البرميل والطفل
بينما كنت أنظر إلى آلاف السوريين من أبناء جلدتي من النساء والأطفال والشباب ، هذا المساء عبر التلفاز ، وهم يصارعون الجوع والعطش والموت والخوف والتعب ، كيما يصلوا إلى بلد أوربي غربي ، يودعون بوصولهم إليه ذلك الجوع والعطش والخوف , والتعب والموت تحت الأنقاض وبراميل بشار الأسد المتفجرة ، وصواريخه الفراغية ، ومشاهدتهم أطفالهم وهم يلفظون أنفاسهم في أحضانهم ، أقول : تمنيت وأنا أشاهد هذه المآسي الإنسانية التي يعاني منها أبناء بلدي ، أن أكون شاعراً مثل أحمد مطر كيما أكتب قصيدة عنوانها " البرميل والطفل " لكي أقول فيها شعراً لانثراً مايلي :
1. إن السبب الأساسي لرحيل / هجرة أبناء بلدي الحبيب سوريا نحو أوروبا الغربية ، بهذه الأعداد الهائلة هو تدمير بيوتهم ، وقتل أطفالهم بالجملة وبالمفرق بواسطة براميل بشار الأسد وصواريخه وطائراته وشبيحته ، وأيضاً أنصاره الطائفيين الذين وفدوا إلى سوريا من إيران ولبنان وغيرهما لكي يقاتلوا معه تحت زعم طائفي كاذب هو الدفاع عن مقام الست زينب (!!) .
2. يقول الشاعر العربي :
إذا ترحلت عن قوم وقد قدروا ألا تفارقهم فالراحلون هم
والسؤال المطروح هنا : ترى من هو القادر على منع هذه الآلاف المؤلفة من السوريين من الرحيل عن بلدهم إلى أوروبا الغربية ؟. من هو القادر على وقف هذه " التغريبة السورية " ، ولكن الخالية هذه المرّة من " أبو زيد الهلالي " و" ذئاب ابن غانم " و " ألزناتي خليفة " ، والتي أبطالها ( التغريبة السورية ) حسب مشاهدتي لها هذه الليلة على شاشات التلفاز ، هم أولئك الأمهات اللواتي كنّ يحتضن أطفالهن الذين لا تزيد أعمارهم عن ثلاث سنوات ، ليعبرن بهم من تحت الأسلاك الشائكة في إحدى الدول الأوربية الفقيرة ، إلى إحدى الدول الأوربية الغربية الآمنة والغنية ؟.
إن من يستطيع منع هذه الآلاف المؤلفة من السوريين من الرحيل / الهجرة إلى أوروبا الغربية ، هو عمليّاً من يستطيع أن يمنع بشار الاسد من الاستمرار في تدمير بيوتهم وقتل أطفالهم ، ويمنع أيضاً قوات قاسم سليماني وحسن نصر الله من البقاء على الأرض السورية ، فمن هو ذلك الذي يستطيع ذلك ، ولكنه لايفعل يا ترى ؟ (!!) . إنه ببساطة وعفوية سيادة الرئيس أوباما( أبو الخطوط الحمر) ، الذي بات شعار المجتمع الدولي من مجازر بشار الأسد في ظل رئاسته وحمايته ( لاأرى ، لاأسمع ، لاأتكلم !! ).
3. نعم لقد سكت الجميع ( المجتمع الدولي ) عن قتل أطفالنا واغتصاب نسائنا وتدمير مدننا وقرانا من قبل نظام بشار الأسد ، ولكن طائر العنقاء سيظل يصيح في آذانهم صباح مساء ، ليقول لهم بلسان ذلك الطفل الذي لاتفارقه صورة ذلك البرميل الذي دمر بيته ودمر معه حياته وحياة أهله : " الساكت عن الحق شيطان أخرس " ، فلا نامت أعين الجبناء.
وسوم: العدد 631