من العقل والوجدان نبدأ

د. حامد بن أحمد الرفاعي

د. حامد بن أحمد الرفاعي

الآثام والخطايا والجرائم والظلم والبغي والعدوان والإرهاب والرعب والتوحش بكل صنوفه ودرجاته..والطيبات والصالحات والعدل والإحسان والرحمة والتراحم والحب والتواد وكل الفضائل..هي من منتجات وصادرات ومخرجات سلوك الإنسان وتصرفاته..ولكن من المسؤول عن بناء سلوك الإنسان..؟بلا شك العقل والوجدان هما المسؤولان الأساسان عن بناء السلوك البشري إيجاباً وسلباً..فبالعقل السليم والوجدان المستقيم يكون السلوك الإيجابي البنّاء للإنسان..ولكن من المسؤول عن صياغة العقل السليم وبناء الوجدان المستقيم للإنسان..؟بكل تأكيد تبقى القيم الدينية والثقافية والمعرفية معاً مسؤولة عن صياغة ذهنية الإنسان وتفكيره..وعن بناء مقومات وجدانه ومخرجات سلوكه وتصرفاته..ولكن أي قيم دينية وثقافية ومعرفية نقصد..؟أمام ما تواجه الأجيال من كم هائل للقيم الدينية والثقافية والمعرفية المضطربة المتضادة ..!فما هو إيجابي عند قوم من أتباع الديانات والثقافات تجده من السلبيات عند أقوام آخرين..بل ما هو من الفضائل عند شريحة من أتباع دين أو ثقافة ما تجده من الرذائل عن شرائح أخرى منهم..فما هو المعيار أو المعايير التي على أساس منها نحدد إيجابية القيم وصلاحها..؟بعد تأمل طويل وعميق وجدت أن المعايير التي على اساسها تُعرف قيم الفضيلة والخير من قيم الرذيلة والشر..هي القيم التي تُحترم وتُجلُّ بها قدسيةُ حياة الإنسان وحريتُه وكرامتُه..والتي بها تحفظ ممتلكات الإنسان ومصالحه..والتي بها تُصان سلامة البيئة بشقيها المادي والمعنوي..وبها يقوم العدل بين الأفراد والمجتمعات..فأي مجتمع بشري يتمتع أفراده بفضائل القيم السالفة الذكر..؟فهو بكل تأكيد مجتمع تبني سلوك أجياله وتحكمه وتصرّفُ شؤونه قيم دينية سامية راشدة خالدة..وأي مجتمع يعاني من غيابٍ أو احتقارٍ أو إهانة لقدسية حياة الإنسان وحريته وكرامته ومصالحه..ويقاسي من فساد وإفساد للبيئة وغارق في طغيان الظلم والمظالم..؟فهو بكل تأكيد مجتمع تتولى تربية أجياله وتسوس حياتهم قيم شريرة فاسدة مفسدة..وبعد:فلينظر كل مجتمع أين هو..؟وصدق الله العظيم إذ يقول سبحانه:"قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ"أجل من العقل والوجدان نبدأ.