أمريكا... ملاك
م. هشام نجار
إخوتي اخواتي
لا شك ان الكثير منكم شاهد الفلم الكوميدي "حماتي ملاك " بطولة نجمة الكوميديا الراحله ماري منيب , هذه الفنانه الرائعه التي تخصصت بإجادة دور الحماة والدة الزوجه القويه المتسلطه على زوج إبنتها والذي يحاول بكل ما أوتي من حكمه وهدوء ان يكسب ودها بكل الطرق الدبلوماسيه الا انه يعجزعن إرضائها, والأمر الغريب ان الزوجة لاتشتكي من زوجها بل على العكس فكلما كان الزوجان في حالة سمن وعسل تتدخل الحماة لتفسد عليهما ساعة الصفاء والهناء, وبالرغم من إستنكار الزوجه لتدّخل والدتها الا انها لا تستطيع إيقاف هجوم الست والدتها
ولكن ماهي العلاقه بين عنوان الفلم "حماتي ملاك" وعنوان مقالتنا "امريكا ملاك"؟
اعزائي القراء هناك تشابه كبير بين المضمونين وقانون التشابه الرياضي يؤكد على هذه العلاقه, كيف؟ لنفرض ان الكونجرس الأمريكي يمثل دور الحماة صانعة المشاكل والزوجه تمثل دولة ارمينيا والزوج يمثل دولة تركيا
ولنبدأ القصه من اولها
منذ اربعة ايام إستوقفني الخبر التالي
أقرت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الامريكي قراراً يعتمد عبارة الإبادة لوصف المجازر التي لحقت بالارمن على حد وصف لجنة الشؤون الخارجية وتبنى ٢٢ من أصل ٢٣ عضواً في اللجنة القرار الذي يتحدث عن ابادة الارمن" في عهد السلطنة العثمانية بين ١٩١٥ و١٩٢٣ ويدعو القرار الى استخدام كلمة الابادة لوصف "التصفية المنهجية والمتعمدة لمليون ونصف مليون أرمني
إذن الحماة الأمريكيه بدأت بالتحرك لإثارة فتنه بين دولتين في وقت بدا للمجتمع الدولي نجاحهما في تجاوز خلافاتهما والشروع في تطبيع العلاقات بين شعبي الدولتين
اعزائي اقراء
استطيع ان افهم تحرك الحماة الأمريكيه في حالة تأجج الخلاف بينهما على مبدأ المثل القائل : إذا كان المركب غارقآ فزد عليه رفسه تساعد على إغراقه. ولكن مركب ارمينيا وتركيا تجاوز مرحلة العواصف وبدأ يقترب من شط الأمان وكان لزامآ على الحماة الأمريكيه ان تساعد الربان على الرسو آمنآ , ولكنها لم تفعل بل على العكس فلقد اشعلت نار الفتنه من جديد
امريكا لم تُثبت ولو لمره واحده انها داعية سلام حقيقي وليس سلامآ اعرج يصب في مصلحتها فقط كما تريده ولم تُثبت ولو لمره واحده انها مع تقارب الدول بعيدآ عن سيطرتها ,وارمينيا وتركيا اكبر مثال على ذلك
اعزائي القراء إن ما يسمى بمجزرة الأرمن في آوائل القرن الماضي كان وراءها اصلآ الدول الأوربيه حيث كان جُل إهتمام هذه الدول تفكيك دولة الخلافه , فاعتمدوا كعادتهم على تشجيع الأقليات بالإنفصال عن الدوله الأم, كان يومها في دولة الخلافه ثلاث اقليات هامه الأولى الأقليه اليونانيه والثانيه الأرمنيه والثالثه الكرديه, وكما يحصل اليوم في شمال العراق وجنوب السودان من مؤامرات امريكيه صهيونيه وما يخطط له في مصر ولبنان وغيرها من الدول العربيه بغية إضعافها وتفكيكها هو بالضبط ما حصل في تركيا بالأمس بين عامي ١٩١٥ و١٩٢٣ والفرق ان دولة الخلافه العثمانيه تصرفت بحزم مع الأقليه الأرمنيه دفاعآ عن وحدة تراب أرضها, ففشلت مؤامرة الدول الأوروبيه وتفرقت بالأقليه الأرمنيه السبل ,ففريق قضى نحبه وفريق سلك طريق الهجره الى دول عديده منها سوريا ولبنان حيث عاشوا فيهما عيشة كريمة
هذه هي اصل المؤامره واليوم تتقمص امريكا مدفوعة من دولة الصهاينه دور فرنسا وإنكلترا قبل تسعين عامآ خلت لتأجيج النار من جديد بعد ان هدأ إوارها بحكمة قيادة الدولتين رئيس ارمينيا سيرج ساركسيان ورئيس وزراء تركيا طيب رجب اوردوغان
إخوتي اخواتي
كان على الحماة الأمريكيه ان تستحي من فعلتها وهي تطعن تركيا الدوله التي دافعت عنها ايام الحرب البارده والساخنه في كوريا وحتى يوم قريب
كان على الحماة الأمريكيه ان تستحي وهي التي شردت بالأمس القريب خمسة ملايين عراقي بريئ من وطنهم
كان على الحماة الأمريكيه ان تستحي وهي تتفرج بالأمس القريب وبصمت مطلق على مذابح الصهاينه في غزه لستمائة طفل ومثلهم من النساء والرجال
وإذا سردتُ لكم غدر هذه الحماة بالأزواج والزوجات الآخرين لإحتجتُ إلى مجلدات لتدوينها
اعزائي للقراء
في افلام الحماة العربيه ينتصر الزوجان على تسلطها ويعيشان بهناء وثبات ويخلِّفوا صبيان وبنات. فهل تنجح الدول العربيه والإسلاميه من وقف تسلط الحماة الأمريكيه ومعها الحماة الصهيونيه ومنعهما من بث الفرقه بين شعوبها؟
مع الأسف الجواب ليس عند الشعوب, فاسألوا الحكام
مع تحياتي