بعيونٍ ترنو إلى التغيير
هنادي نصر الله
[email protected]
ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، لكنه حتمًا بإصراره سيصل إلى الخطوط العريضة التي
تؤهله لتحقيق حلمه ـ بإذن الله ـ، مخطئٌ من يظن أن الحياة مجرد حظوظ تُمنح للبعض،
بينما يعيش الباقي في شقاءٍ إلى الأبد!!.
ليست هكذا الحياة، بل هي خليط من لحظات الألم والسعادة، النجاح والفشل، وهي مزيج من
تركيباتٍ مختلفة لأناسٍ يختلفون عن بعضهم البعض، فهذا يعشق صعود العلياء، وذاك
يتهيب صعود الجبال، هذا يكتفي لأن يعيش في حدود يومه فقط، وذاك يتطلع لآفاقٍ أوسع
ويخطط لمستقبله بنظرة تفاؤليةٍ تُذهل من حوله...
ربما في مهنة الإعلام، نستطيع أن ندرك بسرعةٍ الفروق الفردية بين فرسانها، وأيهما
يجتهد ليحقق الأفضل؛ وأيهما يؤدي مجرد عملاً روتينيًا ليتقاضى راتبًا آخر الشهر؛
ليس إلا!!.
في هذه المهنة يُثار دومًا الطموح لأن يبحث عن الرقي؛ وأن يفتش في خبايا المجتمع
وأزقته وحاراته عن قصصٍ وقضايا يكون له الشرف في دق ناقوسها بقوةٍ وجرأةٍ، متحديًا
في سبيل ذلك صعوباتِ التفتيش والتنقيب، وما يُصاحبه من نظرة حقدٍ قد يواجهها من قبل
المحيطين بهم، وما أقساها من نظرة عندما تكون من المقربين منه!.
ومع هذا عليه أن يصمد ويربط على جرحه، عليه آلا يُعبر عن استيائه وأن يواصل بهمةٍ
منقطعة النظير تحدي الواقع، عليه أن يواصل التغيير، وأول هذا التغيير تغيير العقول
المتحجرة، التي تنظر نظرة دونية لكل من يملك فكرًا مغايرًا لواقعٍ أصبح نمطيًا في
كل شيء، في أداء المهام الوظيفية، وفي العلاقات الاجتماعية وفي أشياء كثيرة لا يتسع
المقام لأسردها الآن..!!
أجزم أن من يقطع الخطوة الأولى في مشوار الألف ميل، سيجد من يصفق له بقوة، وسيجد
أيضًا من يقمعه ويثبط من معنوياته، لكن مسئولياتنا نحن أن نعرف بحق من مشجعينا؟؟؟
مشجعينا فقط ! ، علينا أن نصادقهم ونتقرب إليهم، ونستفيد من تجاربهم، علينا أن
نبتعد عمن يدعون زورًا أنهم يؤيدون إبداعنا، وهم في الحقيقة ألد أعدائنا!!.
نظرة التغيير يجب أن ترافقها نظرة تحدي حافلة بالأمل والتفاؤل، نظرة التغيير يجب
آلا تقتصر على الرجال فقط، بل المرأة عنصر مهم ومؤثر وفاعل فيها، وعن تجربة فإنني
أقول " إن الواقع برمته يجب أن يصعد نحو الأفضل، ولن يصعد إلا إذا كان له أهله
الذين يسيرون به نحو عالم غير عادي ، غير تقليدي، غير روتيني، يُعجبني حماسة البعض؛
لكنها غير كافية فما أجمل أن يرافقها تخطيط ممنهج، باستشارة الخبراء والمثقفين،
وهنا أقول ليس كل مثقف يؤخذ برأيه؛ فكم من مثقف كانت ثقافته أداة هدمٍ للمجتمع لا
أداة بناء، وكم من مثقف يُعجبك قوله لكن فعله يشوبه التناقضات، كم من مثقفٍ هو في
حقيقة أمره طامس للمواهب، وناكر للجهود المخلصين؛ كي لا يتفوقوا عليه وهذا هو
التفكير المريض والأعمي بعينه!!.
فإن أردنا التغيير وإن أردنا أن نسير نحو عالمٍ أفضل، علينا أن ندقق في كل من
حولنا، أن ننظر إلى الأمور نظرة فاحصة متأنية، أن لا ننخدع بالمظاهر،حتى لا تكون
النتيجة هي النفور والتراجع، أسأله تعالى أن يحمينا من المحبطين ومن نظراتهم
السلبية، إنه نعم المولى ونعم النصير..