معا لاسترداد الإكليل الذهبي للقائد صلاح الدين الأيوبي

شمس الدين العجلاني

معا لاسترداد الإكليل الذهبي

للقائد صلاح الدين الأيوبي

شمس الدين العجلاني

[email protected]

تعاريف  :

صلاح الدين الأيوبي : هو القائد الملك الناصر أبو المظفر يوسف بن أيوب (1138 - 1193م)، مؤسس الدولة الأيوبية في مصر والشام، امتد سلطانه إلى شمال العراق وإلى بلاد اليمن. اشتهر في التاريخ بلقب صلاح الدين الأيوبي ، حرر مدينه القدس يوم 2 تشرين الأول عام  1187 م  من أفضل من عرفهم التاريخ وشهد بأخلاقه و عظمته أعداؤه قبل أصدقائه. ذاع صيته في أوروبا كمحارب شهم كريم الأخلاق أبي النفس، مثقف يحب العلم ويشجع العلماء، عمر المساجد وأصلح الري و بنى القلاع  والأسوار ، مات و توفي بدمشق . 

 عبد الحميد : هو عبد الحميد بن عبد المجيد الأول السلطان الرابع والثلاثون من سلاطين الدولة العثمانية، وآخر من أمتلك سلطة فعلية منهم (1842 م- 1918) أظهر روحا إصلاحية ، يعرفه البعض، بـ(اولو خاقان) أي ("الملك العظيم") يعتبره كثير من المسلمين آخر خليفة فعلي للمسلمين لما كان له من علو الهمة للقضايا الإسلامية و ما قام به من مشروع سكة حديد الحجاز التي كانت تربط المدينة المنورة بدمشق ، و المساجد ، و المدارس ... التي أقامها في البلاد،  وكثير من العرب والمسلمين يقدّرونه لأنه خسر عرشه في سبيل أرض فلسطين التي رفض بيعها لزعماء الحركة الصهيونية.

غليوم الثاني : هو الإمبراطور الألماني فيلهلم الثاني (بالألمانية: Wilhelm II). ( 1859 – 1941 ) أول قائد غربي دخل دمشق سلما . جمع بين لقب ملك بروسيا ولقب الإمبراطور الألماني ، حاول أن ينافس الدول الأوروبية فزار بلاد الخلافة العثمانية، و عقد معاهدة مع روسيا ... تحالف معه السلطان عبد الحميد الثاني، و لزيارة  اسطنبول و دمشق والقدس.. لبى الإمبراطور الدعوة سنة 1889. كان رجلاً متعدد المواهب وصف بأنه «جنرال وأميرال ورسام وموسيقار وراصد فلكي ومتنبئ فلكي ...».

لورنس العرب: هو الكولونيل توماس إدوارد (1888- 1935) ضابط استخبارات بريطاني اشتهر بدوره في مساعدة القوات العربية خلال الثورة العربية عام 1916 ضد الإمبراطورية العثمانية عن طريق انخراطه في حياة العرب الثوار إلى جانب شخصيات عربية مرموقة مثل الشريف حسين بن علي وأولاده الأمير فيصل وأخيه الشريف عليّ، الذين قادوا الثورة ضد السلطنة العثمانية وعرف وقتها بلورنس العرب. كتب لورنس سيرته الذاتية في كتاب حمل اسم  "أعمدة الحكمة السبعة " دخل أول مره إلى سوريه عام 1909 و في العام التالي عمل في التنقيب عن الآثار فيها ، و في الأول من تشرين الأول من عام 1918 دخل دمشق بعد انتصار قوات الشريف حسين المتحالفة مع القوات البريطانية  على العثمانيين . 

المكان و الزمان :

المكان : دمشق حي الكلاسه ، المدرسة العزيزية قرب الجامع الأموي ضريح القائد صلاح الدين الأيوبي .

التاريخ : صباح يوم  الثلاثاء الواقع في 8 تشرين الثاني من عام 1898 م . 

الإكليل :

بناء على دعوة من السلطان العثماني عبد الحميد الثاني وصل إلى دمشق مساء يوم الاثنين في السابع من تشرين الثاني من عام 1898 م الإمبراطور الألماني غليوم الثاني و زوجته  الإمبراطورة أوغوستا فكتوريا في زيارة رسمية إلى دمشق تستغرق يومين يطلعان خلالها على معالم دمشق الحضارية .

وكان في استقبال الإمبراطور الألماني في محطة البرامكة والي دمشق ناظم باشا و الوزراء و أهالي دمشق كبيرهم و صغيرهم . و أقام غليوم وزوجته في سراي العسكرية ( و كانت تسمى أيضا دار المشيرية و هي الآن قصر العدل ) وهي من أشهر الأبنية الحكومية في دمشق و أقدمها ، وتقع في الجنوب من المدينة ، قرب قلعة دمشق  .

قام الإمبراطور في اليوم التالي " الثلاثاء 8 تشرين الثاني "  بزيارة الجامع الأموي و قاعة عبد الله بك العظم ، و جامع نور الدين ، و ضريح صلاح الدين الأيوبي ، و جامع السنانية ، و عدد من الكنائس ، و محل حنانيا الرسول ، و الصالحية ، و بعض ضواحي المدينة.

بعد زيارة الجامع الأموي قام بزيارة ضريح صلاح الدين الأيوبي اعترافا منه بعظمة هذا البطل و قام بإهداء السلطان عبد الحميد ضريحا من المرمر في غاية الروعة و الجمال و هو موجود حتى الآن بقرب الضريح الخشبي الأصلي للبطل الأيوبي . و وضع  إكليلاً من الذهب على ضريح صلاح الدين وبقي موجود إلى بداية العشرينات من القرن الماضي حيث سرقة لورنس العرب حين دخل دمشق مع الأمير فيصل .؟                                 

لقد أحب غليوم الثاني دمشق و عظمتها و كبريائها و أبطالها و قال جملته المشهورة قبل مغادرته دمشق و كررها مرتين : " ما على الأرض أجمل من دمشق ".                   

 أراد الإمبراطور غليوم الثاني تقدير هذا البطل العظيم  صلاح الدين الايوبي الذي حرر القدس من الصليبيين ، واعترافا منه بأعماله الكبيرة وسياساته العسكرية وجهاده في تحرير بلاده وطرد الغزاة ...فقام بوضع إكليل ذهبي احضره معه من ألمانيا على ضريح الايوبي بعد أن كُتب عليه بالألمانية ( غليوم الثاني قيصر ألمانيا وملك بروسيا تذكاراً للبطل السلطان صلاح الدين الأيوبي )  و قيل انه كتب عليه : "فارس بلا خوف ولا ملامة علّم خصومه طريق الفروسية الصحيح". و في نفس اليوم ألقى الإمبراطور غليوم الثاني خطابا بدمشق تحدث فيه عن القائد صلاح الدين الأيوبي قال فيه : ( أراني مبتهجاً من صميم فؤادي عندما أفتكر بأنني في مدينة عاش بها من كان أعظم أبطال الملوك الغابرة بأسرها الشهم الذي تعالى قدره بتعليم أعدائه كيف تكون الشهامة ألا وهو المجاهد الباسل السلطان الكبير صلاح الدين الأيوبي... ) .

السرقة :

دخلت القوات البريطانية بقياده الجنرال اللنبي مدينة دمشق بصحبة الأمير فيصل بن الحسين الذي تولى قيادة الجيش العربي في 2 تشرين الأول عام 1918 م ،  اثر اندحار الجيش العثماني ، و كان برفقة الأمير فيصل المدعو لورانس العرب ، و أول ما فعله لورنس بعد دخوله دمشق زيارة ضريح صلاح الدين.؟ و لكن لم تكن غايته من هذه الزيارة كغاية الإمبراطور الألماني .؟ لتقديم الاحترام لهذا القائد الكبير ، بل كانت لغاية أخرى .؟ ألا و هي سرقة الإكليل الذهبي الذي وضعه غليوم الثاني على ضريح صلاح الدين .؟  و هذا الإكليل موجود الآن في متحف الحرب الإمبراطورية في لندن ضمن مقتنيات المدعو لورنس العرب .؟ !

لقد قام المدعو " لورنس العرب " بانتزاع هذا الإكليل الذهبي و أخذه معه إلى لندن ، و في يوم من الأيام أراد إهدائه إلى متحف الحرب الإمبراطورية في لندن ، و هذا المتحف يضم مجموعه كبيره من مقتنيات الحرب العالمية الأولى و الثانية من معدات وأدوات عسكريه وأرشيف للصور الفوتوغرافية وأرشيف للتسجيلات الصوتية للاتصالات والتجسس خلال حروب الإمبراطورية البريطانية ،و هو أشبه بموسوعة كبيره  تجول بها لمعرفة الماضي  .تم افتتاحه في عام 1995م من قبل السير روبرت كروفورد بموقعه الحالي حيث كان بالسابق في قصر الكريستال وتم تأسيسه في عام 1917 م وتم إعادة تحديثه في عام 1953م ، وبرز المتحف في عام 2005م كرمز وثائقي هام للماضي ، خاصة عندما أقيم فيه معرض تاريخي هام عام 2006 م  عن مقتنيات و مسروقات " لورنس العرب "  .

تقدم " لورنس العرب " إلى المسؤول عن المعرض يقدم له مجموعه من مقتنياته منها ما هو مسروق و منها ما هو مهدى إليه من الأعيان العرب ... فطلب القيم على المعرض أن يقدم لورنس كتابا يشرح فيه من أين حصل على الإكليل الذهبي .؟ فما كان منه إلا أن ذكر حقيقة هذا الإكليل و انه أخذه " سرقه " من فوق قبر صلاح الدين .؟ و ذكر سبب فعلته ب  : "  لأن صلاح الدين لم يعد بحاجة إليه..!»

هذه قصة سرقه واحده ، قام بها المستعمر .. قد لا تكون عند البعض بذات أهمية .. و قد يقول قائل ، لقد سرق و قتل و صادر المحتل بشتى أشكاله و أنواعه كل شيء .. البشر و الحجر أنقف عند إكليل ذهبي .؟ حكاية سرقه الآثار من قبل المستعمر حكاية طويلة قد نبدأها و لكن لا نعلم متى ستنتهي .؟ تصوروا معي المسلات الفرعونية تعرض في أهم العواصم الأوربية ، حجر الرشيد أين هو .؟ و القائمة تطول . و لكن أن نشعل شمعة خير من لعن الظلام ، و امة لا تعرف تاريخها لا يمكن لها بناء مستقبلها . و نحن أمه لها تاريخها الطويل العريض الضارب جذوره في أعماق الحضارة . نقول استردوا الإكليل الذهبي الذي أهداه الإمبراطور الألماني غليوم الثاني لضريح القائد الكبير و العظيم صلاح الدين الأيوبي . و للحديث صلة .