رسالة وتحية من الجولان

إلى الشاعر "منير مزيد" المكرَّم

الشاعرة المناضلة أملي القضماني

الجولان العربي السوري المحتل

إنّ الواجب يحتم علينا جميعاً من أجل مستقبل أكثر أشراقا، أن نلقي الضوء على فكر وانتاج ( منير مزيد ) الذي يبذل جهداً ملحوظاً لإنجاح مشروعه الثقافي ، مسافرا في قطار العطاء بعقل منفتح و روح إنسانية شاملة ،محاولا نشر ثقافة الحوار بين الشعوب من أجل تعايش مشترك قائم على المحبة واحترام الآخر ليضخ في شريان التاريخ المعاصر مشروعا منفتح الآفاق .

لقد أدرك ( منير مزيد ) بأنَّ نواميس الطبيعة التي تحيط بنا وتتداخل بحياتنا تجعلنا نعيد التفكير بعيدا عن التمنطق والتشدق اللفظي والفكري . شقَّ الشاعر طريقة بعزم وإرادة صلبة إلى (توحيد العالم في قصيدة) فقام على تأسيس ( بيت الحكمة) ليكون  منارة معرفة وعلم تنير بنورها طريق السالكين للمعرفة و الإبداع ، المؤمنين بالعدل والسلام .

 ( منير مزيد ) يؤمن بأن الأدب وخاصة الشعر يستطيع أن يلقي النور على كينونتنا ويجعل الجمال المختبيء فينا يتوهج ويشعشع ، غامرا كل اطياف الشعوب المحبة للتعاون والتلاحم بعيدا عن النظرة الضيقة والتكتلات السياسية والحزبية، وبإمكانه أيضا ، أن يجلب الانتباه الجاد للقضايا الإنسانية بالفهم والمعرفة التي يوفرها وهكذا يمكننا رؤية أنفسنا ورؤية العالم بعمق ووضوح أكبر من خلال الشعر. فهو يرى بإن أهمية الشعر الواسعة وصدقه وتشكيلاته الأخلاقية تقوم دوما باستقطابنا بشكل سريع نحو عالم مليء بالسحر والجمال قد يكون الدم متجمدا ولكننا بإمكاننا أن نرى ولأول مرة ما يجب أن يكون واضحا في دورنا كبشر نحو ثقافة إنساية عالمية أوسع وأشمل من نطاقها الجغرافي.

( منير مزيد ) أصدر أنطولوجيا الشعر، لكبار شعراء الصين واليابان والتي حملت عنوان ( السحر الآسيوي) وقام بترجمتها عن الانكليزية للعربية وقد سبقها إنجازه التاريخي ( بوابة الشعر العربي المعاصر ) ، أنطولوجيا الشعر العربي بثلاث لغات لتكون أول انطولوجيا شعرية تصدر بثلاث لغات  و ( أكاليل الغار ) أنطولوجيا الشعر الروماني  ، بالإضافة إلى ترجمة ديوان ( نحو شفاه السماء) للشاعر و الباحث الروماني الكبير (ماريوس كيلارو)  و ديوان ( فسيفساء الروح ) للشاعرة الرومانية( كورينا ماتي غيرمان) وديوان (حلقات ضمن حلقات) للشاعر الباكستاني (سانو الله) .

حاليا يستعد لأصدار أنطولوجيا الشعر الروماني الثانية التي ستكون أهم أنطولوجيا شعرية بين الأدبين العربي و الروماني (سنابل الحكمة) و ستحتوي على كل شعراء رومانيا المعاصرين ، وأنطولوجيا الشعر العربي المعاصر وهو يعمل على المزيد في ترجمة و إنجاز مثل تلك الاعمال  ومن كافة اللغات والبلدان ناهيك عن عبقريته وإنتاجه الشعري الذي يزيد عن 10 مجموعات شعرية ، كل هذا لهو دليل على وعي عقله وقدرته على القول والفعل و الإنجاز معا.

بما أنَّ أوطاننا العربية  ، و للأسف لا تحتضن ولا ترعى مثل هذه الاهتمامات وتلك المشاريع العظيمة ، فهذا أمر مؤلم و محزن وقد اضطر شاعر العرب ( منير مزيد ) إلى الهجرة بعدما ضاقت به أوطاننا  لتنفيذ مشروعه وحلمه الإنساني العظيم بأن يجمع العالم في قصيدة لأنه يؤمن  في التقاء الحضارات لا بتصادمها وإن الثقافة هي إرث إنساني  للعالم أجمع يستمد قوته واستمراريته من خلال التفاعل مع ثقافات الآخرين.

من (رومانيا) التي احتضنته ودعمت مشروعه انطقلت إنجازات الشاعر والروائي والمترجم الفلسطيني (منير مزيد ) الثقافية والأدبية ليزرع بذور ثقافة الحوار وها هي تلك البذور قد بدأت تزدهر ولتصبح أشجارا باسقة .

بتمازج المادة العلمانية والفكر النوراني والروحاني عند الشاعر ( منير مزيد ) جعله يرتقي بنفسه ويرفعها ويصونها، وبهذا الانسجام الرفيع بين العقل والروح تتجلى الحقيقة، ويشعُّ البهاء، عندها هل يمكن لهذا الإنسان إلا أن يتدفق عطاء وابداعاً راقيا وساميا..؟!

( منير مزيد) الروائي والشاعر والمترجم الكبير  يتزنر بحلم جميل يحققه بصبر  بأناة وصبر وجلد  دون أن يغالبه الكلل أو يهاجمه الملل ، معتبراً نفسه وحدة لا تتجزأ من صميم هذا العالم، مستمداً من الطاقة الكونية إعجوبة عمل تولِّد لديه المزيد من تحقيق الغاية التي يصبو اليها..

يعمل الشاعر ( منير مزيد ) في صمت ونكران للذات همه الوحيد خدمة الأدب والأدباء والعمل على خلق واقع من رباط و ترابط بعلاقات إنسانية ثقافية بين شعوب العالم عن طريق بث الكلمة الجميلة والملتزمة لبعث روحا جديدة وتفهم واسع للآخر.

قامة سامقة أنت أيها الشاعر العربي النبيل ( منير مزيد ) ، يا ساحر الحرف والكلمة وشاعر الجمال فتحية فخر واعتزاز لك وإلى المزيد من هذه الخطوات في العمل الإبداعي والإنساني، سر متسلحا بالثقة والعزيمة التي لا تلين وليبقى  دوما سراجك منيرا  ينثر الضياء  والبهاء. .

لك المجد والرفعة وإلى الأمام..

جزاك الله كل خير وجعل من كل حرف خطه قلمك الذهبي في ميزان حسانتك..

تقبل تحياتي واحترامي