البيت المسلم 2
د. خالد أحمد الشنتوت
وللبيت المسلم شروط مصاحبة منها :
1- القوامة فيه للرجل ، القوامة الإسلامية التي تقوم على الشورى ، لا الاستبداد والتسلط ، وهذه صفة ضرورية لابد منها وإلا انطبق علينا قوله صلى الله عليه وسلم [ لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة ] ـــ فتح الباري في شرح صحيح البخاري ( 7/227) والترمذي ، والنسائي ، والبغوي ، والبيهقي ، والحاكم في المستدرك على الصحيحين ــ
ولابد في كل تجمع من أمير ، وإلا سادت الفوضى وشريعة الغاب ، وقد أعطى الله عزوجل إمارة البيت المسلم للأب المسلم ، وسماها قوامـة ، فإما إمارة البيت للأب أو للأم ، وقد جـاءت النصوص الصريحة ، تعطيها للأب ، وتمنعها عن الأم ، وذلك من باب التخصص ، ووضع المرء المناسب في المكان المناسب الذي أعده الله عزوجل لـه .
2- تتفرغ الأم في البيت المسلم للتربية ولاتخرج من البيت إلا لضرورة ، لأن خروجها من البيت تضييع لمهمتها الأولى والأساسية وهي التربية ، أما الأم المدرسة والطبيبة فيجب أن تحصل على إجازة أمومة لا تقل عن ثلاثة شهور براتب كامل ، وثلاثة أخرى بنصف راتب ، كما تعمل المرأة المسلمة المدرّسة والطبيبة في المجتمع المسلم نصف دوام بثلثي راتب ، كي تقوم بدورها الأساس وهو التربية في البيت المسلم ، فهي تقوم بعمل أساسي وهو التربية في البيت ، وعمل ثانوي هو عملها كطبيبة أو مدرسة للبنات ، هذا عندما تهمنا وظيفة الأم التربوية ، وعندما نعيد للبيت دوره التربوي ، أما عندما نقلد الغرب ، فندخل جحور الضب التي دخلوها ، ونقول المرأة كالرجل ، تعمل كالرجل ولافرق بينهما ، فهذا هو الجهل والتردي في حمأة التخلف .
3- يخصص الأب وقتاً يومياً يلعب فيه مع أطفاله في مرحلة المهد وما قبل التمييز ولو كان ساعة أو نصف ساعة في اليوم ... اقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر بن الخطاب t. وفي هذا اللعب تربية للأطفال وراحة نفسية للأب ...
ــ أخرج البخاري في الأدب المفرد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : (( سمع أذناي هاتان وبصر عيناي هاتان رسول الله صلى الله عليه وسلم . أخذ بيديه جميعاً بكفي الحسن أو الحسين ( صلوات الله عليهما ) ، وقدميه على قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : _ ارقه _ قال فرقي الغلام . حتى وضع قدميه على صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : _ افتح فاك _ ثم قبله . ثم قال : اللهم أحبه فإني أحبه )) ([1]).
ـــ وروى الطبراني عن أبي أيوب الأنصاري قال : (( دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم والحسن والحسين رضي الله عنهما يلعبان بين يديه أو في حجره فقلت يا رسول الله أتحبهما ؟ فقال : وكيف لا أحبهما وهما ريحانتي من الدنيا أشمهما )) . وروى البزار عن سعد بن أبي وقاص قال : (( دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم والحسن والحسين يلعبان على بطنه ، فقلت : يا رسول الله أتحبهما ؟ فقال : ومالي لا أحبهما وهما ريحانتي )) وروى أبويعلى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : (( رأيت الحسن والحسين رضي الله عنهما على عاتقي النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : نعم الفرس تحتكما فقال صلى الله عليه وسلم : ونعم الفارسان )) المجمع (9/182) وقال الهيثمي : رواه أبويعلى في الكبير ورجاله رجال الصحيح ، وكذلك الحديث الذي سبقه .
ــ وروى الطبراني عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : (( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فجاء الحسن والحسين أو أحدهما رضي الله عنهما ، فركب على ظهره فكان إذا رفع رأسه قال بيده فأمسكه أو أمسكهما قال : نعم المطية مطيتكما ))([2]).
ــ وروى الطبراني أيضاً عن جابر رضي الله عنه قال : (( دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يمشي على أربع وعلى ظهره الحسن والحسين رضي الله عنهما وهو يقول : نعم الجمل جملكما ونعم العدلان أنتما ))([3]).
4- تخصص جلسة يومية يحضرها الأب والأم وجميع الأولاد ، يقرأ فيها آيات من القرآن الكريم ، وحديث أو أكثر ، وصفحة من السيرة ، وصفحة من الفقــه وغيره . ولهذه الجلسة اليومية فوائد عظيمة في تربية الأولاد . ومنها زرع الاهتمام عند الأولاد لطلب العلم ، وتعلم فروض العين على المسلم ، وإلا فلنتذكر أن من نواقض الشهادتين الإعراض عن دين الله عزوجل لايتعلمه ولايهتم به ، وأخشى أن هذا موجود بين المسلمين ، فكم أستاذ جامعي مسلم لايعرف تلاوة ثلاث آيات تلاوة سليمة كما أمرنا ربنا عزوجل { ورتل القرآن ترتيلاً } ، وقد عرفت بعضهم ممن هداهم الله عندما كانوا في درجة أستاذ مشارك ، بحثوا عن مدرس خصوصي يعلمهم التلاوة ...
5- الأب والأم قدوة حسنة في سلوكهم أمام أولادهم ، لذلك يجب عليهما أن لا يغفلا عن ذلك ، فتكون ألفاظهم وأفعالهم منضبطة ، وليتذكروا أنهم مراقبون من كاميرات تسجل عليهم سلوكهم وأقوالهم ، والقدوة الحسنة أفضل وسائل التربية في البيت المسلم ... ومما تجدر الإشارة إليه مصيبة الهاتف الثابت عندما يتصل أحدهم بالبيت يريد أن يتكلم مع الأب ، فيرد أحد الأطفال، فيشير له أبوه من بعد : قل له غير موجود ، وبعض طلبة العلم يتمدد ويقل لولده قل له نائم ، وربما يقول لولده قل له خرج ... وهكذا يعلم الأب ولده الكذب منذ نعومة أظفاره ....
أيها الأحباب إنها مسؤولية عظيمة في قوله تعالى { ياأيها الذين آمنوا قـوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها النار والحجارة أعدت للكافرين } التحريم ـ ألاترونه فعل ( أمـر ) صريح لايقبل الاختلاف في المعنى ، الله يأمر المؤمنين أن يحفظوا أولادهم ويبعدوهم عن النار ، وكيف ذلك !!؟ بتربيتهم على الإسلام ، كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ذلك القدوة الحسنة ، وأن يفطن الوالدان إلى كل حركة أو كلمة منهم ، فإن أطفالهم يسجلونها في ذاكرتهم إلى الأبـد ، ويكون لها أثر كبير في إبعادهم عن النار أو دخولهم فيها والعياذ بالله ، ويكفي ألماً أيها الأب وأيتها الأم أن تتصوروا طفلكم هذا دخل النار ، ولاحول ولاقوة إلا بالله ....
3- البخاري في الأدب المفرد ، رقم (249) ، وأخرجه الطبراني .
1- قال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/182) : إسناده حسن .
2- مجمع الزوائد (9/182) وقال الهيثمي : رواه الطبراني وفيه مسروح أبو شهاب وهو ضعيف .