ما بعد الحرب على غزة !!
محمود المنير
مدير تحرير جريدة الحركة/الكويت
وضعت الحرب الثالثة على غزة أوزارها ، وخرجت المقاومة رابحة بكل المقاييس والمعايير ، وليس هذا تخرصاً أو تماهياً وإنما قراءة لواقع مدعوم بحقائق الميدان والصمود الأسطوري والأداء منقطع النظير الذي أظهرت المقاومة في معركة العصف المأكول ، ولن أتطرق إلى النتائج الآنية العاجلة وإن كانت ظاهرة للعيان ولعل من أهمها :
- تغيير المعادلة مع الكيان الصهيوني من مجرد الردع إلى الدفع والهجوم بل وحصار العدو الصهيوني وتكبيده خسائر على كل المستويات ودفع الملايين إلى الملاجئ .
- كشف وفضح التآمر العربي وحلفاء الصهاينة من أنظمة ونخب ومثقفين ووسائل إعلام على نحو كاشف لتيار ما اصطلح عليه بـ" الصهاينة العرب".
- كشف حقيقة وأبعاد الصراع بين المشاريع الثلاثة المتدافعة في المنطقة (المشروع الصهيوأمريكى- المشروع الإيراني – المشروع السني ).
- التأكيد على الوثوق بالمقاومة في غزة كرأس حربة ورافعة حقيقية في مشروع تحرير كل فلسطين يجب دعمها لاستكمال مسيرة التحرير.
- التأكيد على أن المجتمع الدولي المتخاذل لا يمكن التعويل عليه في نصرة قضايا الأمة ، وأن أوراق اللعبة التي يحترمها هذا المجتمع هي القوة ، ولا مكان فيه للضعفاء ، ولا يبالى بالخطابات الرعناء والإدانات الجوفاء ولا حتى شلالات الدم المراقة على مرأى من العالم أجمع ، وإنما يحترم الأقوياء ويصغى السمع جيدا لصوت الصواريخ والقاذفات التي أبدعتها كتائب عز الدين القسام .
وحتى لا نستطرد كثيرا في سرد النتائج التي سيأتي الوقت لنتدارسها ونرويها للأجيال ، يجب علينا الآن أن نفكر جيداً فيما يخطط له العدو وحلفاؤه بعد انتهاء الحرب على غزة وبدأ فيه بالفعل لاسيما وأن التصريحات والخطابات التي صدرت مؤخرا من الحلف الداعم للكيان الصهيوني في كل من مصر والسعودية ينبئ عن طبيعة المرحلة القادمة والتي يتم لها التسويق مبكرا قبل الانتهاء من الحرب والتي يمكن إجمالها في الخطوات التالية :
- تشويه صورة المقاومة ووصفها بالإرهاب والحشد الدولي للقضاء على تيار الإسلام السياسي ومحاولة ربطه بـ"داعش" وغيرها من التنظيمات تحت مسمى الحرب على الإرهاب .
- توسيع الحلف الداعم لإسرائيل والمتعاون معها في القضاء على المقاومة باسم الحرب على الإرهاب والذي سيترجم على الواقع في عدة سياسات لعل أهمها تجفيف المنابع الداعمة للمقاومة بالمال والسلاح .
- اتخاذ إجراءات جادة ضد قطر والضغط عليها إقليميا لإجراء تعديلات جوهرية في سياسيتها الخارجية وموقفها من الإخوان المسلمين لاسيما بعد اتهام ليبرمان ونتياهو لها بدعم حماس كمنظمة إرهابية وستشارك دول مجلس التعاون في ذلك .
- تفعيل دور الخطاب المتصهين عبر وسائل الإعلام العربية في محاولة لخلق رأى عام ضد المقاومة وربطها بالإرهاب ولعل هذا سبق الحرب على غزة ومازال متصاعداً حتى الآن .
- بحث آليات أكثر فاعلية بالتنسيق مع السيسى لهدم الأنفاق مع تقديم جملة من الحوافز للسلطة الفلسطينية للمزيد من التنسيق الأمني وبث العملاء لكشف الأنفاق واستمرار القطيعة مع حماس بل ومهاجمتها عبر وسائل الإعلام.
- قد تلجأ إسرائيل مجددا لتصفية بعض قيادات حماس ولعل تصريح ليبرمان بضرورة تصفية خالد مشعل باعتباره المتسبب فيما يجرى لإسرائيل مؤشر لاتخاذ مثل هذا المسلك الإجرامي من جديد.
- ستعول إسرائيل كثيرا على حلفائها من الدول الخائفة من المشروع السني والتي أجهضت ولو مؤقتا ثورات الربيع العربي في المنطقة حماية لعروشها .
وعليه فلابد لتيار المقاومة ومن يدعمه من أحرار العالم اتخاذ التدابير لإفشال هذا المخطط الذي يسعى للقضاء على المقاومة وذلك من خلال الخطوات التالية :
- تحرير مصطلح الإرهاب ، ونبذه على مستوى النخب ووسائل الإعلام وفق مشروع فكرى و ثقافي ترعاه مؤسسات بحثية .
- تفكيك الخطاب المتصهين في المنطقة وهذا يستلزم خلق وعى بأبعاد الصراع بين المشاريع الثلاثة القائمة في المنطقة .
- إحياء دور المقاطعة للكيان الصهيوني بكل صورها وأشكالها وتكوين حائط صد شعبي في المنطقة ضد الأنظمة المتحالفة مع إسرائيل .
- تعظيم شأن المقاومة والافتخار بها وبنصرها ، وتوعية الأجيال بتاريخها المشرف في الصراع مع إسرائيل والالتفاف حولها ودعمها بكل الوسائل الممكنة .
- فضح العجز العربي وتعرية حلفاء الصهاينة على كل المستويات وإدراجهم على قوائم المقاطعة الفكرية والثقافية والاقتصادية .
- استكمال مشروع الربيع العربي لإسقاط الأنظمة الديكتاتورية كخطوة رئيسية لتحرير الشعوب ومن ثم تحقيق مشروع تحرير فلسطين .
هذه بعض الأفكار المتناثرة التي نحتاج إلى صقلها وتطويرها ، فمازالت المعركة طويلة وإن لاحت بشائر النصر ، فعلينا الانطلاق نحو آفاقها فالعدو لا ينام والصراع على أشده ، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.