تأييد الوزير
مثقفو الحظيرة ..هل يعرفون العفة ؟
أ.د. حلمي محمد القاعود
في الحملة التي جيشها الفنان لدعمه ومواجهة فضائحه الثقافية ، وفساد وزارته ، قامت جريدته الغراء التي يمولها الفقراء والكادحون من الشعب البائس الفقير ، بوصف الذين كشفوا فضيحة جوائز الدولة ، ومنحها لشخص يرى دينهم مزورا اصطنعه عبد المطلب لزعامة قريش ، بعدم العفة أو عدم التعفف ، ورأت الجريدة التي ينبغي أن تعبر عن شعب مسلم يؤمن بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم والوحي والغيب ؛ أن الذين يرفضون منح الجائزة لشخص يصف الإسلاميين ودعاتهم بأنهم (كلاب جهنم وأولاد قحبة! ) فرقة من الشتامين والمكفراتية ، كما خصصت الجريدة العديد من الصفحات للدفاع عن هذاالشخص البذيء الذي فاز بجائزة الدولة ، ووصفت نشر الفتوى التي أصدرتها دار الإفتاء بأنها أكاذيب ينشرها المكفراتية .
و شنّ جابر عصفور الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للثقافة، هجوما حادا على المثقفين المحتجين على منح القمني جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية، وعدهم من ذوي الاتجاهات الدينية المتطرفة ، كما رأى أن سيد القمني مجتهد في الإسلام مضيفا قوله : الإسلام يقول "لكل مجتهد نصيب"؛ وهناك في الإسلام حق الخطأ، فإذا كان القمني قد اجتهد فلابد أن نحترمه ، لكنه اعترف ضمنيا بإساءة القمني للإسلام، عندما أكد أنه حتى لو كان هناك مليون شخص مثل القمني لن يضروا الإسلام، لأن الإسلام محمي بالعناية الإلهية ( المصريون 4- 8 -2009م).
و أصدر مجلس نقابة المهن التمثيلية بيانا أشار فيه إلى أن فناني مصر يؤيدون بقوة ترشيح الفنان فاروق حسني وزير الثقافة لمنصب مدير عام منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة( اليونسكو) ويستنكرون الهجمة الشرسة من بعض الجماعات ضد الثقافة والفنون ممن ليس لهم علاقة بهما مما يعد إساءة وخيانة للوطن من جانبهم.
ونحن - أي مجلس نقابة المهن التمثيلية - ندعم ترشيح الفنان فاروق حسني وزير الثقافة للمنصب بجدارة ونؤكد أن سيادته الأفضل للمنصب باعتباره قيمة تاريخية تمثل العالم العربي ( الأهرام 3-8-2009م).
كما أصدرت الأمانة العامة لمؤتمر أدباء مصر بيانا استنكرت فيه ما أعلنته مجموعة قليلة يدعون أنهم مثقفي مصر علي موقع (المصريون) ، وقالت : إن هذا البيان لا يمثل المثقفين المصريين الحقيقيين من أدباء ونقاد وفنانين ومفكرين وإعلاميين لأن جموع المثقفين ينأون بأنفسهم عن مثل هذه التصرفات التي تحدث انقساما خطيرا مدسوسا علي الثقافة المصرية الأصيلة ويشير البيان إلي أيد خفية تعبث بالثقافة المصرية بل بوحدة الوطن المصري وتقدم سابقة مؤسفة في العمل الوطني وتقف علي عكس ما تسير إليه جميع الدول العربية ومعظم دول العالم من تأييدها للفنان فاروق حسني لنيل منصب مدير عام اليونسكو، وتهيب الأمانة بالدول الشقيقة والصديقة مؤازرته للحصول علي هذا المنصب الدولي.
وتري الأمانة أن فاروق حسني واحد من أبناء مصر الذين عملوا بإخلاص وجدية وعطاء متواصل من أجل خدمة الثقافة المصرية وترشيحه لمنصب مدير عام اليونسكو فخر لكل المصريين وحصوله علي المنصب يدعم الثقافة المصرية ويزيد من الجهود الدولية للحفاظ علي هويتها الحضارية والتاريخية والثقافية وعلي إرثها التاريخي العظيم.( الأهرام 3-8-2009م ).
وشارك ا اتحاد الكتاب بدوره في المسألة فأصدر بيانا مشابها للبيانات السابقة نشرته مواقع وصحف عديدة .
من حق الفنان أن يستعين بموظفيه والتابعين له والمستفيدين منه في الرد على من يرونه فاسدا مفسدا ، لم يحرص يوما على الثقافة القومية والهوية الحضارية ، بل كان عدوا لكل ما يمت للإسلام بصلة ، بدليل تبنيه لكل الشواذ فكريا الذين يخربون عقل الأمة وينشرون فيها ضلالات الماركسية وإفك الماسونية وأكاذيب المؤسسة الاستعمارية الصليبية، ثم إنه أهدر أموال الشعب المصري المسلم على مؤتمرات وندوات ومهارج وجوائز غايتها الأولي إقصاء الإسلام وتشويهه بل استئصاله ، ومنها على سبيل المثال المؤتمر الشهير لتغيير الخطاب الديني الذي عقد قبل سنتين ( يولية 2007م ) ، وحضره خصوم الإسلام وكارهوه ، وللأسف لم يمثل الإسلام إلا وزير حكومي لا يعنيه أمر الإسلام والمسلمين ، إلا بقدر ما ينفذ أوامر وزارة الداخلية ..
كنت أتمنى أن يتعفف القائمون على جريدة الوزير وأتباعه من مثقفي الحظيرة ؛ عن اتهام الشرفاء بعدم العفة والخيانة والمساس بوحدة الوطن ، وهم يعلمون جيدا أن اتهاماتهم باطلة وكاذبة ، وأن الوزير لا يليق أن يمثل مصر في اليونسكو ، ولا يصلح أن يكون وزيرا لثقافة دولة إسلامية عريقة مثل مصر ، وإذا كان كل من يعارض ترشيح الوزير لليونسكو خائنا ، فالمعارضون له يتشرفون أن يكونوا من أوائل الخائنين !
إن فضائح وزارة الثقافة وخاصة في موضوع جائزة القمني ،كانت محل استهجان أصحاب الضمائر الحية ، وهو أمر لم يقتصر على الإسلاميين وحدهم ، بل تعداهم إلى غيرهم من الماركسيين والعلمانيين ، ويكفي أن نشير هنا إلى مجموعة من الكتاب اليساريين ، من بينهم : خالد السر جاني وحلمي النمنم وبلال فضل وأسامة غريب ..
وسأكتفي بنموذج واحد منهم لا يخافت برفض تصورات الإسلاميين ، ولكنه يؤكد على استهجانه لمنح القمني جائزة الدولة التقديرية ، إن خالد السر جاني يقدم رؤيته على النحو التالي :
'كنت أتصور أن المدخل المناسب لتناول الجدل المثار حاليا حول فوز سيد محمود القمني بجائزة الدولة التقديرية هو الدفاع عن حقه في الاجتهاد وعن الدولة المدنية في مواجهة الهجمة السلفية التي تحاول أن تؤسلم العلوم الطبيعية والإنسانية'
لكنني شعرت بقدر كبير من الاستفزاز من تصريحات القمني حول أن جائزة الدولة هي التي تشرفت به، وهي تصريحات كررتها ابنته من بعده فيما يكشف عن قدر من التعالي ليس من سمة العلماء الذين يجب أن يتحلوا بقدر كبير من التواضع وهذه التصريحات جعلتني أتيقن من أن الدفاع عن الدولة المدنية في مواجهة هذه الهجمة السلفية يتطلب قدرا كبيرا من الوضوح العلماني ومن الدفاع الصحيح وليس المشوه عن الدولة المدنية، ففوز القمني يسيء إلى الدولة المدنية ولا يفيدها، ولو كان أعضاء المجلس الأعلى للثقافة جادين في إعطاء رسالة حول مدنية الدولة لمنحوا جائزة مبارك للدكتور 'فؤاد زكريا' الذي لم يحصل على الأصوات المطلوبة للفوز ؛ وللأسف فإن القمني باحث في التاريخ القديم والأساطير، وهذا الفرع من العلوم الاجتماعية يتطلب من المتخصص أن يجيد لغات قديمة مثل الهيروغليفية والسريانية والقبطية والأكادية والآرامية وبالطبع بعض اللغات الأجنبية خاصة تلك التي كتب بها علماء التاريخ القديم والمصريات الكتابات الرئيسية بها، وتقف على رأس هذه اللغات الألمانية والفرنسية والإنجليزية وبالطبع لا يتطلب من الباحث أو المتخصص أن يجيد هذه اللغات جميعا لكن معظمها أو قل بعضها، ولكن حسب معلوماتي المتواضعة فإن القمني لا يجيد أيا من هذه اللغات بما يعني أنه يفتقد أبرز أدوات البحث في المجال الذي يدعي انه تخصص فيه .....( الدستور 2-8-2009م ) .
إن كلام السرجاني بعيدا عن كلامه عن الدولة المدنية وحملته على الإسلاميين من خلال ما يسميه الهجمة السلفية ، يؤكد أن القمني لا يملك أدوات البحث العلمي المنهجي التي يفرضها الموضوع الذي يكتب فيه.. وكنت أتمنى أن يتعمق السرجاني في طبيعة البحث العلمي لدى القمني ليتأكد أننا لسنا أمام باحث مجتهد يعمل وفقا للأسس التي وضعها علماء الأصول ، أو الأصوليون بالمفهوم الإسلامي وليس المفهوم الاستعماري ، ولكننا أمام باحث يجتهد في التلفيق والتزوير مثلما زور شهادته ، ليصل إلى نتائج وضعها أمام عينيه مسبقا ، فهو ليس مجتهدا يصيب ويخطئ ، وله الأجر في الحالين كما تصور جابر عصفور، ولكنه ملفق مزور يستحق التجريم وليس التكريم كما قالت دار الإفتاء .
ولعلنا بعدئذ عرفنا الإجابة على السؤال عنوان هذا المقال : هل يعرف مثقفو الحظيرة فضيلة العفة ؟
إنهم لا يعرفونها بالتأكيد ، والشواهد العملية لدينا لمن يريد ..
قناة الشيطان :
فوجئ العرب والمسلمون ومن قبلهم الشعب المصري المسلم بقناة الشيطان المجرم غير المشلوح تبث إرسالها على القمر الصناعي نايل سات التابع لوزير الدعاية في جمهورية مصر العربية المسلمة . ويعلم القاصي والداني أن الشيطان المجرم غير المشلوح يقوم بالتلفيق والتزوير مثل القمني في مهاجمته للإسلام ، بل إنه يستشهد بكتابات الأخير على صحة مزاعمه تجاه الإسلام والمسلمين ..
معنى بث القناة التنصيرية الشيطانية على القمر المصري ، إشعال النار واستمرارها إلى أمد لا يعلمه إلا الله ، ولا أدري ماذا كان أو سيكون موقف وزير الدعاية في بلادنا التعيسة ، هل يدرك عواقب هذا الفعل غير المسئول ؟
إذا كان الأمر ضغوطا أميركية ، أو كنسية داخلية ، فإنه لعب بالنار سيحرق كثيرين وفي مقدمتهم من استجابوا للضغوط ، وإذا كانت المسألة اختبارا لقابلية الشعب للأمر ، فإني أبشرهم بأن الشعب في حالة غضب وغليان قد ينفجر إذا استمرت اللعبة الشيطانية أو تكررت ، ولعل القوم يهتدون إلى الرشد .