كتّاب غربيون وراء القضبان بسبب الهولوكست
يحيى أبو زكريا
المشرف العام البرامج السياسية والإخبارية
في الوقت الذي يدعّي المنظرّون والإستراتيجيون الغربيون أنّ الديموقراطية الغربية قد بلغت حدود الكمال وأنّها يجب أن تصبح الأنموذج في القارات الخمس بإعتبارها عنوانا لحرية الفكر و الإبداع و النتاج الذهني , فإنّ هذه الديموقراطية الغربيّة لم تتمكّن من تحمّل أفكار بعض أبنائها وزجّت بهم في غياهب السجن والمعتقلات , لا لكونهم قادمين من العالم العربي والإسلامي فهم غربيون أقحاح أبا عن جدّ , و لا لكونهم أصوليين ظلاميين فهم ليبراليون بإمتياز , غير أنّ ذنبهم الوحيد هم تعرية الهولوكست اليهودي والتشكيك بوجود المحرقة اليهودية والتي من خلالها إبتزّ اليهود وساستهم على الأخصّ المنظومة الغربية بشقيّها الرسمي والشعبي . والعقل الغربي مسموح له أن يعترض على النبياء كل الأنبياء بدءا بآدم وإنتهاءا بمحمد عليه الصلاة والسلام , هؤلاء الأنبياء المقدسون تحولوا إلى مادة للعديد من الروايات والأفلام والتعليقات الصحفية والكاريكاتورية , كما أنّ العقل الغربي بإمكانه أن يتناول المقدسّات كلها وما يخطر في البال وما لا يخطر , غير أنّ هذا العقل و بمجرد دنوّه من مسألة الهولوكست التي يزعم اليهود أنّ الزعيم الألماني أدولف هتلر أباد في معسكرات الإعتقال الألماني ةوغيرها ملايين اليهود , فعند ذلك يسقط عنوان الحرية المطلق ويصبح الغرب المنبهر بديموقراطيته لا فرق بينه وبين أعتى الديكتاتوريات ..
فالكاتب الفرنسي روجي غارودي ورغم كبر سنّه و تعللّ صحتّه ما زال ملاحقا من قبل اللوبي اليهودي في فرنسا والعالم , و هو ما جعله يغادر مسقط رأسه فرنسا ويلجأ غلأى دولة أوروبية أخرى بعد أن قال قولته الشهيرة : دخلت الإسلام فتجاهلوني و فضحت اليهود فأبادوني ..
وما زال إسم غارودي ممنوع التداول أو الذكر في الصحف الفرنسية والغربية التي تدعّي أنها تقوم على مبدأ الرأي و الرأي الآخر , أما كتابه المسألة اليهودية فهو محارب إلى أبعد الحدود في الغرب بل طمس ذكره كمرجع في فهم تاريخ اليهود و مما قاله غارودي :
ففي فرنسا - مثلا - يمكن إنتقاد الكنيسة الكاثوليكية أو الماركسية، كما يمكن مهاجمة الإلحاد والقومية، وشتم نظام الحكم في الإتحاد السوفياتي والولايات المتحدة وجنوب أفريقيا، والتبشير بالفوضوية أو بعودة الملكية، دون التعرض لمخاطر تتعدى الجدل او التفنيد المألوفين. أما نقد الصهيونية فإنه يفضي بصاحبه إلى عالم آخر، ينقله من عالم الأدب والفكر إلى عالم التحقيق والقضاء…. فبموجب القانون الصادر في 29/7/1981، بشأن ذم أي شخص بسبب إنتمائه لجنس او لعرق او لأمة او لديانة، يعرض كل انتقاد لسياسة دولة إسرائيل وللصهيونية السياسية التي تقوم عليها هذه الدولة، للمساءلة القضائية وهو الأساس هنا لانه لا يطال تصرفاً معيناً يدعو لتجريم صاحبه الآن بتناول نقد المنطق البنيوي لدولة أرسيت أسسها على مبادىء الصهيونية السياسية ويؤدي على الفور، إلى معاملتك كـ"نازي"… أو معادٍ للسامية ويجر عليك تهديداً بالموت! ويستطيع كاتب هذا البحث الإدلاء بشهادته حول ذلك ولطالما قد تعرض، لهذا السبب، إلى ملاحقات قضائية وإتهام "بالنازية" وتهديدات بالقتل. فما هو المسار الذي أتبع من أجل دراسة الصهيونية السياسية على صعيد الحروب الدينية؟ لقد قام على سلسلة من المداخلات والمتداعيات والاشتقاق في المعاني، كان بيغن قد دلل عليها في الشعار القائل "بإستحالة التفريق بين المناهضة لإسرائيل، والمناهضة للصهيونية، والمناهضة للسامية". وهو شعار، بادر زعماء "المنظمة الصهيونية العالمية" إلى تلقفه وترديده على مسامع الدنيا جمعاء .
ولم يسلم رفيق روجي غارودي الكاتب الفرنسي روبرت فوريسون من الملاحقة القضائية التي حركها ضدّه اليهود الفرنسيون , ففوريسون وبسبب تصريح له لقناة سحر سابقا والكوثر حاليا يقول فيه بأنّ المحرقة اليهودية أكذوبة كبيرة تعرضّ للمحاكمة في فرنسا رغم أنّ القناة التي صرح لها فوريسون محدودة الإنتشار , وقد حكم عليه القاضي الفرنسي بالسجن مع وقف التنفيذ وبغرامة مالية قدرها ألفين يورو , و مما قاله القاضي في المحكمة أنّ الكاتب الفرنسي فوريسون مخطئ وظالم إلى أبعد الحدود وتباهى بكونه يذهب بإستمرار إلى الكنيست اليهودي في باريس و يستمع إلى محاضرات عن الهولوكست .
وللإشارة فإنّ السويد دعت في يوم من الإيام سلمان رشدي صاحب رواية آيات شيطانية لزيارتها , وفي ذات الوقت وجهّ مجموعة من النشطاء من أجل فلسطين في السويد دعوة لفوريسون لزيارة السويد , فحدث أن أستقبل سلمان رشدي بالترحاب الشديد فيما كاد روبرت فوريسون يضرب و كان ذلك مشهدا من ثنائية المعايير في الغرب .
وفي بريطانيا تعرضّ المؤرّخ البريطاني الشهير دافيد أرفينغ إلى الإعتقال وحكم عليه القضاء الغربي بالسجن لمدّة ثلاث سنوات بسبب محاضرة كان قد ألقاها قبل عشر سنوات عن الهولوكست حيث شككّ في حقيقته , وقد كمن له اللوبي اليهودي وجرّه إلى المعتقل بأثر رجعي كما يقول علماء القانون .
و الأمر ذاته ينطبق على المهندس الألماني رودولف غرمر الذي قام بتحقيق كيميائي موسّع على أطلال سجن أشويتز في بولونيا , وكان غرمر رودولف يبحث عن بقايا غاز سيلكون ب والذي يدعّي اليهود أنّ الألمان إستخدموه لإحراقهم , وحسب غرمر فإنّ غاز السيلكون ب لا يفنى أبدا وهو يتحّد دوما مع مادة أخرى ويبقى في عين المكان الذي أستخدم فيه لمئات السنين , وحسب غرمر فإنّه لم يعثر على أثر لهذا الغاز في الأماكن التي يدعّي اليهود أن الجيش الألماني أحرقهم فيها ..وتسببّت هذه النتيجة في ضياع مستقبل غرمر وحرمانه من مواصلة عمله ناهيك عن الملاحقة القضائية .
وقد ضاقت سويسرا عاصمة التمدنّ والدمقرطة بالكاتب السويسري يرغن غراف الذي ترجم العديد من الكتب المشككّة في الهلوكست إلى اللغة السويسرية و لاحقه القضاء السويسري و فرّ بعدها يورغن غراف إلى روسيا وطلب اللجوء السياسي هناك ومنح هذا الحق بسبب الخوف على حياته فيما لو أعيد إلى سويسرا لأنّ هناكا حكما قضائيا صدر بحقه يقضي بسجنه سنتين كاملتين.