صفحات مجهولة من تاريخ الرقة
صفحات مجهولة من تاريخ الرقة:
سلمان المرشد
التاريخ يكتبه الغالبون أما المغلوبون فيكتبون تاريخهم بالألم والشقاء, وسيمر وقت غير قليل حتى تعاد كتابة التاريخ بموضوعية وعلم, وتضاء المناطق المجهولة و المعتمة.
سيحتفل المرشديون في سورية في الخامس و السادس و السابع و العشرين من شهر آب بعيدهم الخاص. و أبناء الرقة يجهلون كون سلمان أمضى سنتين منفيا إليها, إبان الانتداب الفرنسي على بلادنا.
لم تكن هنالك جسور على النهر و كان الناس يستقلون العبـّارات مع بضائعهم, فقد عبر سلمان النهر ليستقل في بيت العجيلي, الذين, بمعرفتهم, اسكنوه بدار شواخ الحبيب كما ورد في كتاب شعاع قبل الفجر الذي حققه محمد جمال باروت, نقلا عن لسان الدكتور عبد السلام العجيلي رحمه الله, وإن كان سلمان قد تردد كثيرا على مضافة العجيلي بعد ذلك بيت محمد نظيف, وليس في.
كان محمد نظيف موظفا في بلدية الرقة, و سمّي نظيفا لحسن هندامه وأناقته, وكانت قد ربيت عنده طفلة أرمينية شردت إبان محنة الأرمن, اختير لها اسم جميلة, بدلا من اسمها الحقيقي الذي فقدته كما فقدت ذويها.
ترعرعت الطفلة ونضجت و كأن القدر ساقها و ساق سلمان ليلتقيا في الرقة.
تزوج سلمان من جميلة, و أثمر زواجهما بولادة صبية أسماها زينب, لكن سلمان كان يتحين الفرصة للعودة من حيث أتى, ليكمل بناء مذهبه الذي سيدعو عشيرته الغسانية إليه.
في وقت آخر عبر النهر إلى الرقة هاربا رجل آخر سيكون خصما عنيدا لسلمان وسيرسله في ما بعد إلى حبل الإعدام انه سعد الله الجابري الذي سيصبح رئيسا للوزراء, و قد سخر هذا الأخير وسائل الإعلام المحلية و العربية " المصرية بشكل خاص" ليكتب لسلمان تاريخا ليس بتاريخه الحقيقي, و ليعمم نظرة لدى العوام يصعب إلى اليوم تغييرها و تعديلها:
عن تعاونه مع الفرنسيين و تآمره لتقسيم البلاد إلى ادعائه الربوبية!!
وقد سقطت تلك التهم في محاكمة سياسية لم يكن من مهماتها إجلاء الحقيقة بقدر ما كان الإعدام هدفا سياسيا لإزاحة سلمان عن طريق خصومه و كان لهم ذلك.
نعود إلى الرقة
بعد سنتين يحمل سلمان فتاته عائدا بها إلى قومه تاركا جميلة لقدرها, و حين أيقنت تلك أن لا عودة لسلمان فقد تزوجت من رجل رقاوي و أنجبت منه أولادا ما زال بعضهم على قيد الحياة, أما هي فقد توفيت عن عمر مديد.
وكان لزينب موعد مع الموت أيضا, حيث أصيبت بطلق ناري شق طريقه إليها خطأ ليضع حدا لحياتها.
ليست مهمـّة هذه المقالة مناقشة صواب رؤية سلمان و سداد أفكاره, إنما لهذه المقالة, هدف تاريخي, فهو لا يطلق أحكام وجوب بقدر ما يقرر حكم وجود, لأن وجود جماعة, من الناس ليست بالقليلة, تعتقد بتعاليم سلمان, و هي ليست مستعدة للتخلي عما تعتقد, يجعلنا نقبل هذا بغير إقصاء أو استئصال, بل باحترام تنوع مجتمعنا و غناه, ضمن مشروع وطني ديمقراطي يتسع للجميع, في وطن الجميع, دون تغوّل و فئوية وطغيان, , ودون لعب بأفكار الناس, مشيا على المثل القائل: اللعب بالنار و لا اللعب بالأفكار, و أن من يحاسب الناس على أفكارهم هو خالق الناس لا مخلوقاته, طالما أنهم لا يتربصون ولا يستعدون و لا يفرقون, تحت سلطة القضاء و القانون.
في النهاية أتقدم إلى المرشديين بتهاني الحارة سلفا.