التجديدُ والتطويرُ

د. حامد بن أحمد الرفاعي

في عام 2003م زارني وفد أمريكي رفيع المستوى برئاسة المستر لورين كرنير نائبُ وزيرِ خارجيِّةِ أمريكا الأسبق يرافقه السفير الأمريكي في السعودية إذاك..قال مستر كرنير في سياق تحاورنا حول الشؤون الإقليمية والدولية:وَمَاذا عنْ حركةِ الإصلاحِ والتغييرِ في بلادِكم ..؟قلتُ:أنَا أفضلُ عبارةَ التجديدِ والتطويرِ..قالَ:لِمَ..؟قلتُ:لأنَّها أكثرُ موافقةً لثقافتِنا ونهجِنا وواقعِنا..فالتجديدُ والتطوير عندنا..ليسَ حاجةٌ طارئةً ولا ضرورة استثنائيةً في مَسيرتِنا..إنَّه نهجٌ تشريعيٌّ دائمٌ لقول رسولنا محمد  صلى الله عليه وسلم:"إنَّ اللهَ يبعثُ لِهذهِ الأمةِ عَلَى رأسِ كُلِّ مائةِ سنةٍ منْ يجددُ لَهَا دينَها"والإسلامُ يكافئُ الباحثَ المُخطئ تَشجيعاً عَلى البحثِ والإبداعِ..ويضاعفُ لَه المكافأةَ والأجرَ إنْ أصابَ تشجيعاً لَه عَلَى الاستمرارِ والارتقاءِ..ثُمَّ قلتُ للمستر لورن:ولكنْ مَاذَا عنْ التجديدِ والتطويرِ عندَكم ..؟قالَ:ماذَا تقصدُ..؟قلتُ:أمَا آنَ الأوانُ لإعادةِ النظرِ في نُظمِكم ووسائلِكم..التي مَضَى عَلَيها عقودٌ عديدةٌ مِنْ دونِ تغييرٍ أو تطويرٍ..؟أمَا آنَ الأوانُ لِمُراجعَة الفلسفةِ الليبراليِّةِ بِحدِ ذاتِها..؟أمَا آنَ الأوانُ لمراجعة الديمقراطية والبرلمانية ووسائلهما ..؟أليست بحاجةٍ إلى تطويرٍ وتحسينٍ وتكييفٍ مَعَ مُستجداتِ الحياةِ بعامة..؟قالَ:لا شكَ أنَّها تساؤلاتٌ موضوعيةٌ..نحن بحاجةٍ إلى التعاملِ مَعَها..ثُمَ قالَ:هلْ لديكَ مُلاحظاتٌ محددةٌ ..؟قلتُ مداعباً:الفاتورةُ طويلةٌ وتحتاجُ لِمتسعٍ مِنَ الوقتِ..قالَ:منْ حيثُ الوقتُ أنتَ مُحقٌ..نَحنُ حقاً لدينَا مواعيدٌ عديدةٌ..ولا أُخفي عَليكَ لقد ألغينَا بَعضَها لِمَا لمسنَا منْ فائدةٍ في الحوارِ مَعَكم..قلتُ: شكراً مَعالي الزميل!هَذه شهادةٌ أعتزُ بِهَا..وأنَا كذلكَ كنتُ مرتاحاً لأسئلتِكم..التي أتاحَت لي فرصةَ توضيحِ ما طرحتُم منْ تساؤلاتٍ..قالَ:يُمكننَا أنْ نُعطي أنفسنَا نِصفَ ساعةٍ إضافيةٍ لِتَذكُرَ لنَا بعضَ ما لديكَ منْ ملاحظاتٍ عنْ نَهجِنَا..قلتُ:لديَّ نِقاطٌ مختصرةٌ وهي:لماذا تَستبعِدون البُعدَ الدينيِّ منْ مَضامينَ عَقدِكم الاجتماعيِّ..إنكم تمارسون انتهاكاً بحق حُريِّةِ الاختيارِ عبر حملاتِ الانتخابِ وما يُرافقُها منْ مغرياتٍ توجِهُ إرادةَ الاختيارِ لصالحِ جهةٍ مَا..وأنتم تعتمدون مبدأ المساواةَ المُطلقةٌ بينَ أصواتِ الناخبين..قالَ:ومَاذَا تَقصدُ بالمساواةِ المطلقةِ ..؟قلتُ:هلْ يُعقلُ أنْ يكونَ صوتُ مَعاليكم بكفاءتكم وخبرتكم المرموقةِ متساوٍ عَلَى الإطلاقِ في تقرير مواقف مصيرية للأمة مَعَ صوتِ كفاءةٍ متواضعةٍ ..؟قالَ:هلْ تُريدُ مِنَا أنْ نَأخذَ بمبدأ أهلِ الحلِ والعقدِ عندكم ..؟قلتُ:هَذا خيارُكم وربّمَا تَجدونَ مَا هَو أفضلُ منه..ولكنَّ المهمَ إعادةُ النظرِ في نَهجِكم في إطار مُستجداتِ الزمانِ والمكانِ..أمَّا المسألةُ الأخيرةُ فَهي حالة التزامِكم ثقافة الإباحيِّةِ الاجتماعيِّةِ..التي أغرقَت المجتمعَ الأمريكيِّ بِشتّى أنواعِ الجريمةِ عَلَى حدِ تعبيرِ وزيرِ خارجيتِكم الأسبقِ"جيمس بيكر"قالَ:وَمَاذا قالَ بيكر..؟الجوابُ تجدونه في تفاصيل كامل هذا الحوار في كتابنا (تعالوا إلى كلمة سواء)وهو متاح مجاناً.

وسوم: العدد 774