"يوسف" أصغر أسير يحرر العالم

يوسف الزق

"يوسف" أصغر أسير يحرر العالم

ريما عبد القادر /غزة

[email protected]

مع إشراقة شمس صباح يوم الجمعة الثاني من شهر أكتوبر أخذت نورها تداعب ملامح طفولة يوسف أصغر أسير محرر في العالم. الذي حرر االعالم بكسر قيده، وقهر سجانه رغم صغر سنه.

خرج يوسف  من سجون الاحتلال الإسرائيلي من غرفة مظلمة أنارها بصبره الذي استمده من والدته الأسيرة المحررة فاطمة الزق وهي تروي له حكاية  نبي الله تعالى يوسف"عليه السلام" الذي اختارت من اسمه وصبره عنوان لبداية حكاية جديدة لطفلها يوسف.

خرج يوسف وهو يداعب شمس غزة المحاصرة بابتسامة الكرامة والعزة والشجاعة التي فقدها الكثير رغم أنهم يكبرونه بالكثير من السنوات. خرج وهو يحمل في طيات ذاكرته التي شاركته بها والدته منذ اللاحظات الأولى لإبصار نور الحياة أو بالأصح قبل ذلك. فقد صدعت صرخات ولادته في سجون الاحتلال ووالدته مكبلة الأيدي لا تقوى على الحراك وكل ذلك كان العالم يعم بصمته إلا أن رحمة الله تعالى كانت أكبر بكثير من هذا الصمت. فقد خرج يوسف للحياة في غرفة لا تتجاوز الأمتار القليلة، خرج إلى غرفة جمعت معهما العديد من الأسيرات . فقد كان ينظر من حوله وهو لا يعي المكان ولا الزمان، ولايعي السلاح الذي يحمله الاحتلال الإسرائيلي حينما كان يقتحم غرف الأسيرات بدون أي نوع لمعنى الرحمة. كانت والدته كثير ما تروي له عن أشقائه  وشقيقاته الذين تشابهوا معه بالكثير من ملامح وجوههم النيرة وعيونهم ذات اللون الأزرق، والبشرة البيضاء . كانت تروي له صبرهم على فراقهم والأمنيات التي تحوم بقلوبهم وهم يدعون المولى عزوجل بأن يجمعهم بوالدتهم وأخيهم يوسف .

وكثيرا من الوقت تروي له حكاية والده الذي تحمل بعد الزوجة والطفل الذي أبصر نور الحياة في ظلمة السجن من دون أن يراه واكتفى بصورة صغيرة يكاد من خلاله يرى ملامحه، ومع ذلك فكان الأم والأب لأشقائك يا يوسف.

كانت كثير ماتبادل أم محمود "فاطمة" ابتسامة ونظرات مع طفلها يوسف وتقول له من خلالها "لقد كسرنا قيد سجون الاحتلال الإسرائيلي بعزة وكرامة وكسرنا أنف الاحتلال فهو مازال يعمل سجان بل سجين لسجنه ونحن أحرار ".

نعم خرج يوسف ووالدته وهي تسير بفخر وشكر لله عزوجل في ذكرى  تحرير المسجد الأقصى المبارك على يد صلاح الدين الأيوبي  لتؤكد من خلاله رسالة بأن القدس لن يتم تحريريها إلا من خلال التضحيات.

الابتسامة كانت واضحة على الأسيرة المحررة فاطمة الزق لكنها كما قالت "فرحة منقوصة" فقد تركت من خلفها أسيرات ينتظرن الحرية ومن بينهن نجلة شقيقها روضة سعد.

فرحة الحرية رفض إلا وأن يشاركها بها أبناء قطاع غزة ومن بينهم رئيس الوزراء إسماعيل هنية، والكثير من قادة حركة حماس، وحركة الجهاد الإسلامي وأبناء المجلس التشريعي الفلسطيني في قطاع غزة المحاصرة، الذي حمل بأنامله يوسف ورفعه في سماء غزة ليقول للعالم "أصغر أسير في العالم قهر السجان وحرر العالم بحريته". فقد أكد من خلال استقباله للأسيرة المحررة بأن قضية الأسرى هي قضية كل فلسطين أو بالأصح قضية كل فلسطيني شريف عرف معنى الكرامة وعرف معنى أن تضحي أسيرة بحريتها مع طفلها مايقارب 3 أعوام.

ألا تستحق هذه المعادلة أن يعيد الجميع التفكير بأكثر جدية بأن المفاوضات العبثية لن تجدي، وأن المفاوضات العملية الجهادية هي من حررت فاطمة ويوسف بإرادة المولى عزوجل. نعم تم تحريرهما في صفقة مشرفة ..صفقة حملت الكرامة والشموخ والكبرياء ومعنى الانتصار الحقيقي حينما يتم تحرير 20 أـيرة مقابل لقطات مسجلة لجندي الاحتلال الإسرائيلي جلعاط شليط. حقا إنها قطرة الغيث الأولى التي تبشر بتحرير كافة الأسرى بإذن الله تعالى.

إبشري يا أمهات الأسرى، فظلمة السجان لن تطول فهاهي قطرات التحرير تهل في ذكرى تحرير المسجد الأقصى. 

فقبل شهور قليلة جدا لازلت أتذكر حينما رأيت أطفال فاطمة في اعتصام أهالي الأسرى في الصليب الأحمر بمدينة غزة وهم يحملون صورة والدتهم وأخيهم يوسف ويقولون "الحرية لماما ..الحرية ليوسف ..الحرية للأسرى" وهم يحملون شهادات تفوقهم المدرسي وكانوا يتمنون أن يركضون بعد إستلامها من المدرسة إلى أحضان والدتهم إلا أن الاحتلال أراد قتل هذه الفرحة لكنه ومع ذلك فشل لإن قوة إيمانهم بالله عزوجل جعلتهم يمسحون دموعهم ويسجلون أعلى العلامات الدراسية . ولازلت أذكر كلمات نجلها زكريا حينما قال على مسامعي"أريد أمي...والله مشتاق كثير لماما نفسي أشوفها وأشوف أخي الصغير يوسف... نفسي أعيش مثل أطفال العالم مع أمي، وأنا مشتاق كثير  لطعام ماما نفسي أكل أي شيء من صنع ماما". واليوم يا زكريا ويا محمود وعثمان وسلمان...  تستقبلون والدتكم وشقيقكم يوسف بعد غياب 3 أعوام مرت خلالها الكثير من الأعياد والأيام وهم ينظرون يوم الحرية ليحتضنوا بها والدتهم وشقيقهم يوسف. واليوم نقول لزوج فاطمة مبارك عليك النورين نور يوسف ونور فاطمة فكنت كثيرا ما تفتخر بصمود زوجتك، ولم تكن تخفي بالوقت ذاته حنينك لها وأمنياتك بأن تجمعهما تحت ذراعيك. وهاهي اليوم الأمنية تتحقق بفضل من الله تعالى.

   وفي همسة إلى مسامع الإعلام لا بد منها ألا يجدر بكل فلسطيني بل بالأصح كل شريف مسلم وعربي أن يفرح بفرحة تحرير الأسيرات؟؟؟.. هن نساء ضحين بحريتهن من أجلي وأجلكم لنعيش بكرامة ألا يستحقن بأن نعبر بأقلامنا وكاميراتنا عن فرحتهن بالتحرير، ومعاناتهن في سجون الاحتلال؟؟؟!!!!!! أيعقل أن تقدم بعض القنوات الفضائية من أبناء جلدتنا في مثل هذا اليوم التاريخي أغاني لعبد الحليم حافظ في وقت حاسم مثل هذا اليوم ؟؟؟!! لماذا ذلك ؟؟! بالله عليكم ألا تستحق طفولة يوسف وطهارة 20 أسيرة أن ترحب بهم أقلامنا وكاميراتنا ؟؟!!! هل كل ذلك لأن الصفقة عقدتها حركة حماس ؟؟وماذا يعني بذلك طالما الهدف هو هدف قضيتنا؟؟ بالله عليكي يا فضائية حملت اسم بلدنا الغالي لازال أمامك الوقت لتصحيح ذلك وأن ترحبي بالأسيرات بالطريقة الإعلامية المشرفة فالرسالة الإعلامية أمانة وشرف بالوقت ذاته.

"اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ..اللهم انصر الإسلام والمسلمين وأعزهم ودمر أعداء الدين..اللهم لا ذنب لنا بما فعل السفهاء منا فإما أن تهديهم أو تهلكهم يا أرحم الراحمين...اللهم أكتبنا مع المجاهدين المرابطين في سبيلك سبيل العزة والكرامة..اللهم حرر كافة أسرى المسلمين ..وحرر المسجد الأقصى وارزقنا شهادة في سبيلك لتحريره....اللهم آمين".