صانع الأجيال في يومه العالمي
صانع الأجيال في يومه العالمي
أحلام جمعة
أعلنت منظمة الأمم المتحدة عام 1994م أن يوم الخامس من أكتوبر من كل عام يوم عالمي للمعلم تحتفي فيه الأمم والمجتمعات بكل فئاته بمعلميهم نظرا لدوره العظيم الذي يقوم به ولذلك أتوجه بالشكر والعرفان لمعلمي الفاضل في المرحلة الابتدائية الذي كان يغمرنا جميعا بالحب والعطف ، وكان من أكثر الناس إتقانا لعمله ، كما أنه كان دائما يبث فينا روح التنافس المحمود الذي يؤدي دائما إلى الارتقاء ، و كان يهتم بأحوال التلاميذ جميعا الاجتماعية والتربوية إلى جانب الاهتمام التعليمي , لدرجة أنه كان ملم بكل شيء عن كل تلميذ ، وكان يعرف التلاميذ الفقراء والأيتام ويطلب منهم الالتحاق بالمجموعات الدراسية بالمدرسة ( مجانا ) حتى يتسنى له مساعدتهم ، وكان يقوم بتفقد التلاميذ يوميا ويسأل عن الغائب ويشاركهم أفراحهم وأحزانهم وكان محبوبا جدا بين زملائه وبين تلاميذ المدرسة جميعا ، من سلوكيات هذا المعلم أحببت المدرسة وأحببت مادة اللغة العربية وتمنيت أن أكون معلمة للغة العربية في المرحلة الابتدائية . تحية إكبار واحترام لك معلمي الفاضل وغفر الله لك ومتعك بالصحة والعافية .وفي اليوم العالمي للمعلم لا يسعني إلا أن أقدم لك قول الشاعر :
قـم للمعـلم وفـه التبجيـلا كـاد المعـلم أن يكـون رسولا
أعلمت أشرف أو أجل من الذي يبني وينشئ أنفســـا وعقولا
إن عمل المعلم لا يقتصر على مجرد تلقين المادة الدراسية فقط ، بل إنه يتعدى لأكثر من ذلك ، إن المعلم هو أساس الرقي والتقدم في المجتمع الذي يعيش فيه ؛ لأن المعلم يؤدي عمل من أجل الأعمال إنه يبني عقولا مفكرة ومبدعة ، وأخلاقا حميدة ، وجسدا قويا ، كما أنه يقوم بمهنة الأنبياء التي ورثها منهم فإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ولكنهم ورثوا العلم، ولذلك كان له من الجزاء العظيم عند الله عز وجل بأدائه هذه المهنة بحقها كما قال تعالى : " يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير " ( سورة المجادلة آية 11 )
قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " إن الله و ملائكته حتى النملة في جحرها و حتى الحوت في البحر ليصلون على معلم الناس الخير " ( رواه السيوطي وصححه الألباني )
وجاء في مختصر منهاج القاصدين (قال كعب رحمه الله : أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام : أن تعلم يا موسى الخير وعلمه للناس، فإني منور لمعلم الخير ومتعلمه قبورهم حتى لا يستوحشوا بمكانهم "
المعلم الناجح ... صفاته وخصائصه
&- إخلاص النية لله عز وجل في عمله .
&- أن يكون قدوة عملية في أخلاقه وأفعاله ومظهره وكلامه .
&- أن يكون مثقفا وملما بما يحدث في المجتمع المحلي الذي يعيش فيه والمجتمع العالمي .
&- أن يحب عمله ويتقنه.
&- أن يتصف بالرفق والحلم واللين وقوة الشخصية .
&- الذكاء وسعة البديهة وحسن التصرف في المواقف الصعبة والطارئة .
&- التفاؤل والحماس والنشاط في العمل .
& - الإيجابية في التعامل مع الآخرين والتعاون في العمل .
&- أن يستشعر دائما أنه صاحب رسالة سامية وعظيمة وليس مجرد موظف .
&- أن يتمتع بصحة جسدية ونفسية عالية .
دور المعلم
@- احتواء الطلاب والتعاطف معهم والتعرف على أسمائهم وشخصياتهم ومعرفة قدراتهم وميولهم وتوظيفها .
@- التحفيز والتشجيع وبث روح التنافس المحمود بين الطلاب .
@- ربط المنهج الذي يدرسه بالواقع الذي يعيشه المجتمع .
@- تشجيع الطلاب على القراءة والاطلاع .
@- بث الأخلاق الكريمة والسلوكيات الحميدة لدى الطلاب .
@- الاهتمام بمشاكل الطلاب والمساعدة في حلها إن أمكن ذلك .
@- أن يكون مبدعا ومبتكرا في وسائل تعليم المادة .
@- أن يكون ملما بكل جوانب المادة التي يعلمها ومتمكنا منها .
@- استخدام الثواب والعقاب مع الطلاب وعدم التحيز في معاملاتهم .
@- أن يبث في الطلاب روح التفاؤل والحب والثقة بالنفس .
@- أن يكون مخططا ولديه أهداف يسعى لتحقيقها .
نظرة المجتمع للمعلم
بالرغم من أهمية المعلم ودوره العظيم في المجتمع إلا أن بعض مجتمعاتنا العربية مازلت تنظر للمعلم نظرة ازدراء وتقليل من شأنه ومن دوره الهام الذي يؤديه ولا يحظى باهتمام كامل في المجتمع الذي يعيش فيه وهناك نقص كبير جدا في المعلمين في المجتمع حيث تقدّر اليونسكو أنه لا بدّ من توظيف ثمانية عشر مليون معلم إضافي لبلوغ التعليم الشامل في المرحلة الابتدائية حتى العام 2015. والاحتياجات صارخة بنوع خاص في إفريقيا، حيث هناك حاجة إلى 3.8 مليون معلّم إضافي لبلوغ ما يسمّى بالتعليم الشامل في المرحلة الابتدائية .
لذلك فإننا نطالب في اليوم العالمي للمعلم أن تتغير نظرة المجتمع له و أن ينظر له بعين الاهتمام والاحترام أيضا كما أننا نطالب بما يلي :
$- إعطاء المعلم مكانته السامية التي يستحقها وأن ينظر إليه بعين الاحترام والإكبار بما يعادل دوره الكبير والعظيم الذي يقوم به .
$- إعطاء المعلم حوافز تشجيعية مستمرة من قبل الوزارات ، فضلا عن تحسين مستواه المعيشي بما يوازي دوره الفعال في المجتمع .
$- تشجيع المعلمين على الحصول على درجات علمية عالية مثل شهادة البكالوريوس التخصصية والدبلوم العالي ما بعد البكالوريوس والماجستير والدكتوراه.
$- التدريب العالي والمستمر للمعلم مما يزيد كفاءته وقدراته المهنية .
$- إشراك المعلم في اتخاذ القرارات الخاصة بالعملية التعليمية والتربوية .
$- تخفيف الأعباء الكثيرة التي تقع على عاتق المعلم وقد تكون عائقا كبيرا في أداء واجبه العلمي والتربوي مع الطلاب .
حقوقك أيها المعلم كثيرة ولن أستطيع أن أجملها هنا ولكني أود أن أذكرك بأن أجرك عند الله سبحانه وتعالى كبير ، ويكفيك فخرا أن الله عز وجل اختارك لتقوم بهذا الدور العظيم ، الذي هو دور الأنبياء في تربية العقول ، وتهذيب السلوك وإرشاد الناس إلى العبادة الصحيحة لله عز وجل ، وتذكر أيضا أنك أنت من تصنع المجتمع من تقدم ورقي وحضارة ، لأنك من يُخَرِّج للمجتمع الضابط والطبيب والمهندس والعالم وكافة مستويات المهن في المجتمع .
رأيـــت الحـق حـق المـعـلـم وأوجبه حفظاً على كل مسلم
لـه الحـق أن يهـدي إليه كـرامـة لتعليم حرف واحد ألف درهم
و في النهاية لا يسعني إلا أن أختم هذا المقال بقول الإمام ابن القيم رحمه الله عن المعلم "ولو لم يكن في العلم إلا القرب من رب العالمين والالتحاق بعالم الملائكة لكفى به شرفاً وفضلاً ، فكيف وعزّ الدنيا والآخرة منوط به مشروط بحصوله " ..