ماذا بعد انتصار غزة؟
م. عز الدين سلامة
غزة انتصرت ، هي حقيقة ساطعة كسطوع الشمس في ظهيرة يوم من أيام شهر تموز وآب ، لن ينكر نصرها أو يجحده إلا عدو غاشم أو منافق جاحد ولن أزيد عن هذا ولن أكتب في نصرها شعراً فهناك من فطاحل الشعراء من سيتغنى بنصرها على مدى الأيام اللاحقة بل وعلى مدى التاريخ القادم ، لأن نصرها اليوم هو فاتحة الطريق بل فاتح الشهية للإنتصارات اللاحقة بإذن الله ، بل سأحاول وضع بعض النقاط على حروف هذا الإنتصار علنا نعي درس الإنتصار ونستفيد منه لانتصاراتنا القادمة :
أولاً: معية الله وتوفيقه هي العنصر الأساسي في هذا النصر.
ثانياً: وحدة الشعب الغزي وتضامنه مع المقاومة واحتضانه لها كان من أهم اسباب صمودها وانتصارها في الميدان.
ثالثاً: وحدة الفصائل العسكرية المقاومة والتنسيق التام والمتناغم فيما بينها كان من العوامل الحاسمة في هذا الإنتصار.
رابعاً: الإعداد والإستعداد المسبق على مدار الأيام والشهور والسنوات من حفر للنفاق وتصنيع الصواريخ وتطويرها ، والتخطيط العسكري للمعركة ورسم معالمها وغير ذلك من الأخذ بالأسباب كان الفعل الحاسم في تحقيق هذا النصر.
خامساً: القيادة الحكيمة الواعية المتبصرة والموضوعية " سياسية وعسكرية " قادت المقاومة إلى تحقيق النصر.
سادساً: خاضت المقاومة معركة إعلامية وحرباً نفسية على أعلى مستوى من التخطيط والتكتيك والنجاح الأمر الذي أثر بشكل كبير في وحدة الجبهة الداخلية الفلسطينية ورفع معنويات الشعب وتحطيم معنويات الجبهة الداخلية للعدو وجيشه المتغطرس.
كانت تلك من أهم العوامل التي أدت إلى تحقيق هذا النصر ، وهناك غيرها الكثير من التفاصيل الذي لا يتسع المجال لذكرها.
يقال أن من السهل الوصول إلى القمة ولكن من الصعب المحافظة عليها وعليه فإن تحقيق هذا النصر وفقاً لما سقناه كان بالإمكان تحقيقه ولكن الأصعب هو المحافظة عليه وعدم خسرانه ومن ثم البناء عليه لتحقيق الطموح بتحقيق التحرير والإنتصار في المعركة الحاسمة مع هذا العدو الغاشم ، ولذا يأتي السؤال المشروع ، ماذا بعد هذا الإنتصار ؟ وما هو مطلوب من قيادتنا العمل على البدء بتنفيذه حيث أن الزمن ليس في صالح الشعوب الضعيفة والتي تقبع تحت الإحتلال وتجاهد للحصول على حريتها ، وسيحاول هذا العدو ومن معه من حلفاء سرقة هذا النصر وتحويله إلى هزيمة في الميادين الأخرى ، وعليه فإن القيادة السياسية والعسكرية مدعوة لوضع خطة استراتيجية للمحافظة على هذا النصر والتقدم إلى الأمام لتحقيق انتصارات أخرى وفي كل الميادين ومن هذه النقاط التي يجب أن تضعها القيادة على حروف هذه الخطة :
البقاء على صلح مع الله في الشدة والرخاء وتعميق المعاني الإيمانية في نفوس الشعب والأجيال.
تأكيد وتعزيز وحدة الشعب بتأكيد المصالحة والبدء بالتنفيذ العملي لبنود المصالحة التي لا زالت تبدو شكلية ولا روح فيها.
الإسراع في إزالة كل ما علق في نفوس الشعب من أدران الإنقسام وتعميم تجربة وحدة الكتائب المقاومة في غزة على الشق السياسي من هذه الفصائل في غزة والضفة.
إزالة كل الحواجز أمام توحيد الشعب بقطع رؤوس الفتن ومروجيها والضرب على أيدي المرجفين في المدينة ، وقطع الطريق على كل الجهات المستفيدة من الإنقسام.
إعادة النظر بالتنسيق الأمني المبني على خطط دايتون ، وإيجاد الحل المناسب لهذا المرض العضال
وضع خطة استراتيجية وطنية شاملة للتحرير بمشاركة جميع الفصائل وإعادة هيكلة منظمة التحرير وفق هذه الخطة والبدء بها فوراً وعدم البقاء على استفراد السلطة في وضع الخطط التي تدور في ذات الفلك الذي جربناه ودرنا فيه مدة عشرين عاماً دون الحصول إلا على صفر كبير.
تعزيز المقاومة ودعمها مادياً ومعنوياً والتفكير جدياً بتحويلها إلى جيش الدفاع والتحرير الفلسطيني، ليكون الظهر الحامي والورقة الرابحة في ميادين السياسة والدبلوماسية.
تغيير الخطاب الإعلامي الحالي وتوحيد موجته وتوجيهها نحو الوحدة وبث روح المقاومة والتحرير.
تجديد الدماء في جسد الفصائل الفلسطينية وتطعيمها بالعناصر الشابة التي اثبتت جدارتها في الميدان والتركيز على العناصر الوحدوية.
العمل على النأي بالقضية الفلسطينية من التجاذبات الإقليمية والخلافات العربية وأخذ العبر من دروس الماضي ، والتركيز على الهدف الأسمى وهو التحرير الكامل لتراب الوطن.
وأخيراً ضرورة تنقية القلوب وتطهيرها والإبتعاد عن المناكفات الفصائلية التي تؤدي إلى مزيد من الفرقة وتشتيت الجهود والطاقات وتجرع مرارات الهزائم.