إنهم يقتلون الأطفال

أحمد محمود القاسم

الكاتب والباحث/ أحمد محمود القاسم

[email protected]

معروف للعرب والفلسطينيون خاصة، منذ  تاريخ تاسيس دولة الأحتلال الأسرائيلي في العام 1948م وحتى يومنا هذا، ان سجل هذا الكيان الصهيوني التاريخي، مليء بالمجازر الوحشية ضد الأنسانية، فهم، اضافة الى قتلهم للأطفال بطريقة وحشية وبدم بارد، فانهم يقتلون النساء، والنساء الحوامل والشيوخ والرجال الطاعنين بالسن بدون شفقة او رحمة، كما يقتلون المدنيين، ويتخذون منهم دروع بشرية، وهم بذلك يتفوقون على النازية بكل شيء، ويدعون بانهم هم ضحية النازية، حيث تم حرقهم بما عرف ب(الهولوكوست)، ولكنهم مع هذا، يمارسون ما يدعون انه طبق عليهم بالكامل، على ابناء الشعب الفلسطيني، بل انهم تفوقوا على النازية، باستعمالهم ادوات للقتل، الأكثر  تفوقا من ادوات ومعدات واسلحة النازية كالقنابل الفوسفورية المستعمل بها الزئبق الأحمر والأبيض والقنابل العنقودية وخلافه.

ما دفعني لكتابة هذا المقال، الأحتجاج الأسرائيلي المقدم من قبل الحكومة الأسرائيلية للحكومة التركية، ضد مسلسل تركي يدعى (الوداع)، تم عرضه ببعض القنوات التلفزيونية التركية، ويصور حالات عديدة لقتل الجنود الصهاينة للأطفال والنساء الفلسطينيون في غزوهم الأخير لقطاع غزة، وقتلهم لأكثر من 350 طفل فلسطيني، وجرحهم لعشرات والمئات منهم بدم بارد، وبدون رحمة او شفقة، بأسلحة محرمة دوليا، وقد جاء عليها تقرير جولدستون بالكامل وبكل تفاصيلها، مما يفضح حقيقة الكيان الصهيوني ووحشيته ضد الأطفال والنساء والمدنيين بشكل عام، وكأن اسرائيل تقدم على هذه الأعمال للمرة الأولى، وهي تعتقد ان جرائمها ضد الأطفال والمدنيين، قد نسيها العالم، ومنظمات حقوق الأنسان الدولية ومحبي الأنسانية.

وعزا بيان لوزارة الخارجية الأسرائيلة هذا الاحتجاج، بدعوى أن هذا المسلسل، الذي يصور الحرب على قطاع غزة، يشكل تحريضا ضد إسرائيل "على مستوى خطير جدا"، وان دولة الأحتلال لا يمكنها ان تقوم بمثل هذه الأعمال الوحشية.

وقال وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان الأرهابي المعروف، في بيان له إن "مثل هذاالمسلسل، الذي ليس له أدنى علاقة مع الواقع، حيث يعرض جنودا إسرائيليين في صورة قتلة الأطفال الفلسطينيين الأبرياء، ليس مناسبا بثه حتى في بلد عدو، وبالتأكيد ليس في دولة تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل".يظهر ان الصهاينة نسوا مقتل الطفل الفلسطيني محمد الدرة وهو يحتمي بوالده ويجلس في حضنه، وهذا المشهد المثير، اهتز له العالم الحر من اقصاه الى اقصاه، وفضح طبيعة الحركة الصهيونية الوحشية، وعندما لم يستطع الصهاينة الدفاع عن موقفهم من مقتل محمد الدرة، ادعوا بان محمد الدرة، هو طفل يهودي والفلسطينيون هم من قتلوه.

تاريخ اسرائيل الصهيونية والعنصرية، مليء بالجرائم الوحشية، والتي تعتبر جرائم حرب ضد الأنسانية، على ايدي منظماتهم الأرهابية، كمنظمة شتيرن والهجناة ضد ابناء الشعب الفلسطيني المدنيين منهم، وخاصة النساء والأطفال والشيوخ والعجزة، فمجزرة كفر قاسم ودير ياسين وقبية وباب الواد  والعشرات من المجازر الصهيونية ضد الآمنين من المواطنين في القرى الفلسطينية، معروفة لشعبنا الفلسطيني، ولأمتنا العربية من المحيط الى الخليج، والكثير من دول العالم تعلم بها جيدا.

كما ان مجزرة مدرسة بحر البقر في جمهورية مصر العربية، والتي قتل فيها المئات من الأطفال المصريين الطلبة الآمنين، خير شاهد على جرائمهم ضد الأطفال، وكذلك جريمتهم البشعة والنكراء ضد اطفال بلدة قانا اللبنانية، والذين كانوا يحتمون بملجأ للأمم المتحدة في الجنوب اللبناني، وتم قتلهم مع سبق الاصرار، وكذلك مجزرة مخيمي صبرا وشاتيلا بقيادة مجرم الحرب شارون والتي راح ضحيتها الآلاف من سكان المخيم الآمنين ومعظمهم من الأطفال والنساء، فأفعال الصهاينة موثقة ويعرفها الجميع من ابناء شعبنا العربي في كل مكان وخاصة شعبنا الفلسطيني، وهي لا تحتاج الى دليل او برهان، لكونها ظاهرة وواضحة كالشمس، ومثبتة في سجلات هيئات الأمم المتحدة.

عندما قدم جولدستون تقريره المتعلق بجرائم الصهاينة ضد الأنسانية في قطاع غزة، ثار اليهود الصهاينة، واحتجوا بعنف، واعتبروا تقريره منحازا وظالما، ولا يعبر عن اجرام ووحشية الكيان الصهيوني، مع ان كل كلمة في التقرير، جاءت موثقة وبكل دقة، وعليها اثباتات دامغة، كما ان لجنة التحقيق الدولية برئاسة جولدستون معروفة بالمهنية والحيادية المطلقة، ومشهود لها بالكفاءة وعدم التحيز ضد أحد.

ان يعرض مسلسل تركي على احد القنوات التلفزيونية التركية، يبين جرائم الصهاينة، ضد الفلسطينيين واطفالهم الأبرياء، يثير الأسرائيليون وقادتهم، ويثير حفيظتهم ويجعلهم يصولون ويجولون مهددين ومتوعدين، لأنهم تحت الحماية الأمريكية، وحماية بعض الدول الأوروبية المؤيدة لهم دوما، ومعهم قلبا وقالبا على السراء والضراء، نتيجة للموقف العربي الضعيف والمتخاذل والجبان، اما قتلهم للأطفال الأبرياء وللنساء والشيوخ، لا يهز بهم قيد أنملة من الأحساس بالأجرام والوحشية.

لماذا لم تبادر التلفزيونات العربية، لشراء المسلسل التركي هذا (الوداع)، ودبلجته عربيا وعرضه بكل الفضائيات العربية من المحيط الى الخليج، كما فعلت مع مسلسل مهند ونور؟؟؟؟؟؟ وغيرها من المسلسلات التركية والتي لا تهم شعبنا الفلسطيني ولا العربي بشيء، خاصة ان الموقف الأسرائيلي اصبح مفضوحا وعاريا تماما الآن وأمام الجميع، ولم  تعد الكثير من الدول، الخوف من الخوض في جرائم اسرائيل النازية، بعد ان طفح الكيل، وهزت صور الجرائم التي ارتكبها الصهاينة في غزة الشجر والحجر، وبني البشر، وحتى اليهود انفسهم من يملك حدا ادنى من الشعور والضمير الأنساني، بعد نشر تقرير جولدستون عن جرائم الصهاينة في حربهم على غزة.

لا اعرف السبب من اثارة اليهود الصهاينة من عرض المسلسل التركي؟؟؟ ولم يثاروا من الموقف العملي لجنودهم وضباطهم من قتل الأطفال الفلسطينيين في جرائمهم العنصرية، منذ اكثر من واحد وستين عاما من احتلالهم لفلسطين وسيطرتهم على شعبها الباسل، وقيام دولتهم النازية والعنصرية؟؟؟ حقيقة، اعجبني المثل المصري عن فرعون مصر، عندما سالوه، لماذا تفرعنت يا فرعون؟؟؟؟؟؟ فاجابهم لأنني لم اجد من يردعني.

الموقف العربي الرسمي، اصبح لايسمع ولا يرى ولا يحس، والا لكان تحرك بجدية وبارادة قوية، ليدينوا الغزاة الصهاينة، ويقفوا في وجههم سدا منيعا، ويجعلوهم يعودون الى رشدهم ووعيهم وصوابهم، من اجل تطبيق قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالسلام وبالقضية الفلسطينية، عن طريق الضغط عليهم وعلى حماتهم من الدول الظالمة والمجحفة بحق العدالة الأنسانية. ولكن كما يقول الشاعر:

لقد اسمعت لو ناديت حيا                ولكن لا حياة لمن تنادي