نكبة فلسطين
في القرن الواحد والعشرين
رضوان عبد الله /كاتب وباحث فلسطيني من لبنان
أظهرت نتائج الامتحانات النهائية لطلاب المرحلة المتوسطة في مدارس الاونروا للاعوام الثلاثة المتتالية 2001 و 2002 و 2003 ، و2004 انخفاضاً خطيرا في معدلات النجاح للتحصيل الدراسي للطلبة الفلسطينيين . ففي كثير من المدارس لم تتجاوز نسبة نجاح الطلاب في الشهادة الحكومية نسبة الـ 25 % من مجموع الطلاب ، كما كان قد اظهر مسح معهد الفافو من قبل ان 1،2 بالألف فقط من طلبة الجامعات يتخرجون ، و كانت النسبة حوالي مقابل 4،2 بالألف قبل عشر سنوات حسب احصاءات الاتحاد العام لطلبة فلسطين ، هذا ان دل على شيئ فانه يدل على خطر تفشي الجهل و الامية القادم الينا و الذي يطالنا في صميم وجودنا . فالنكبة ليست بالمكان و الزمان فقط بل ان النكبة لها اشكالها و انواعها العديدة و اصعب النكبات نكبتنا في ثقافتنا و في تعليمنا ، فالهند على سبيل المثال ، رغم الفقر العام الموجود فيها ، فان أبرع علماء الكومبيوتر قد ظهروا فيها و اخذوهم الى اوروبا و امريكا ، و الباكستان كمثال آخر ، بجميع معاناتها ، نجحت في تطوير برامج و أنظمة نووية حديثة ، و هذا طبعا ناتج عن تطور العلم و الاهتمام به .
من موقعي السابق كعضو هيئة ادارية في الاتحاد العام لطلبة فلسطيني في لبنان ، و في اكثر من مناسبة ، و في بيانات عديدة كانت توزع من قبلنا مباشرة بالمدارس و المعاهد و الجامعات ، و من اجل تفعيل دور اتحاد الطلاب الفلسطينيين نحو الافضل حددنا و كررنا المتطلبات التالية :
ـ العمل على إعادة تنظيم وتوحيد الاتحاد العام للطلاب الفلسطينيين على أسس ديمقراطية ، ووفق قاعدة التمثيل النسبي وضمان استقلاليته وتمكينه من القيام بدوره في الدفاع عن قضايا ومصالح وحقوق الطلاب خدمة لدورهم المستقبلي في المجتمع.
ـ إعادة تنظيم وتطوير دور اللجان الطلابية في الجامعات والمعاهد العليا، من أجل الدفاع عن حقوقهم المطلبية النقابية ورفع مستواهم التعليمي وتطوير كفاءاتهم العلمية و التربوية .
ـ العمل على توفير الخدمات التربوية لكافة أبناء الشعب الفلسطيني في التجمعات والمخيمات حيث يعتبر أحد المسؤوليات الأساسية التي يجب أن تحلها منظمة التحرير الفلسطينية.
ـ الضغط من اجل تطوير وتحديث الجهاز التربوي في مدارس الاونروا و تفعيل دائرة التربية و التعليم في منظمة التحرير الفلسطينية من أجل أخذ دورها التربوي و التطويري الانمائي ، وعلى وجه الخصوص التعاون مع الاونروا من اجل توفير المستلزمات التعليمية الحديثة في المدارس وتوسيعها وزيادة عدد المدارس و الغرف فيها.
ـ الضغط على الاونروا لتطوير نظام الضمان الصحي ليشمل الطلاب ايضا ، مع تحسين الخدمات المقدمة للمدرسين .
ـ توفير الأدوية بأسعار معقولة للطلاب ولتكون وفي متناول الجميع.
ـ حماية التراث الشعبي والثقافي الفلسطيني الذي يحمل ويعكس المضامين الإنسانية والحضارية في تاريخ شعبنا.
- نشر وتشجيع الإنتاج الأدبي والثقافي والفني وتنمية روح الإبداع والبحث العلمي.
- وضع نظام للحوافز لتشجيع المبدعين في مجالات الثقافة والفنون الجميلة.
و من نافلة القول انه اذا كانت الام هي المدرسة الاولى ، و اذا كاد المعلم ان يكون رسولا ، و اذا كنت الحياة ايمان وعمل ، فانه رغم بؤس النكبة فقد كان شعبنا الفلسطيني في الخمسينيات و الستينيات و السبعينيات يعتبر من اكثر الشعوب من حيث عدد المتعلمين ، في موازاة ذلك و على الرغم من المعاناة التي يعيشها شعبنا في ظل الاحتلال و آثار الحرب الضروس التي يواجهها في فلسطين ، الا ان نسبا عالية من المتعلمين ثبت وجودها ، فمن جد وجد و من زرع حصد ، و بقي شعبنا مثابرا مناضلا يتعلم في مدارسه و اذا دمرها العدو ينقل المدرسة الى منزله ، و ان دمره يحول خيمته الى مدرسة ، و اذا هدموا جسور التواصل مع وطننا الغالي فلسطين فاننا كنا نتجاوزها عبر الاسلاك الشائكة لننفذ عملية ضد جحافل العدو وارتاله و كنا نخوض المعركة بالقرطاس و القلم مجتمعين مع نبدقية الثائر متوازيا مع غصن الزيتون رمزا للسلام ، و اذا كان الرئيس الشهيد ياسر عرفات قد حذر في الامم المتحدة عام 1974 من اسقاط غصن الزيتون من ايدينا ( فلا تسقطوا الغصن الاخضر من يدي ) فانه لم يشر الى البندقية لانه اعتبرها ستبقى بايدينا لننتصر فيها على العدو الغاصب المعتدي ، و ذلك بتأدية واجباتنا الوطنية و العربية و الاسلامية التربوية و الثقافية و الاكاديمية ، من اجل ان نسير بارادة قوية نضحي فيها من اجل فلسطين وننجح وننتصر لفلسطين فتنتصر فلسطين في عزيمة ارادتنا ومقاومتنا للجهل ، و تزول عنا نكبة جديدة استحدثت في القرن الواحد و العشرين لتقضي على البقية الباقية من تراث حضارتنا و معرفتنا ، الا انه حيثما وجدت الارادة و جد النجاح .