أزمة فقه تفرِّخ أزمات

د. حامد بن أحمد الرفاعي

كتبت من قبل وأعود لأكتب من جديد..لما يتأكد لي يومياً..أن الدين يبقى العامل الأكثر تأثيراً في صياغة عقل الإنسان ووجدانه..والعقل والوجدان هما العاملان الأساس..اللذان يتحكمان في سلوك الإنسان وأخلاقياته إيجاباً وسلباً في شتى مناحي الحياة..فالفقه المتبصر ينتج فكراً نيراً وموضوعياً..وينشئ سلوكاً إيجابياً مستقيماً متوازناً..أما الفقه الفج التقليدي الممتزج بالعادات والتقاليد والأمزجة والهوى..ومما هوغريب عن الاستجابة بعلمية وموضوعية لتحديات الحياة ومستجدات العصر..يفرز أفكاراً وسلوكيات سلبية مضطربة لا تستقر على حال..وتدخل المجتمع في تناقضات سياسية واجتماعية مدمرة..مما تفتقد الدولة معها توازنها ومعاييراستقرارها ومكانة سيادتها وضوابط أدائها..حيث تتعدد فيها المرجعيات والولآت الفكرية والاجتماعية والسياسية..فتتحول الأوطان والمجتمعات إلى تربة خصبة لاستنبات فتن التأزم والأزمات على كافة المستويات..مما يعطي للمتربصين الجاهزين فرصة استغلالها لصالح تحقيق أهدافهم السياسية ومصالحهم..وارتهان إرادة المجتمعات وسيادتها وأمنها..ومن التأزم الفقهي الذي لا يزال يفرز ازمات في أوساط أبناء المجتمعات وعلى الأخص الشباب..اضطراب فقه بعض المسائل الدينية منها:(التداخل المخل بين فقه القتال وفقه الجهاد،والخلل في فقه الاستئذان للقتال،وفقه مقولة غياب الدولة المسلمة،واختلالات فقه الولاء والبراء،وغياب أو تغييب فقه العلاقة مع الآخر،وفقه قيم المشترك الإنساني،وفقه الأداء الإنساني المشترك وضوابطه،واضطراب وتشويه فقه العلاقة بين مسؤوليات الرجل والمرأة،وفقه العقد الاجتماعي والسمع والطاعة لولاة الأمر..إلخ) لذا فإنني عبر هذه الرسالة أدعو الجهات المهتم والمعنية بأمن المجتمعات واستقرارها..والمتطلعة إلى انعتاق إرادة الأمة وأدائها التنموي والإبداعي..إلى عقد ندوة تأصيل وترشيد مختصرة ومركزة..تشارك بها نخبة النخبة من العلماء والمفكرين والقانونيين والسياسيين..لتدارس هذه المسائل بعمق وموضوعية..وإنهاء حالة التأزم الفقهي بشأنها..ووقف ما يفرِّخ عنها من أزمات والله المستعان..وهو سبحانه الهادي إلى سواء السبيل.

وسوم: العدد 627