ندوة اليوم السابع صرح ثقافي مقدسي
جميل السلحوت
في شهر اذار 1991 تنادى عشرات الكتاب والمثقفين المقدسيين لعقد ندوة ثقافية دورية اسبوعية في المسرح الوطني الفلسطيني – الحكواتي سابقا – في القدس الشريف، يتحاورون ويتبادلون في الشأن الثقافي المحلي والعربي والعالمي. واستقر رأيهم ان يناقشوا كتابا يختارونه، ويحددون موعدا لمناقشته، وتعطى الأولوية في الحديث لمن كتب عن الكتاب، ثم يجري نقاش عام يشارك فيه من يريد من الحضور، واشتراط الكتابة هنا من اجل تشجيع الحركة النقدية ومحاولة تفعيلها، ومن اجل النشر والتوثيق في الصحافة المحلية والعربية والألكترونية .
وقد صدر عن الندوة اربعة كتب توثيقية لما يجري في الندوة هي :(يبوس)و(ايلياء) و (قراءات في نماذج لأدب الاطفال) و(في أدب الطفل) ولو توفرت الامكانيات المادية لصدرت خمسة كتب اخرى .
وتتعدى فعاليات وجلسات قراءة الكتب الى حضور المسرحيات التي تعرض في المسرح الوطني ومناقشتها مع المخرج والممثلين والكتابة عنها، وكذلك بالنسبة للأفلام السينمائية الوثائقية .
واذا كان الهدف الرئيس للندوة هو تجميع الكتاب والمثقفين المقدسيين من اجل النهوض بالثقافة العربية في القدس، فإن حضور الندوة حتى نهاية اذار
1993 أيّ بداية اغلاق القدس ومحاصرتها وعزلها عن محيطها الفلسطيني وامتدادها العربي لم يقتصر على المقدسييين فقط، حيث كان يحضرها أدباء ومثقفون من بقية أجزاء الضفة الغربية امثال الشاعرة الكبيرة المرحومة فدوى طوقان، والشاعر الدكتور المرحوم عبد اللطيف عقل، والروائي المرحوم عزت الغزاوي، والدكتور محمود العطشان، والدكتور المرحوم عيسى ابو شمسية،والروائي احمد رفيق عوض، والشاعر المتوكل طه ، والدكتور ابراهيم العلم وآخرون .وذات ندوة حضرها الأديب خالد جمعة والشاعر عثمان حسين من قطاع غزة.
كما ان عددا من المبدعين الفلسطينيين في الداخل الفلسطيني حضروا الندوة، وتمت نقاشات بعض نتاجاتهم الابداعية امثال:الشاعر القاص طه محمد علي، الأديب سلمان ناطور، الكاتب مفيد مهنا، رياض مصاروة،راجي بطحيش،رجاء بكرية، عرين مصاروة وآخرون.
ومن اهداف الندوة ايضا هو الأخذ بأيدي المواهب الابداعية الشبابية، حيث يستمع الحضور لابداعاتهم ويقيمونها ويوجهون اصحابها نحو الرقي الابداعي .
ومن اللافت للانتباه ان الندوة قد تمأسست، وتكاد تكون الندوة الثقافية المُمأسسة الوحيدة على الساحة الفلسطينية، بل على الساحة العربية، حيث انها مستمرة بشكل اسبوعي دوري دون انقطاع، ودون دعم من أيّ أحد، ويحرص الكتاب والمثقفون المقدسيون الفلسطينيون على حضورها بدافع ذاتي، لايمانهم بأن كل فرد فيها سيستفيد بتنمية قدراته الثقافية والابداعية، حتى ان البعض يترك عمله من اجل حضور الندوة امثال الدكتور الشاعر وائل ابو عرفة، فالبرغم من انه يعمل في اكثر من مستشفى وله عيادته الطبية الخاصة، الا انه يغلق عيادته في ساعات انعقاد الندوة.
غير أنه من المؤسف ان بعض المحررين للصفحات الثقافية في صحفنا المحلية لا يعطون الندوة حقها في نشر مداولاتها واخبارها الثقافية، وهذا ما نتمنى على رؤساء التحرير ان يتلافوه لما للثقافة من دور قد يفوق دور السياسة .
ويكفي الندوة انها تقوم بالتعريف على النتاجات الثقافية المحلية فور صدورها، وكثير من الأدباء يدركون اهمية الندوة في هذا المجال، وهم يقومون مشكورين بتزويد الندوة باصداراتهم فور صدورها، من اجل مناقشتها والكتابة عنها، كما ان الكثيرين من المخرجين المسرحيين يعرضون (بروفاتهم) الأخيرة امام رواد الندوة، ويستمعون الى ملاحظاتهم وانتقاداتهم قبل ان يعرضوها اأمام الجمهور، وكثير من الكتاب والادباء المقدسيين يعرضون ابداعاتهم على عدد من رواد الندوة ليعطوا ملاحظاتهم عليها قبل نشرها، ويعدلون ويصححون ابداعاتهم بناء على ذلك،وسبق للندوة أن ناقشت عشرات كتب الأطفال المترجمة عن الأدب الاسكندنافي والتي وزعتها مؤسسة دياكونيا السويدية على تلاميذ المدارس في فلسطين وبعض الدول العربية.