رجال حول فلسطين

عبد العزيز كحيل

[email protected]

إنّهم رجال أصحاب مبادئ ومواقف يلتفّون بكلّ قوّة حول قضيّة فلسطين، يذودون عنها ويعرّفون بها ويعّبئون الطاقات من أجلها، يجدر بالأمّة أن تعرفهم وتبارك سعيهم، لا أعني السيّاسيّين والمرابطين ورموز المقاومة المعروفين – والّذين هم عمدة القضيّة وحرّاسها وإنّما أشير إلى علماء ودعاة وإعلاميّين وكتّاب وسيّاسيّين منهم أجانب لهم حضور قويّ في الوقوف في وجه الاحتلال الصهيوني.

1. علماء الدّين: يمكن اعتبار الشيخ يوسف القرضاوي قائد المقاومة الفلسطينيّة، فقد أمضى حياته – ومنذ شبابه الأوّل يخطب من أجل فلسطين ويكتب ويحاضر ويحضر الملتقيات والمؤتمرات المختلفة ويؤسّس هيئات الإغاثة كائتلاف الخير، ويفتي لصالح القضيّة وضدّ خصومها، دخل السّجن من أجلها وهو طالب وعودي في أكثر من موقع رسميّ، وتواصى اليهود باغتيّاله واعتبره غلاة العلمانيّين العرب (كشاكر النابلسي) من فقهاء الإرهاب لهذا السّبب.

ومن الوجوه الفلسطينيّة البارزة نذكر الشيخين عكرمة صبري وتيسير التميمي اللّذين كانا دائماً بالمرصاد للمستوطنين اليهود وجنود الاحتلال في الأقصى المبارك، يقودان الجموع للدّفاع عن المسجد المبارك ومنع تدنيسه، وكم أصابهما الأذى في سبيل ذلك، وهما شيخان فاضلان من أبرز خطباء القدس ومفتيها ، بالإضافة إلى الخطّاب في منابر الأقصى لتثبيت المسلمين وتذكيرهم بحق أولى القبلتين عليهم.

2. الدّعاة: تحتلّ جماعة الإخوان المسلمين مكان الصّدارة في خدمة القضيّة الفلسطينيّة، وقد كان مؤسّسها الإمام الشهيد حسن البنا – رحمه الله من أوّل الناس انتباهاً لخطر الاستيطان اليهودي،كتب في ذلك وخطب ثمّ أرسل كتائب الإخوان إلى ساحة القتال، وربّما ذلك الّذي كلّفه حياته، فقد أكّد العارفون أن قضيّة فلسطين هي الّتي عجّلت باغتياله، وهذه القضيّة عند الإخوان مسألة دين وعقيدة، لذلك تجدهم ينظّمون المسيرات والاعتصامات والمهرجانات ويجمعون لها التّبرّعات ويسيّرون قوافل الإغاثة في معظم البلاد العربيّة وفي الدوّل الغربيّة.

أمّا الحركة الإسلاميّة في الدّاخل الفلسطيني (أراضي 48 كما تسمّى)، فهي رائدة في الالتفاف حول القدس الشريف والأقصى المبارك، يقودها الرّجل الصّابر المثابر الواعي الشيخ رائد صلاح – وله من اسمه نصيب أيّ نصيب ونائبه الأستاذ كمال الخطيب، وهما يوميّاً في وجه الاحتلال الصّهيوني ومع العائلات المستهدفة بالتهجير لإثبات أن فلسطين لن تموت ولن تنسى مادام هناك إسلام ومسلمون، ثابتون رغم السجن والإبعاد والتهديد المستمرّ .

3. الإعلاميون والكتّاب: على كثرة من يكتبون لأجل فلسطين في الجرائد والمواقع الإلكترونية ويظهرون في الفضائيّات المختلفة يمكن أن نفرد بالذّكر وجوهاً بارزة لها مكانة خاصّة في هذا المجال، وعلى رأسهم ياسر الزعاترة وإبراهيم الحمامي منير شفيق وعبد الباري عطوان.

عندما تقرأ لهؤلاء أو تستمع إليهم تخال أنّك أمام جنود في ميدان المواجهة وقادة فكر على درجة عاليّة من الإيمان بقضيّتهم، لا يحملون أقلاماً فحسب بل سياطاً توقظ وتلهب وتفحم، فلسطين هي شغلهم الشاغل، يدافعون عن المقاومة يخرسون شانئيها ويفضحون المتواطئين مع العدوّ الصّهيونيّ ويبعثون رسائل الأمل والثّبات إلى الجماهير الفلسطينيّة في الضفّة والقطاع، هم سند أطفال الحجارة والمعتصمين في حي سلوان والشيخ جراح والملاحقين من طرف أجهزة الجنرال دايتن والمحاصرين في غزّة من طرف الأنظمة العربيّة، أقلامهم أسلحة فتّاكة وكلماتهم قذائف مباركة وتحليلاتهم كلّها وعي وبصيرة وعمق.

4. السيّاسيّون الأجانب: صدق الله العظيم القائل: " وإن تتولّوا يستبدل قوماً غيركم "، فعندنا توليّ حكّام العرب وانهزموا نفسيا وروحيا وميدانيا واختاروا المناصب مع الذّلّ والتّخابر مع العدو والتّعاون مع الصّهاينة ضدّ الشّعب الفلسطينيّ المظلوم لفظتهم الأمّة وكفرت بهم واتّخذتهم سخريّاً، قيّض الله رجالاً من غير العرب ومن غير المسلمين أحيانا يتبنّون القضيّة العادلة يرافعون عنها في المحافل بكلّ قوّة، وعلى رأس هؤلاء رجب طيّب أردوغان وجورج غلاوي.

وقف رئيس الوزراء التّركيّ من الكيان الصّهيوني موقفاً صلباً بعد الحرب على غزّة ، موقف لا يمكن أبداً أن يجرأ عليه واحد من الزّعماء العرب، ورفع نبرة خطابه وأعلن مواقف في غاية الشجاعة جلبت له تقدير الأمّة العربية والإسلامية وزادت بها شعبيته في تركيا، وتمادى في صلابته أمام الصّهاينة رغم علمه بمدى قدرتهم على إيذائه لكنّه غلّب المبادئ على المصالح حتّى رأى فيه الكثيرون نسخةً من السّلطان محمّد الفاتح.

أمّا النائب الانجليزي فقد قاد القوافل لكسر الحصار عن القطاع المحاصر ولقيّ من عنت حكّام مصر ما يعلمه كلّ النّاس لكنّه مثابر في مساعيه، كما أنّه يجوب بلاد الغرب يحاضر ويعقد النّدوات الصحفيّة للتّعريف بحقيقة القضيّة الفلسطينيّة عامّةً وحصار غزّة الظالم خاصّةً والدّعوة إلى كسره وفضح العدوان الصّهيونيّ.

فعل هذا وأكثر، بينما لم يقم أمين الجامعة العربيّة بعشر معشار هذه الخطوّات ولا فكّر في زيّارة غزّة ولا التّنديد بإجراءات العدوّ الصهيوني ضدّها.

هكذا لا تخلو الساحة من رجال أفذاذ – ومن نساء أيضا على الحق ظاهرين لعدوّهم قاهرين لا يضرّهم المخالف ولا المعاند حتى يأتي نصر الله ، فلنعرفهم ولنعرّف بهم ولندع الله لهم بالتوفيق والثبات.