يُجْبَى إِلَيْهِ...
يُخبرنا القرآنُ الكريمُ على لسان أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام:﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾ويدعو سيدنا إبراهيم عليه السلام ربَّه فيقول:"رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ"وَيُذكرُ اللهُ عز َّوجلَّ النَّاسَ فيقول:"أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا"ويؤكد القرآن أن الله تَكفّلَ أهلَ الحرمِ بأمرين اثنين الاكتفاء والأمن لقوله تعالى:"أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ"لا يجادل أحدٌ أنَّ فقدان الأمن والاستقرار والكفاية أمر عظيم الخطورة في حياة النَّاس..وأنَّ الجوع والخوف والرعب والدمار..آفات وكوارث عاتيات تحيق بالمجتمعات من كل مكان..فالنَّاسُ اليومَ في شتى بقاع الأرض -إلا من رحم ربي - تتخطفهم آلة الموت والهلاك والدار كما هو مؤكد بقوله تعالى:"أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ"ولكن لِماذا هذه الخصوصية للحرم وأهله..؟أحسب أن هذه الخصوصية جاءت نتيجة للعلاقة المتكاملة بين حُرمةِ الإنسانِ وَقُدسيِّةِ المكانِ..فأمن قدسيِّة المكان دائمة مطلقة لقوله تعالى:"حَرَمًا آمِنًا"أمَّا أمن الإنسان فَمرتهنٌ بمدى كمال بنائه الديني والسلوكي..وبقدر اقترابه والتزامه باشتراطات عبوديته لرب المكان..فيومَ تُصاب معادلة العلاقة بين بناء الإنسان وقدسية المكان بخلل..بكل تأكيد ينتكس أمن الإنسان وَيُحرمُ من أمن قدسية المكان..ويومَ يَحيدُ أهلُ الحرمِ-لا سمح الله-عن معايير حرمة الإنسان..ويومَ يَتسرَّبُ إلى نُفوسِهم-لا قدر الله-الجحودُ والكفرانُ بِأنْعُمِ اللهِ..إذْاك يَنالُهم ما ينالُ أهلَ الجحودِ والكفرانِ لقوله تعالى:"وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأنْعُمِ اللهِ فأذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الجُوعِ والْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُون" اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ،وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ،وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ،وَجَمِيعِ سَخَطِكَ.. آمين اللَّهم آمين.
وسوم: 634