رسالة إلهية إلى الذين لا يصلون
معجزة الصلاة في الوقاية من مرض دوالي الساقين
توضيب: امحمد رحماني
أكد بحث طبي أجراه الدكتور توفيق علوان على أن للصلاة قدرة هائلة على الوقاية من مرض دوالي الساقين ، وهو أول بحث يربط بين الدوالي والتمرينات العضلية الخفيفة على مستوى العالم من خلال دراسة أجراها الباحث على عشرين ( 20 ) حالة مصابة بدوالي الساقين و عشر ( 10 ) حالات غير مصابة ، كما قام بقياس الضغط الوريدي على ظاهر القدم في خمسة عشر ( 15 ) حالة غير مصابة .
وقد أثبت الباحث تأثير الصلاة في الوقاية من مرض دوالي الساقين ، وقد حصل هذا البحث على درجة الماجيستير بتقدير ممتاز% 100 من كلية الطب قسم الجراحة العامة بجامعة الإسكندرية .
ومرض دوالي الساقين كما جاء في البحث هو خلل شائع في أوردة الساقين يتمثل في ظهور أوردة غليظة ومتعرجة وممتلئة بالدماء المتغيرة اللون على طول الطرفين السفليين ومن المؤلم أنها تصيب ما يقرب من عشرة إلى عشرين بالمائة %20-10 من الجنس البشري .
وقد جاء في البحث أن الدكتور [ دافيد كرستوفر 1981م ] قرر أن الضغوط الواقعة على أوردة الطرفين السفليين وفي أية نقطة منها تأتي نتيجةً لثلاثة أنماط من الضغوط المنفردة وهي :
-
الضغط الناجم عن قوة الدفع المترتبة على ضخ عضلة القلب .-
الضغط الواقع بتأثير الجاذبية الأرضية إلى أسفل ويرجع إلى الوضع المنتصب للإنسان.-
الضغط الناتج عن التغيرات الإنتقالية المؤقتة :·
كالتغيرات المركزية التي تنشئها الموجات المتعاقبة كرد فعل لعمل القلب.·
كالتغيرات المنظمة في الضغط داخل القفص الصدري كنتيجة لعمل الرئتين تمددا وانكماشا.·
كتغير الضغوط بالأوردة بناءً على عمل الإنقباضات المتتابعة لعضلات الطرفين السفليين .ولذا فقد صار معلوما بين العلماء أن دوالي الساقين ما هي إلا خاصية من خصائص الوضع المنتصب للإنسان حيث ثبت أنه لا يوجد أي نوع من أنواع الحيوانات الأخرى على الأرض تعاني من هذه النازلة .
كما جاء في البحث أيضا :
« أن هناك إجماع على أن الضغط على ظاهر القدم حال الوقوف يتراوح بين ( 90 – 120 سم/ماء ) ولأجل هذا يبرز الدور البالغ الأهمية للمضخة العضلية الوريدية حيث ينخفض هذا الضغط تحت الإيقاع المنظم للإنقباض والاسترخاء المتتابع لعضلات الطرفين السفليين أثناء المشي مثلا ، فإذا بالقيمة وقد بلغت ( 20 مليمتر/زئبق ) عند مفصل الكعب عقب فترة وجيزة من تحريك الطرفين السفليين.
وقرر العلماء على أن أهم عنصرين رئيسيين ضالعين في تدمير الأوردة السطحية وإبراز دوالي الساقين هما :
-
العنصر الأول : هو تركيز أعلى قيمة للضغط على جدارات الأوردة السطحية للطرفين السفليين عن طريق الوقوف بلا رحمة ولفترات طويلة .- العنصر الثاني : أن الوريد السطحي المؤهل للإصابة بالدوالي إنما يكون واقعا من البداية تحت تأثير مرض عام في الأنسجة الرابطة يؤدي بدوره إلى إضعاف جدرانه إلى مستوى أقل من نظيره الطبيعي . »
علاقة الصلاة بالدوالي : جاء في البحث :
« أما عن تلك المعضلة فإنه بالملاحظة الدقيقة للحركات المتباينة للصلاة وُجِدت أنها تتميز بقدر من الإنسيابية والإنسجام والمرونة والتعاون ، وأعجب أمر أنه بالقياس العلمي الدقيق للضغط الواقع على جدار الوريد الصافن عند مفصل الكعب كان الانخفاض الهائل لهذا الضغط أثناء إقامة الصلاة مثيرا للدهشة وملفتا للنظر ، فعند المقارنة ما بين متوسط الضغط الواقع على ظاهر القدم حال الوقوف ونظيره حال الركوع وجد الأول وقد بلغ ما قيمته ( 93.07 سم/ماء ) فيما كان الثاني ( 49.13 سم/ماء ) فقط ، وكما هو ظاهر فإن النسبة لا تزيد إلا يسيرا عن نصف الضغط الواقع على جدران تلك الأوردة الضعيفة ، أما متوسط الضغط عند السجود الأول فكان ناقصا إذ بلغ فقط ( 3 سم/ماء ) وغني عن البيان أن انخفاضه لهذا المستوى ليس إلا راحة تامة للوريد الصارخ من ضغطه القاسي طوال فترة الوقوف .
أما عند السجود الثاني فكانت القيمة ( 1.33 سم/ماء ) وفي عملية مقصودة لأخلاء الوريد من مزيد من الدماء كي يتحقق بذلك أكمل درجات الاستقرار لهذه الجدران المنهكة تحت الآثار المؤلمة للضغوط عليها ، وهذا التغير في الضغط انخفاضا بين السجود الأول والسجود الثاني ، وإن كان ليس بذي دلالة علمية مؤثرة إلا أنه ربما يكون نتيجة لعملية سحب الدماء من الطاقم السطحي للأوردة إلى الطاقم الأعمق كما قدر ذلك بعض العلماء ، خصوصا إذا علمنا أنه بين كل سجدتين يستقر المرء جالسا في اطمئنان وهدوء .
وما دمنا قد ذكرنا جلوس الصلاة فقد وجدنا أن متوسط الضغط الوريدي عنده وقد انخفض إلى ما قيمته فقط ( 16.73 سم/ماء ) في تعبير بليغ عن أوضح الدلالات العلمية .
وفي محاولة طريفة لاستبعاد الوقوف تماما من حركات الصلاة وحساب متوسط الضغوط الأخرى ( ركوع ، سجود ، جلوس ) كانت النتيجة معبرة تماما حيث وجدت المحصلة ( 17.55 سم/ماء) وهكذا لا تكاد الضغوط في كل ركعة على جدران الأوردة تبلغ %19 فقط من قيمة الضغط أثناء الوقوف .
والحاصل أن الصلاة بحركاتها المتميزة تؤدي إلى أقصى تخفيض لضغط الدم على جدران الوريد الصافن مرتين :
·
الأولى : بذات الأوضاع المؤدية إلى تناقص الضغط حسب معادلة " برنولي ".· الثانية : بتنشيط المضخة الوريدية الجانبية مما يؤدي إلى تخفيض إضافي للضغوط المذكورة .
أما التأثير الثالث والبالغ الغرابة للصلاة فهو يرجع إلى ما يبدو أن الصلاة تؤدي إلى تنشيطٍ للقدرات البنائية لمادة الكولاجين ومن ثم تقوية جدران الوريد .
وإنه لعجب حقا أن النتائج التي توصلنا إليها بقياس كمية الهيدروكسين برولين في الجدار عند أولئك المصابين بدوالي الساقين ومنهم المصلون ومنهم غير المصلين فإذا به في المصلين وقد بلغ 26.13 وفي غير المصلين 16.43 فقط في انخفاض مؤثر عن الأولين ، أما عند غير المصابين بالدوالي أصلا فقد كانت النتيجة مذهلة حيث سجلنا فرقا ملحوظا أيضا بين المصلين وغير المصلين فكان متوسط قيمة الهيدروكسين برولين في جدار أوردة المصلين 80.93 بينما استقر متوسط الغير مصلين عند 63.40 فقط في علامة استفهام كبيرة حول هذا الدور السحري للصلاة على تنشيط القدرات البنائية للمادة المقوية لجدار الوريد ، هل لهذه الصلاة المنظمة المحكمة دور ما كنوع رتيب وهادئ من التمارين الرياضية البالغة الفائدة أو حتى كعملية راشدة من عمليات الاستقرار المريح لمواجهة الضغوط النفسية الهائلة التي طالما وقع الناس فريسة لها ؟
إن الإجابة الحاسمة قد أبصرت النور على لسان " دوليام جانونج 1981م " حيث فرق بعناية بين التمرينات العضلية الشاقة وبين تلك الهادئة والخفيفة ، فقرر أن الاخيرة تحدث تغييرات تظهر في تمدد الأوعية الدموية وزيادة الضخ الدموي بها ومن ثم تزداد نسبة التغذية بالأوكسجين الحيوي الذي يكون كافيا لإنتاج الطاقة الهادئة المطلوبة لتلك التمارين وهكذا تكون عمليات الإحتراق بكاملها معتمدة على الهواء الجوي مع أقل نسبة من الرواسب والفضلات المتراكمة بالدم أو العضلات المزعجة والتي لا تنطلق في الدورة الدموية إلا حال الاحتياج الماس لتخليق الاوكسجين بسبيل آخر غير الهواء الجوي وهو تكسير المخزون من الجلوكوز في سلسلة معقدة من التفاعلات تنتهي بعادم من حمض اللاكتيك هذا الذي يتم لتخليق الأوكسجين عند ممارسة التمارين العنيفة الشاقة المرهقة .
وعلى هذا فإن التمارين الهادئة الخفيفة المنتظمة تحقق الفائدتين معا :
· أولا : تزيد من قابلية الجسم لاستقبال نسبة أعلى فأعلى من الأوكسجين الجوي ، فإذا بحيوية دافعة في كافة أطراف الدورة الدموية .
· ثانيا : تؤدي إلى أقل إفراز لحمض اللاكتيك المرهق للدورة الدموية ، ولهذا يتم الاحتفاظ بأكبر نسبة من مخزون الأوكسجين في مقابل الجهد والطاقة المبذولة في هذه التمارين الخفيفة المبذولة أثناء الصلاة.
وهناك فائدة أخرى حيث أن كل الطاقة الناجمة من مثل هذه التمرينات لا تبرز إلا في صورة حرارة وذلك بسبب ضعف أو حتى عدم الحركة الخارجية الكثيرة بحسب القانون الذي يحدد انتاج القوة بمساواته للمسافة التي تقطعها الكتلة بتأثير تلك القوة ، ولمّا كانت المسافة هاهنا منعدمة فتتحول الحرارة الناتجة وبصورة آلية إلى مخزونات داخل الجسم ومركبات غنية بالطاقة لاستخذامها كلما لزم الأمر .
وفائدة رابعة : أن هذه الحركات الذائبة ترفع من معدل تهوية الجسد فيما يسمى بالكفاءة التنفسية (وهي عبارة عن النسبة بين ثاني أكسيد الكربون المطرود من الرئتين والأوكسجين الداخل إليهما في وحدة زمنية ثابتة ) ويرمز لها علميا بالرمز ( RQ) . وهي نسبة لا تزيد في أحسن أحوال الجسم تهوية عن الواحد الصحيح غير أنها تحت تأثير التمرين الخفيف للعضلات الحادث أثناء الصلاة ترتفع لتبلغ ما قيمته ضعف القيمة المذكورة يعني ( 2 ) وما ذلك إلا لسرعة طرد كميات ثاني أكسيد الكربون من الجسد وارتفاع نسبة استنشاق الأوكسجين من الهواء الطلق ، أضف إلى كل هذا أن المعدل الأساسي للتمثيل الغذائي بالجسم يعتمد في نشاطه على عدة عوامل أهمها هو الجهد العضلي ذلك أن استيعاب كميات جديدة من الأوكسجين لا يتضاعف حال القيام بهذا الجهد فحسب بل لفترة طويلة بعد تمامه ( 80 ) ، أما الأمر الطريف والمدهش فهو أن معدل هذا التمثيل قد وجد في الأفراد المصابين بالإكتئاب والأضطرابات النفسية أقل من نظيره في الحالات السوية من الناحية النفسية ، ويلاحظ هاهنا أن الصلاة باعتبارها أحد الأوامر الإلهية المؤدية إلى أتم حالات الاستقرار النفسي والإطمئنان القلبي ، مَا ثَمَّ هجمات للإكتئاب ولا نوبات للأحزان وهكذا يبلغ معدل التمثيل الغذائي أعلى نسبة له بتوفير أنسب مناخ يؤدي فيه وظائفه على أكمل وجه .
وعلى الجملة فإن الصلاة تقوم بكفاءة عجيبة بتنشيط كافة العمليات الحيوية داخل الجسم الإنساني بما فيها جميع العمليات التمثيلية الغذائية كذا كعامل نفسي وعضلي فعال ومؤثر ، ولعل في كل الذي ذكرناه لك تبريرا كافيا لهذا الإرتفاع الملحوظ بين المصلين في معدلات بناء الكولاين ( النسيج الرابط والمقوي بجدار الوريد الصافن ) وتلك النتيجة المبهرة التي توصلنا لها في هذا البحث المتواضع لأداء الصلوات بحركاتها المتميزة علاقة وثيقة بالوقاية من مرض الدوالي .
تنشيط الصلاة للمضخة الوريدية الجانبية : حين تتقبض عضلات مؤخر الساق ( السمانة ) تندفع الدماء بقوة داخل الأوردة العميقة من أسفل إلى أعلى بينما تقف الصمامات المخترقة الحازمة بالمرصاد لتحول بين هذه الدماء وبين أي تسرب إلى الأوردة السطحية وهذا يعرف بمضخة السمانة ثم تنبسط عضلات مؤخر الساق فإذا بتحول الضغط فجأة من أعلى صورة إلى ضغط سالب من الأوردة السطحية إلى الأوردة العميقة بينما تسمح الصمامات بمروره في حراستها من الخارج إلى الداخل عن طيب خاطر .
أما رحلة الدماء العائدة عبر الأوردة نحو عضلة القلب فإنها تتم تحت تأثير العديد من العوامل الدافعة ، إذ أن الأوردة الصغيرة تتشبع بالدماء الفائضة بلا انقطاع إليها من حمامات الشعيرات الدموية بينما تكون الأوردة العميقة واقعة تحت ضغوط مستمرة نتيجة الإنقباضات المستمرة للعضلات المحيطة بها ومن الأوردة ما يكون ملاصقا لشريان لايفتأ يقرع نابضا على جداره ناقلا تلك الضغوط النبضية إلى الوريد الساكن .
إن الغاية الأولى لتلك الضغوط هي عصر الدماء داخل الأوردة في كافة الإتجاهات أما الصمامات الحارسة فتمنع انتشار الدماء إلى الخارج فلا يبقى أمام تلك الدماء المضطربة سوى طريق واحد عليها أن تسلكه وهي راغمة من أخمص القدم إلى عضلة القلب ، حالما كانت الصمامات الحارسة تعمل على أقصى كفاءة لها .
ولا يغربن عن بالك أن تأثير الجاذبية الأرضية على أوردة الرأس والعنق كذا تلك القوة السابحة في منطقة الصدر نتيجة الضغط السلبي هناك كلها عوامل فعالية ومؤثرة للأخذ بيد الدماء المتسلقة في عناء نحو مستقرها الموعود في تجويف القلب .
فإذا علمت أن السرعة التي تنهج عليها الدماء في الشرايين هي أضعاف تلك المعروفة في الأوردة ومن أجله كانت الأوردة عموما أوسع تجويفا من الشرايين وأكثر عددا ، وهكذا وتحت وطأة السرعة الكبيرة بالشرايين في مقابل الركود النسبي بالأوردة تحدث الحركة الإنعكاسية الدموية اعتمادا على فروق السرعة بين الدم الشرياني والدم الوريدي .
وحتى يتبين بلا غبش تأثير هذا جميعه على الضغوط بالطرفيين السفليين يكفيك علما أن تدرك أن الضغط الواقع على ظاهر القدم والذي يبلغ حال الوقوف حوالي ( 100 سم/ماء ) عقب برهة صغيرة من المشي وتحريك الطرفيين السفليين يهوي هابطا إلى رقم ( 30 سم/ماء ) في إشارة واضحة إلى فعالية تلك الآلة الدؤوبة المخلصة "المضخة الوريدية الجانبية".
فإذا ما رجعنا إلى دور الصلاة نجد أننا أمام حركات بالغة المرونة لمعاونة تلك المضخة لا لتؤدي وظيفتها التي خلقت من أجلها فحسب بل أيضا لتضيف إليها من العوامل المقوية والمضعدة لتعزيز عملها على أكمل صورة حتى إنك قد راجعت معنا النتائج الباهرة لهبوط الضغط عقب كل ركعة ليس إلى ( 30 سم/ماء ) فقط بل أيضا إلى ما هو قريب من درجة الصفر ( 1.33 سم/ماء ) وهي رحمة – لو تدري – عميقة بأولئك الذين قدر عليهم أن يكابدوا الوقوف المؤلم ولفترات طويلة دون راحة أو كلل وكانت نسبتهم على الأقل في رسالتنا هذه %85من المصابين بالدوالي يقطعون في واجبات توقفهم بغير انقطاع حوالي 5 -13 ساعة متواصلة في اليوم الواحد »
وأخيرا يتأكد لنا ويتقرر عندنا أن قول حبيبنا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم لبلال : « يا بلال أقم الصلاة أرحنا بها » صحيح :أبو داوود : 4985 . ليس قولاً اعتباطيا وعبثيا ، إنما هو حكمة إلهية في التشريع الإسلامي الرباني ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ) النجم.
أَلاَ يَـا عَـبْـدَ اللهِ كُـنْ تَـهْـوِي رَاكِـعاً سَاجِداً بَاكِياً تَـرْجُـوا بِـهَـا فَـوزاً فِي لاَ غَـيـرَ ذَاكَ وَإِنْ كَانَ فِيهَا | عَلَىعَزْمٍ مِنْكَ فِي صُفُوفِ المُصلّينَ خَـاشِـعاً مُتَلَهِفاً لِرَبِّ العَالَمينَ دَارِ الـمُسْتَقَّرِ مَعَ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ مَـا يَـرْجُوهُ العَبْدُ فِي الأَزَلِّيِّنَ |