هلّت ليالي العيد

جميل السلحوت

[email protected]

سيحتفل العالمان العربي والاسلامي بعيد الفطر السعيد على الأغلب في الأول من أيلول سبتمبر هذا العام ، ولا يسعنا الا أن نقول للجميع مقولتنا المعتادة في مثل هكذا مناسبة " كل عام وأنتم بخير " ونسأل الله أن يعيده علينا وعليكم باليمن والبركات ، وقد تحققت طموحاتنا بالتحرر والاستقلال .

ونحن الفلسطينيين - وأعتقد أن اخوتنا في العراق وأفغانستان والصومال يشاركوننا الأمنية-ندعو الله بأن لا يقع شعب مهما كان عرقه أو لونه أو دينه تحت الاحتلال ، من كثرة المعاناة التي نعيشها تحت احتلالات أهلكت الشر والشجر والحجر .

وهذا العيد يمرّ على فلسطين وهي تعيش انقساماً غير مبرر ما بين الضفة الغربية وغزة المحتلتين، في صراع على سلطة تحت الاحتلال ، وما أعقب ذلك من حصار تجويعي وتدميري على أكثر من مليون وربع المليون مواطن في قطاع غزة . مع التأكيد على أن أحوال الضفة الغربية هي سيئة أيضاً ، فالبطالة تزيد عن 60% في الضفة والقطاع، وغالبية الأسر لم تجد في شهر رمضان ما تضعه على مائدة الافطار أكثر من الخبز والشاي الذي تقدمه وكالة غوث اللاجئين أو بعض المؤسسات الخيرية ، يضاف اليه بعض ما يُنتجه ما تبقى من أراض زراعية ، من زيتون وخضار ليست متوفرة للجميع .

ويمر الشهر الفضيل ، ويأتي العيد الذي لا طعم للسعادة فيه، وشعبنا يرزخ تحت احتلال بغيض لم يوقف اعتداءاته وممارساته القمعية يوماً واحداً ، هذه الممارسات التي تتراوح ما بين القتل والاعتقال ، وهدم البيوت ومصادرة الأراضي لأغراض البناء الاستيطاني ، الذي يتضاعف كلما كان هناك لقاء أومؤتمر يتوخى البعض منه أن يتمخض عن حلّ عادل ودائم ينهي هذا الصراع الذي طاله أمده .

ويأتي العيد ويتكرر إتيانه وأكثر من أحد عشر ألف أسير يقبعون في السجون الاسرائيلية في ظروف لا تصلح للحياة البشرية ، يعانون فيها الأمرّين ، لتزداد معاناة أسرهم وعوائلهم ومحبيهم، اضافة الى آلاف أسر الشهداء والجرحى الى درجة الاعاقة الذين لا يجدون ما يسدون به رمقهم .

ويمر الشهر الفضيل ومئات الآلاف من المؤمنين لا يستطيعون الصلاة في المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ، مع أنه على مرمى حجر من مكان سكناهم . ويأتي العيد وأكثر من ستمائة حاجز عسكري تقطع أوصال الضفة الغربية ، يذوق الفلسطينيون الذين يضطرون لعبورها شتى أنواع الاهانة والمسّ بكرامتهم هذا اذا ما سمح لهم بعبورها .

ويأتي العيد ومئات الآلاف من أطفالنا لم تتحقق أمنياتهم بلباس وحذاء جديدين ، وسيبقى خاروف العيد حراً طليقاً لعدم قدرة غالبية المواطنين على شرائه .

ويأتي العيد ، وسينتهي هذا العام دون أن تتحقق مقولة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش بالاعلان عن اتفاق ينهي الصراع ، مع أنه المسؤول رقم واحد عن عدم تحقيق هذه المقولة .

ويمرّ رمضان ويأتي العيد وأطفالنا وشيوخنا يشاهدون على الفضائيات مدى البذخ وحياة الترف التي تعيشها فئات من أبناء أمتنا ، لا تعلم أو هي غير معنية أن تعلم شيئاً عن معاناتنا ، تماماً مثلما هي لا تعلم عن وضع المعدمين من أبناء شعوبها .

ومع الغصة التي في قلوبنا وعقولنا الا أننا نقول للجميع: كل عام وأنتم بخير.