على خطى النبي صلى الله عليه وسلم

رضوان سلمان حمدان

على خطى النبي صلى الله عليه وسلم

"زرع المصادر" عمليات أمنية استخبارية ناجحة

رضوان سلمان حمدان

[email protected]

"زرع المصادر" أهم وسائل جمع المعلومات في العمل الأمني الاستخباري ، ومعلوماتها أكثر دقة وأقرب إلى الصحة والواقعية ، إذا أحسن اختيار المصدر المزروع.

والزراعة تجنيد مصدر من نفس أبناء المنطقة ، أو الدولة المراد جمع المعلومات عنها ، ومعرفة ما يدور داخلها وما يحاك ضد الدولة التي قامت بالزراعة.

الأدلة على جواز زراعة المصادر

من أبرز الأدلة على جواز زراعة المصادر ما قام به سيدنا أبو ذر الغفاري والطفيل بن عمرو رضي الله عنهما وسط قومهما . فعندما أسلم سيدنا أبو ذر الغفاري أمره الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قومه : "ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري" ، وهكذا دائماً وأبداً فإن القاعدة مطردة فكل نجاح أو فشل له ارتباط وثيق بالمقدمات لأن صحة المعطيات تعطي دقة في النتائج ، وصحة التقييم تعطي دقة في التكيف. وصحة التشخيص تعطي صحة في الدواء، فها هو سيدنا علي رضي الله عنه كانت مقدماته الأمنية وإجراءاته الإستراتيجية كلها صحيحة ، لذلك كان لها ما بعدها حيث إتقانه لعملية التحري ثم ربط أبي ذر بالقيادة الراشدة المعصومة بغرض الدعوة على الهدف ومن ثم توظيفه لصالح الخط الاستراتيجي للجماعة المسلمة الوليدة.

وهكذا تم زراعة هذا المصدر في جسم قبيلة غفار ومن حولها: "ارجع إلى قبيلتك فأخبرهم" ومن هذا النص يتضح لنا أهمية الاعتناء بزراعة المصادر في عالم الاستخبارات. حيث أنها تزود بدورها القيادة بكل المطلوب وتعينها على محاولة الوصول إلى قنوات الهدف المطلوب بواسطة عناصرها الأصلية لغرض جمع معلومات دقيقة ومهمة، أو نشر مبادئ تؤمن بها تلك الجماعة في أوساط المجتمع وخارجه. وهي التي أوكلت إلى سيدنا أبي ذر نشر الإسلام وسط قبيلتي غفار وأسلم.

أما ما يختص بسيدنا الطفيل رضي الله عنه فأورد ابن هشام في قصة إسلام الطفيل بن عمرو والدوسي وعلى لسان الطفيل ما نصه:"... فأسلمت وشهدت شهادة الحق وقلت : يا نبي الله إني امرؤ  مطاع في قومي وأنا راجع إليهم وداعيهم إلى الإسلام".

وجه الدلالة

إن قرار النبي صلى الله عليه وسلم للطفيل على الرجوع إلى قومه ودعوتهم إلى الإسلام. ورجوعه إلى قومه وقيامه بالدعوة يعد زراعة لمصدر مسلم وسط قومه ، وما قلنا عن أبي ذر يمكن أن يقال عن الطفيل رضي الله عنه.

وكانت زراعة هاتين المصدرين الهادفة والناجحة أدت إلى انتشار الإسلام خارج حدود مكة وفي أواسط قبائل غير قبيلة قريش ، وكان صدى ونتاج الزراعة هذه إسلام ما يقارب الثلاث قبائل: "أسلم ، غفار ، دوس" وهذا بدوره يعد عمقاً استراتيجياً ، وبعداً أمنياً وسنداً قرياً للحركة  الإسلامية الوليدة ودولة الإسلام الناشئة.

عليه يجوز لجهاز الأمن والمخابرات الإسلامي أن يقوم بزراعة مصادره  وسط المجموعات المناوئة للإسلام ، أو تلك الدول المعادية للإسلام والمسلمين بغية الوقوف عن قرب عما يدبره أعداء الأمة من كيد وما يخططوا له من مؤامرات حتى يكون المسلمون على علم بما يجري وما يدبر لهم فيتصرفوا التصرف السليم وفي الوقت السليم ، ولا يؤخذوا عن غرة.