موازين بين المديح الديني والرقص الإيروتيكي
موازين بين المديح الديني والرقص الإيروتيكي
محمد شركي
يبدو أن أصحاب موازين وبعد فضائح سهرة الرقص الإيروتيكي الأمريكي وما خلفته من استياء كبير في أوساط الشعب المغربي المتشبث بقيمه الأخلاقية والدينية حاولوا الالتفاف على هذه الفضائح من خلال إقحام المديح الديني ضمن برنامج موازين تكفيرا على ما تضمنه هذا البرنامج من وقاحة مستفزة لمشاعر المغاربة الدينية والخلقية. ويعكس برنامج موازين إحدى الفرضيتين أو هما معا ، الفرضية الأولى خبث النوايا ، والفرضية الثانية الجهل بالهوة الفاصلة بين ثقافات شعوب العالم . وما بين ثقافة المغاربة وثقافة الأمريكان من فرق على سبيل المثال ما بين المديح الديني والرقص الإيروتيكي من فرق . ومن سذاجة مسوقي مهرجان موازين ومن يعتقد اعتقادهم أو يشاركهم نواياهم ما ظهر منها وما بطن الحكم على إقبال نوع من الجمهور على ما يقدمه المهرجان من مواد غريبة عن الثقافة المغربية . ولا يمكن أن يكون هذا النوع من الجمهور مقياسا أو معيارا للحكم على حسن اختيار مواد موازين . فإذا كان نوع من الجمهور يستهويه الرقص الإيروتيكي عن وعي تام به وعن سبق إصرار، وهم فئة أولاد الحرام كما يقول المغاربة ، فإن داخل هذا الجمهور فئة تتعامل مع هذا الرقص على أساس أنه موضوع تندر وسخرية واستهزاء منه ومن الذين نومهم مغناطيسيا وجعلهم يحاكون الراقصين والراقصات الأمريكان بسذاجة ويقلدونهم تقليدا أعمى تحت تأثير عقدة الانبهار بكل ما يأتي من أمريكا على أساس أنه رمز التحضر والتفوق ، وهؤلاء هم فئة الضحايا وغالبيتهم من الأغرار المقبلين على الدنيا بكل براءة لا يميزون بين غث أو سمين مما يفد عليهم من ثقافات الأغيار. وضمن هذا الجمهور الذي يتخذه أنصار موازين معيارا موثوقا للحكم على مهرجانهم فئة تحضر لتجزية الوقت أو للتسكع ، وأخرى لممارسة الأفعال المخلة بالأخلاق والسرقة والانتشال . وإذا تمت غربلة هذا الجمهور لا نجد من حضر الرقص الأمريكي الإروتيكي سوى أولاد الحرام وهم قلة وضحايا هم وهم كثرة، وتأتي بعد ذلك فئات أخرى لها مآرب أولا قصد لها أصلا . ومن التخريف اعتبار الجمهور الذي حضر سهرة الرقص الإيروتيكي عينة تمثل المغاربة . ومن المكابرة إنكار لسان حال ومقال المغاربة ممن شاهد منهم مباشرة أو عبرة القناة الثانية الوقحة الذي تختزله العبارة المشهورة : " الله يمسخكم أو الله ينزل عليكم المسخ " . وأتحدى كل قواد ـ مع الاعتذار للقراء الكرام وحاشاهم ـ ممن اختاروا ضمن برنامج موازين الرقص الإيروتيكي أن يسمحوا لنسائهم وبناتهم وقريباتهم بالتعري على طريقة الراقصة الأمريكية ومحاكاتها في حركاته ذات الإيحاء الجنسي . فإذا ما رفض هؤلاء ذلك لنسائهم وبناتهم وأخواتهم فإنهم سيشهدون على أنفسهم بقذارة ما اختاروا وبسوء نواياهم وبانحطاطهم لأنهم يريدون لغيرهم ما لا يرضونه لأنفسهم . أما إذا رضوا بذلك لنسائهم وبناتهم وأخواتهم فلا حديث مع الذين يرضون الدياثة . ولست أدري كيف كان موقف الذين يحترمون أنفسهم وهم رفقة نسائهم وبناتهم وأخواتهم أو حتى أمهاتهم يشاهدون هذا النوع من الرقص الخليع؟ وبأية وجوه كان ينظر بعضهم إلى بعض ؟ أما الذين شاهدوا ذلك دون حرج ودون خجل فلا حديث عنهم أيضا وقد دخلوا دائرة الدياثة راضين وهم يعلمون . وبعد هذا لنسأل أولاد الحرام الذين استخفوا بمشاعر المغاربة الدينية والخلقية ذلك وهي مشاعر لا تنفك عن بعضها البعض في ثقافتنا ولا ينكر ذلك إلا معاند ما هي القيمة الجمالية والفنية للرقص الإيروتيكي المتداول في الكبريهات وعلب الليل ؟ ولا نقول القيمة الخلقية لأن بعض السفهاء يقولون إن الأخلاق لا تلتمس في الفن مع أن فلاسفة الفن يربطون بينهما منذ فجر التاريخ . وما هي القيمة الجمالية والفنية لحركات راقصة تحكي الحركات الجنسية ؟، وهي حركات فطرية غريزية يشترك فيها البشر مع البهائم ، وربما كانت حركات البهائم الجنسية التي تصدر عن غرائز أقل تهتكا من حركات البشر الجنسية التي تخرج عن إطار الغريزة مبالغة في التهتك وإسرافا في القذارة ، فتهبط بمن يؤديها إلى ما تحت مستوى البهائم .ومعلوم أنه في ثقافتنا الإسلامية تصان الأجساد البشرية بلباس يدخل ضمن تكريم بني آدم مصداقا لقول الله عز وجل : (( يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم )) وهذا يعني أن كشف السوءات مما يمس بكرامة بني آدم . ويؤكد ذلك أن إبليس اللعين حين أغوى آدم وحواء عليهما السلام نزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما مسا بكرامتهما ، لهذا حذر من خبيث فعله رب العزة جل جلاله بقوله : (( يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما )). ولا يستطيع أحد أن ينكر مكابرا بأن خلع اللباس على الأجساد الآدمية لا يحرك مكامن غريزة الجنس ، وأن الرقص الإٌيروتيكي لا يفعل ذلك أيضا ، وأنه مجرد فن يرقى بالأذواق ويهذبها . وبقي أن نشير إلى أن التمويه على تسويق الرقص الإيروتيكي بالمديح الديني مجرد حيلة مكشوفة ومبتذلة تعكس خبث أصحابها الذين يظنون السذاجة والغفلة بالمغاربة في حين يظنون الشطارة والذكاء بأنفسهم.