البذرة... الخارقة
هنادي الشيخ نجيب
كلُّ الطّلاب عندما كانوا في مرحلةِ الدراسة الأولى خاضوا تجربةً بدائيةً، تتوافق مع إمكاناتهم الذهنية والمادية، بهدف اكتشاف عناصر النمّو السليم، ولأجل معرفة الظروف المساهمة في استخراج الطاقات الكامنةِ في كلّ "صغير"، وذلك من خلال زراعةِ حبةِ فولٍ أو عدسٍ أو قمح...
كَلُّهم رعى البذرةَ، وسعى لتأمين الأجواء المناسبة لها...
كلُّهم تعهّدها واجتهد في توفير أسباب بقائها ونمائها من التربةِ والماء والضوءِ والحرارة...
وكلُّهم تفاجأ عندما رأى نباتاًَ فارع الطول يخرجُ من "قلب" تلك الحبة الصغيرة... أين كان؟ وكيف خرج؟
تحيّروا آنذاك – عندما كانوا أطفالاً -، لكنهم اليوم وبعد أن صاروا شباباً وشابّاتٍ أصبحوا على قناعةٍ تامةٍ بأن كلّ واحدٍ منهم يشبه تلك البذرة من جهةِ حاجتهم إلى ظروف خاصة لاستنبات قدراتهم وحسن توظيفها...
نعم... فكلُّ واحدٍ منهم يحتاج إلى:
· التربة... وهي العائلة الحاضنة، المُحِبّة، المستوعبة، الراعية، المربيّة والناقلة لعناصر القوةِ والنماء...
· الماء... باعثُ الحياةِ في الجمادات... لتتوفّر نضارةً ونشاطاً وتخرجَ من كهفِ السكونِ إلى بستان الحركة والفاعلية...
إنه غذاء الرُّوح التي تسمو بمعرفة خالقها، وترتفع باجتهادها في العبادةِ لتتقرّب إليه، وتحيا بالتزامها بأمره لتحظى بحبه ورضاه...
· الهواء... وهي البيئة الخالية من الشوائب الأخلاقية... والمحيط النقيّ البعيد عن إثارة الشبهات والشهوات...
· الضوء... وهو العلم... كشّافُ الحقائق... مُنير العقول... هادي القلوب... منادةُ الحقِ على دروب الخير...
· الحرارةُ... في دفء العواطف الإنسانية والعلاقات الاجتماعية... في جمرةِ الطموح وجذوةِ العزيمة...
في الحرقةِ على المستقبل والحرصِ على تحقيق الأحلام... في فورةِ الإقدام وثورة الهِمَم...
تلكَ هي أسباب استخراج طاقاتِ الشباب...
وهذه هي الأجواءِ التي علينا أن نعمل جميعاً لتأمينها... لضمان نموّ شبابنا مُستويَ الفكرةِ، ممتلئ الثقة، وارف الإنجازات...
ولأن وقت البذار يحلّ في كل المواسم... يبقى أن نستجمع آليات الحصاد، لنستمتع بمحصولٍ طيبٍ وافر...
* من سلسلة "إشراقة غدي" – مجلة غدي الشبابية – لبنان.