قبل المغادرة !!

زغلول عبد الحليم

المراد تاريخيا بالسلف الصالح الصحابة والتابعين من أهل القرون الثلاثة الأولى، وقد أصبح مذهب السلف علما على ما كان عليه هؤلاء، ومن تبعهم من الأئمة الأربعة وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينه والليث بن سعد وعبد الله بن المبارك والبخاري ومسلم وسائر أصحاب السنن الذين اتبعوا طريق الأوائل جيلا يعد جيل دون من وصف بالبدعة، قواعد المنهج السلفي للدكتور مصطفى حلمي ص 187 طبعة 3، 1996 - 1416ه‍ مصر.

يقول العلامة (محمد عمارة) عن السلف والسلفية:

لغة: السلف هو الماضي وهو كل ما تقدم

واصطلاحا: هو العصر الذهبي الذي يمثل نقاء الفهم والتطبيق للمرجعية الفكرية والدينية قبل ظهور المذاهب التي وفدت بعد الفتوحات وأدخلت الفلسفات غير الإسلامية على فهم السلف الصالح للإسلام. والسلف أيضا هو كل عمل صالح قدمه الإنسان. الموسوعة الإسلامية العامة، المجلس العلى للشئون الإسلامية 1429ه‍ ص 762. مصر

أما عن السلفية فيقول سيادته:

لغة: نسب إلى السلف.

اصطلاحا: هي الرجوع في الأحكام الشرعية إلى منابع الإسلام الأولى أي الكتاب والسنة مع إهدار ما سواهما.

والحق مذهب السلف. ويتبين ذلك من الآتي:

إن أعرف الخلق بصلاح أحوال العباد بالإضافة إلى حسن المعاد هو النبي صلى الله عليه وسلم.

وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبعث إلا لتبليغ الخلق وأعرف الناس بمعاني كلامه - صلى الله عليه وسلم - وأحراهم بالوقوف على كنهة، وإدراك أسراره، وإنما هم الذين شاهدوا الوحي والتنزيل، وعاصروه وصاحبوه، وتلقوه بالقبول للعمل به وللنقل إلى ما بعدهم وللتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بسماعه وفهمه، وحفظه ونشره. ولم يؤثر عنهم - إلى آخر أعمارهم - أنهم دعوا الخلق إلى البحث والتفتيش والتفسير والتأويل في (المتشابه) بل على العكس من ذلك زجروا من خاض فيه وسأل عنه وتكلم به ويقول الإمام الأكبر عبد الحليم محمود:

والحق مذهب السلف، ذلك أن نقيضه بدعة مذمومة وضلاله (التفكير الفلسفي في الإسلام) ج1، ص 125، 1977 مصر.

نعم نقيض مذهب السلف بدعة مذمومة. لم يهلكنا إلا الجدل، ولم يفسدنا إلا الجدل.

لقد نهينا عن الجدل قلدنا اليونان وترهاتهم العقلية فتراكم عندنا ما يطلق عليه علم الكلام، فأفسد كل المفاهيم. الأصل أن الرسول بلغ الرسالة كما أمر ولم يكتم منها شيئا.

وقد أخبر الله عز وجل بأنه قد أكمل الدين، ولكن مما يؤسف له أن أغلب الدراسات المعاصرة في الإسلاميات التي تحوم حول العقيدة تعتمد على كتب المتكلمين من (1) المعتزلة و(2) الأشاعرة في الغالب فلا تكاد تعثر على دراسة عن المسلمين الأوائل ومناهجهم العقلية في الاستدلال على أصول الدين. كما تعتمد أغلب البحوث المعاصرة على آراء المستشرقين الذي يهتمون عادة بالفرق المنشقة عن أهل السنة والجماعة وقد أوضح الكاتب الكبير الأستاذ عباس محمود العقاد هذه المسألة أفضل توضيح ووصف الاستشراق ورجاله بأنهم خدم للاستعمار ويمكن الرجوع إلى كتابه (مطلع النور) ص 67 كتاب الهلال رقم 213 لسنة 1968. مصر

إن الاعتماد على أقوال الفرق من المتكلمين في شأن العقيدة يدخل الأمة بكاملها في غيبوبة هي في غنى عنها ويبعدها عما أمرت به بالنظر في الآفاق والسير في الأرض فأصبحت في ذيل الأمم وهي بلا شك الآن في ذيل الأمم.

وعلينا قبل المغادرة إلى اليقين المطلق، أن نعود لما كان عليه سلفنا الصالح من الصحابة والتابعين وحتى نسد الطريق على كل الهلافيت والمرتزقة انبه إلى أنني لا أريد بالعودة إلى سلفنا الصالح أن نعود إلى طرق العيش البسيطة أو البدائية ولكن أقصد العودة إلى منطقهم وإيمانهم وقواعد منهجهم والتي شكلت عقيدة الأمة قبل أن تعرف علم الكلام التي أفسد الكثير من أمهات المسائل العقدية ويحاول كبار العلماء تصحيح ما أفسده علم الكلام.

أما عن قواعد المنهج السلفي والتي تميزه ويسترشد بها للفهم الصحيح للعقيدة الإسلامية بعيدا عن مذهب الفرق الكلامية فهي:

أولا: تقديم الشرع على العقل.

ثانيا: رفض التأويل الكلامي.

ثالثا: الاستدلال بالآيات والبراهين القرآنية.

علينا قبل المغادرة إلى اليقين المطلق أن نعلم:

أن الفلسفة أو علم الكلام لم يقدما للبشرية شيئا سوى اللاإدارية، والعلمانية والإلحاد !! واللاأدرية هي القصور … والعلمانية هي الغفلة … والإلحاد هو الجهل إننا لسنا بصدد (عبث كوني)  بل نحن بصدد إله حق هو الله عز وجل خلق إنسانا من أجل تحقيق غايات بعينها غايات تتحقق بما يريد هو ويبغيه … لا بما نريده نحن ونبغيه. إنها غفلة … وما بعدها غفلة !  إنها رفاهية الغفلة ! والسؤال:

هل حققنا الغاية من وجودنا قبل املغادرة إلى الآخرة ؟ السلف الصالح هم المنهج والطريق.

وصلى اللهم وسلم على سيدنا محمد النبي العربي القرشي وعلى آله وصحبه أجمعين.