه التلاوة الصحيحة التي تخرج الحروف من مخارجها الصحيحة ويطبق أحكام التجويد سهل عليه عند ذلك أن يقرآ قراءة صحيحة المسجد من نعم الله العظيمة التي جعلها على هذه الأمة وهو منبر من منابر الخير ومنطلق من منطلقات المعرفة والنور يرتقى بالأرواح المسجد تجده يجمع الأخيار وفي المسجد يتعاطف المسلمون ويتراحمون ويتصدقون
ويتناصحون ويتواصلون كل ذالك من رساله المسجد ومما يحققه في المجتمع وتماسكه .
· تبني قضايا الامه : المسجد بمفهومه الشامل المتعمق، وهو مفهوم غائب عن كثير من أبناء أمتنا, المسجد الذي يمثل نقطة التقاء الأمة وتوحيدها والمظهر العملي لوحدتها, ولذلك كان أول أعمال أستاذ الإنسانية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو بناء مسجد للمسلمين في قباء في أيامه الأولى التي أمضاها في المدينة, وبعد انتقاله من قباء إلى المدينة كان أول أعماله كذلك بناء مسجده صلى الله عليه وسلم, وحمل أحجاره بيديه الكريمتين فكان المسجد النبوي مدرسة الدعوة الإسلامية الأولى، ودار الدولة الإسلامية الكبرى, وكان المدرسة والجامعة ومقر مجلس الشورى, وعقد الرايات, وتجهيز الجيوش, وإدارة شؤون الأمة صغيرها وكبيرها،
· حل المشاكل الاجتماعية للمجتمع، فمن خلال المسجد والذي لايكاد يخلو حي منه يتلاقى الناس وهل الحي ، ويتداولون مشاكلهم واخبارهم ، ويتبادلون المعلومات والحلول لمشاكلهم ، وقد حاز امام المسجد مكانه مهمه وحساسة في المجتمع
· تعلم مهارات التواصل الفعال والدعوة الى الله ، فيتعلمون كيف يجذبون الناس وأقاربهم وأصحابهم ، ويتعلمون طرق التعامل مع الناس من خلال اسلوب الدعوة وطريقة النصيحة ، فنتيجة لتواجد الناس في المسجد خلال اداء الصلوات او للاستماع للدروس والخطب يتولد نوع من التواصل بين مرتادي المسجد وينتج عنها علاقات اجتماعيه مختلفه.
· الصحبة الصالح ، فالصحبة السيئة هي التي تبعد عن المساجد وهي التي ترمي الشباب الى الرذيلة ، لذلك المسجد ومن خلال التعارف بين الشباب ومن يماثلهم في السن والثقافه والبيئة ، فالارواح جنود مجنده ، ولا ننسى هنا من السبعه الذين يظلهم الله في ظله يوم القيامه رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، وكيف لا تنشأ هذه الصحبة في المسجد
· ايجاد القدوة:
· التعلم : قام المسجد بدوره التعليمي منذ أيامه الأولى، وحث رسول الله على هذا الدور العلمي
لقوله صلى الله عليه وسلم: « من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيراً أو يعلمه كان كأجر حاج
تاماً حجه » أخرجه الطبراني,
وهذا المقصد التعليمي أوضحه وبيَّنه صلى الله عليه وسلم في حديثه ليفرق بينه وبين البعد الشعائري من إقامة الصلوات في المساجد.
ولم يقتصر الدور التعليمي للمسجد على الرجال بل نافست عليه النساء، لما أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي سعيد
الخدري رضي الله عنه قال: قالت النساء للنبي: " غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوماً من نفسك, فوعدهن يوماً لقيهن فيه فوعظهن وأمرهن
" . وفتح المسجد صدره للمرأة تشهد دروس العلم ليتأكد حق المرأة في تحصيل العلم ومشاركة الرجل
في الحياة, وقد أُعجبت السيدة عائشة أم المؤمنين بإقبال الأنصاريات على العلم فقالت: " نعم النساء نساء الأنصار، لم يمنعهن الحياء من أن يتفقهن في الدين
" .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرف على حلقات العلم التي كانت تنتشر في أرجاء المسجد النبوي الشريف، خاصة في بواكير الصباح حيث حدث عبدالله بن عمرو بن
العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ بمجلسين أحدهما فيه دعاء وإقبال على الله والآخر فيه علم, فأقرَّهما وقعد في مجلس العلم, وشجع رسول الله صلى الله عليه
وسلم استخدام الوسائل المتاحة آنذاك لتوضيح المعاني والدروس سواء كانت بصرية أو سمعية, ومن أمثلة ذلك ما رواه ابن مسعود بقوله: خطَّ لنا رسول الله خطاً بيده ثم
قال: « هذا
سبيل الله مستقيماً » وخط عن
يمينه وشماله ثم قال: « هذه السبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه »
ثم قرأ { وَأَنَّ
هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ
}
· التواصل الاجتماعي ، يرى النشء في المسجد من يؤمهم ويصلي بهم ويقرأ القرآن قراءه صحيحة والنشء يرون في المسجد اجتماع المسلمين وائتلاف قلوبهم وفي المسجد
يفقد
الغائب عن الجماعة فلو رأيت مسجداً من مساجد المسلمين يجتمع فيه جماعه ثم غاب أحدهم لافتقدوه قالوا: أين هو؟ وعلموا فإن كان مريضا زاروه وإن كان غائباً دعوا له بالحفظ والعود ة سالماً وإلى غير ذلك فالمسجد يحقق وظائف للنشء غير عادية سواء كانت هذه الوظيفة التربوية بإتخاذا القدوة، ممن يلاقونهم ويجدونهم أو كان ذلك عن طريقة التعليم والتوجيه في المسجد في حلق الذكر في المسجد أو حلق الحفظ ويجتمع الأخيار في المسجد يتناصح المسلمون يوجهون الناشئة ويعلمونهم لذلك الرسول صلى الله عليه وسلم
يقول "مروا أولادكم بالصلاة لسبع" فهو بن سبع سنين يؤمر بالصلاة لماذا
لأنه يجد في مجيئه إلى المسجد للصلاة مع المسلمين ما يكون زادا له
روحياً وفكرياً وبدنيا ويقوده إلى الامتثال إلى غير ذلك.
· للمسجد دور ترفيهي ، للمسجد دور تربوي ترفيهي فمن ذلك ما رواة أبو هريرة رضي الله عنه قال بينما كان الحبشة يلعبون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بسرابهم
فدخل عمر بن الخطاب فأهوى إلى الحصباء فحصبهم بها فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم دعهم يا عمر .
إن ضعف دور المسجد هو انعكاس لضعف الأمة الإسلامية، ولن تكون الصحوة الإسلامية إلا عندما يقوم المسجد بدوره الشامل ويرتقي بأساليبه ووسائله التربوية والتعليمية بما يتناسب مع احتياجات العصر ومقتضياته، ليصبح قلب الحياة الإسلامية من جديد.