فلنفتح صفحةً جديدة

هنادي الشيخ نجيب

[email protected]

هذه المرّة، لن أنقلَ لكم شبابنا قصة معنويّة، ثم أحلّل رموزها وأقتبسُ منها إشراقة نورٍ على طريق الأملٍ بغدٍ أفضل...

إشراقتنا هذه المرّة من صنع إرادتكم، أبرقت من وهج عزائمكم، وفتحت لنا صفحة بيضاء جديدة عنوانها: عامٌ خيّر بكم أنتم...

إنها زخّات من التغيير أمطرت بسخاء في أمسيةٍ أُريد فيها أن يوقّّع الشباب على آخر سطر من كتابِ عامهم بحبر المعصية ومداد الطغيان...

لكنهم – بفضل الله – انتبهوا، ثمّ نظروا حولهم، فوجدوا أنّ تيار الانحياز المادي قد استعلى في الأرض واستطال، والناس يتقحّمون فيه من غير تفكير، يحترقون في تنّوره، بينما تتبخّر أرواحهم قطراتٍ سوداء تبحث في جوّ السّماء عن نفخة الحياة...

إنهم شبابٌ وعوا حقيقةَ وجودهم، واستشرفوا نهاية طريقهم... عرفوا أن كلّ واحدٍ منهم يسير إلى ربّه منذ وُلِد، يوشك أن يصل... فأرادوا أن يستأنفوا مسيرتهم ويستقبلوا وليدهم (أي العام الجديد) بأذانٍ يعظّم الله تعالى ويدوّي في أرجاء المعمورة: أن الله أكبر وأمجد، وأنّا إياه نعبدُ، وله نصلي ونسجد، وإليه نسعى في حياتنا ونحفِد.

نعم، لقد أطلق عشرات الآلاف من الشباب حملاتٍ "توعية – دعوية" على مواقع الشبكة العنكبوتية، ومن خلال رسائل الجوال وغيرها من الوسائط التواصلية، تشجّع الناس على استقبال السنة الجديدة بصلاةٍ وذكرٍ وتلاوةٍ ودعاء... وتحثهم على الابتعاد عن موطن الفتن والمعاصي رجاء أن تحمل الرزمانة القادمةُ مناسبات عزّ وريادة، واحتفالات نصرٍ وسيادة، وبشرياتُ فتح وتمكين...

وقد لاقت هذه الحملات تجاوباً كبيراً بين صفوف الشباب، حيث شاركوا بحماس وانفعال إيجابيين، وعبّروا عن استعدادهم لإحياء ما يسمى بليلة رأس السنة ساجدين لله تعالى، طالبين مغفرته ورضوانه، راجين التوفيق والسداد والهدى والرشاد والعصمة من الفساد... مستغربين حالة الفرح المطغي والنشوةِ المسكِرة التي يغرق فيها العالم في تلك الليلة...

ولم لا نعجبُ من موجةِ سعادةٍ مزيّفة تهدّد قصور الأحلام التي بنيت على شواطئ الغفلة والجهل!!

بل كيف يفرحُ من يومه يهدم شبره، ومن شهره يهدم سنته، ومن سنته تهدم عمره؟! وكيف ينتشي من تقوده أعوامه إلى أجلِهِ، وتسوقه حياته إلى موته ثمّ إلى لقاء ربّه؟!

بورك في عزائمكم شبابنا، وبورك للأمةِ بكم جيل الصحوةِ والتغيير...

وإلى الباحثين عن السعادة الحقيقية في مستهلّ صفحة جديدة، أختم بإشراقةٍ نورانية من كلام الإمام ابن قيم الجوزية، تصلح أن تكون شعارنا لهذا العام، حيث يقول:

(بين العبد وين السعادةِ والفلاح: قوة عزيمة، وصبر ساعة، وشجاعة نفس، وثبات قلب).

                

* من سلسلة "إشراقة غدي" – مجلة غدي الشبابية – لبنان.