إنَّ الأمرَ أعزُّ وأجلُّ..!
د. حامد بن أحمد الرفاعي
إنَّ تَماسُكَ البناءِ الداخليِّ للمجتمعِ.. يَبقى الرهانَ الأعّظمَ والجِدارَ الأمّتنَ والأساسَ الأرسخَ..الذي تَقومُ به وعليه صُروحُ سيادة الأوطان وأمنها واستقرارها..وتشمخ وتتألق منارات رسالتها الحضاريِّةِ..وتتحققُ به طموحاتُ الأجيال في حاضرها ومستقبلها..وإليكم الدليل الجليل المعبر من سيرة الرسول الأعظم الأجل سيد الهدى وإمام الرحمة سيدنا وقرة أعيننا نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم:كان أمير المؤمنين عمرُ بن الخطاب يتناوب مع أحد الصحابةِ رضي الله عنهُما وأرضاهما حضورَ مَجلِسَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم..فعادَ الصحابيُّ يوماً من نَوبتِه فسألَه عمرُ رضيَّ اللهُ عنه:ما وراءَك يا أخي ..؟فقال:إنّ الأمرَ لجللٌ يا أباَ حفص ..! فقال عمرُ:وهل جاءت غسانُ..؟(كان الغساسنةُ في الشّامِ يُهددون بِغزو المُسلمين) قال:لا..بل الأمر أعزُّ وأجلُّ..قال عمر:وما ذاك..؟قال:لقد طلّقَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم زوجاتِه! قال:أوقد كان..؟فتناول عمرُ نَعله وأخذَ يَعدو حَافياً من هَولِ المصابِ يريد أن يقف على حقيقة ما حدث..أجل إنَّ اختلالَ تماسكِ بيتِ القيادةِ العُليا للأمةِ - كان في فَهمِ الرعيلِ الأوَّلِ من المسلمين- أخطرُ وأجلّ من أنْ تَغزوهم دولةٌ أخرى..تَجتثُ وجودَهم وتُدمِرُ أمنَهم وتُلغي سيادتهم..فمثل هذا الخطر إن حدث أمرٌ مقدورٌ مقاومته وصده مع تماسُكِ بُنيانِ الأمةِ ووحدةِ صفِها وتَحرُّرِ إرادة قيادتها..أمَّا عِندما تكون الأمة مُفكَّكةَ البُنيانِ متشاكسة متناحرة مُرتَهنَةَ الإرادة..يَسهُلُ إذاك قهرُها وتدميرُ سيادتِها واجتثاثُ وجُودِها..لقوله تعالى"وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ"ولقولِه تَباركت أسماؤه:"وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا"ولوصية عمربن الخطاب رضي اللهُ عنه لسعد بن ابى وقاص رضي الله عنه:"يا سعد إنى لا اخافُ عليكم من عَدوكِم ولكنْ أخافُ عليكم من ذُنوبِكم فإنْ عَصيتم اللهَ تَساويتم مع عدوكِم فى معصيةِ اللهِ فغلَبكُم بِكثرةِ عَدَدِه.