رسائل الكلام :
بعضها يرسله المتكلّم ،
وبعضها يرسله الكلام ذاته !
عبد الله القحطاني
· رسالة العاقل ، يرسلها هو ، في الاتّجاه الذي يريد ، وبالكيفية التي يريد ! وقد يرسل في الكلام رسائل شتّى ، في اتّجاهات متعدّدة ، لغايات متعدّدة .. وكل جهة تعرف الرسالة التي تخصّها ، في الكلام ، حتّى لو لم يسمّها المتكلّم ، في كلامه !
· أمّا الرسالة التي يرسلها الكلام ذاته ، فهي تلك ، التي لايعرف صاحبها لمَ قالها ، ولا ماذا يريد منها ، ولا الجهة التي يمكن أن تقرأها ، أو تفهمها ، أو تعمل بمقتضاها ، أو تنتفع بمضمونها ، أو تُضرّ به ! وهذه هي الرسالة التي قد تحمل الضرر لصاحبها، دون أن يدري ، أو دون أن تكون لديه القدرة ، على تمييز مافيها ، من نفع أو ضرر، له ، أو للآخرين ، حتى لو ظنّ ، هو ، نفسَه ، فيلسوف عصره ! وهذه أصحابها أصناف عدّة :
ـ الأحمق الثرثار ، الذي يستجَرّ إلى كلام ما ، بطريقة تثير انفعالاته ، فيغرف بلسانه ، أنواعاً من الكلام ، الذي لا يَعرف قَبيله مِن دَبيره ، ولا نافعه من ضارّه ، ولا جيّده من رديئه ! فهذا النوع من الكلام ، يحمل رسالته ، بنفسه ، لكي يكشف حقيقة المتكلّم ، دون أن يكشف شيئاً من الحقائق الأخرى ، الموضوعية ، أو الشخصية .. المتعلّقة بذوات الآخرين ! وبالتالي ، تكون الرسالة ، المرسَـلة على عواهنها ، رسالة تدمير للمرسل ؛ تدمير لصورته في نظر الناس ! لأنها تعطيهم فكرة عنه ، وعن صفاته ، من : حماقة ، أو بلاهة ، أو سفاهة ، أو طيش ، أو انعدام في توازن الشخصية ، أو قلّة مروءة ، أو ضعف خلق .. أو نحو ذلك !
ـ المجنون ، الذي لايعي ما يقول .. فيكون قوله ، هو الذي يرسِل نفسَه بنفسه ، إلى الآخرين ، ليدلّ على شخصية صاحبه !
ـ الجاهل ، الذي لايعرف معاني الكلام ، ودلالاته ، وأنواعه ، وتأثيراته في العقول والنفوس !
ـ السفيه ، الذي لا يجيد سوى شتم الآخرين ، واتّهامهم بتهم مختلفة ، قد يكون بعضها حقاً ، وبعضها باطلاً .. فيعرّض نفسه ، بسفاهته ، لمواقف محرجة ، في مجالات شتّى : خلقية ، وسياسية ، وأمنية ، وقضائية ، ونحو ذلك !
ـ إذا كان الجاهل ، أو السفيه .. الذي يرسل الكلام ، ممثّلا لفكرة ، أو مبدأ ، أو حزب ، أو قبيلة ، أو دولة .. ألحق الأذى ، بالجهة التي يمثّلها ، أو يعيّرعنها ، في كلامه ! ويكون من واجب هذه الجهة ، لجمه ، أو منعه من الكلام ، حتّى يستكمل عدّته الصحيحة ! وذلك ، بعد نصحه وتوجيهه ، وتعليمه أصول الكلام الجيّد النافع ! وإذا أصرّ على التكلّم ، ممثّلاً للجهة المعنية ، بالأسلوب ذاته .. وجب إعلان حقيقته للناس ، وإعلان البراءة ، منه ، وممّا يقول ! وقد كانت القبائل العربية ، قديماً ، تخلع رجالها السفهاء ، الذين يرتكبون حماقات ، أو جرائم ، بحقّ الآخرين .. تَجرّ على القبيلة كوارث ، أو حروباً ، أو مشكلات .. تثقل كاهل القبيلة ، وتسيء إلى كل فرد فيها !