ظاهرة ترويج الإلحاد

قال تعالى : (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ)

قرآن كريم (سورة: الكهف الآية : 29)

الإلحاد لغة: الميل عن القصد

الإلحاد اصطلاحاً : الشك في الله أو في أمر من المعتقدات الدينية.

وللإلحاد تاريخ طويل حافل، وله صور كثيرة متنوعة، غير أن أوسع معنى يعزى إليه، هو إنكار للنصوص السائدة عن الله أو المعتقدات الدينية، فقد أطلقت كلمة (ملحد) على (أسبنيوزا) لأنه ربط بين الله والعلم على نحو مخالف للفكرة الدينية اليونانية عن الآلهة. وقد جاء بالموسوعة الإسلامية العامة من منشورات المجلس الأعلى للشئون الإسلامية 2009 م "وفي المجتمع الإسلامي اختلفت أسباب الإلحاد فمنهم من ألحد لأسباب العصبية القومية حملته أن يتعصب لدين آبائه من المجوس والوثنية المانوية كما فعل ابن المقفع وبشار. وهناك فريق الحد فراراً من تكاليف الدين وطلباً لسلوك مسلك الحياة الماجنة (أبو نواس مثلاً). وهناك فريق ثالث يتنازعه العاملان. ومن هنا أطلق على كل صاحب بدعة، بل انتهى الأمر أخيراً إلى أن أطلق لفظ (ملحد) على كل من يحيا حياة المجون وأشهر من وصفوا بالإلحاد ابن الراوندى الذي عاش في القرن الثالث الهجري" ص 197.

هلك ابن الراوندى وانتهى أمره وبقيت العقيدة. أن ظاهرة الإلحاد لها تاريخ حافل.

       لقد أعطى الاستشراق أهمية كبيرة لابن الراوندي، والحلاج وابن عربي، والسهرودي، والزنج، والقراحطة وكل ما هو شاذ وكتبوا الكتب التي تخلو من كل معنى من إعلاء شأن الملاحدة والزنادقة ووضعوهم في مصاف أصحاب الفكر!!

       والقارئ المتابع (للفكر) الاستشراقي يعلم أنه الساعد الأيمن للاستعمار والتبشير باستثناء قلة قليلة منصفة وقد قدم الدكتور (البهي الخولي) والدكتور (عدنان الوزان)، و(مالك بن بنى) دراسات هامة في هذا المجال.

       فلا قيمة لمثل هذه الشخصيات المارقة. وإنما خطرها يكون فقط بإذاعة أفكارها ونشرها على عموم الناس فهنا تكون الدعوة إلى الإلحاد والترويج للزندقة وكما يقول سيدنا الشيخ سيد سابق نصاً في كتابه (عناصر القوة في الإسلام) "إن الشئ الوحيد الذي حرمه الإسلام هو الدعوة إلى إضعاف الدين والخلق أو الترويج للإلحاد والزندقة، ويضيف أيضاً قائلاً عن ترويج الكفر والإلحاد والزندقة، إنها دعوة خبيثة لابد من مصادرتها، والحجر عليها" ص 142.

هذا كلام العلماء، الترويج للإلحاد دعوة خبيثة يجب مصادرتها، والحجر عليها وذلك لتحقيق مقاصد (أهداف) الشريعة وهي (المحافظة على العقل، المحافظة على النفس، المحافظة على المال، المحافظة على العرض، المحافظة على الدين).

أقول هذا بمناسبة الحلقة التي تقدمها قناة المحور قبل أسبوع مع شاب ملحد انتهت بانسحاب الشاب وتحسب للمذيعة شجاعتها وحرصها على دينها ولكن عرض الموضوع نفسه على الشاشة التي تدخل كل بيت هو ما نلوم عليه على السيدة المحترمة المذيعة (ريهام السهلي) ويشاركنا في هذا الرأي بعض الذين اتصلوا بالقناة وقت الحوار.

لقد أدارت المذيعة الحوار بطريقة جيدة وانتصرت لدينها وعقيدتها بمنتهى القوة.

يحق للملاحدة الجدد أن ينتصروا (لفكرهم) ولكن لا يحق لهم أن يدعوا إليه خارج ذواتهم مطلقاً ولو بشطر كلمة تأسياً بمن علمهم (فن الإلحاد) الدكتور الجامعي المعروف بإلحاده الذي يصف الإسلام (بالماضوية) نسبة إلى الماضي!!

يحق للملاحدة أن يكونوا جزءاً من فوضى الأخلاق التى تجتاح العالم بأسره من مشرقه إلى مغربه ولكن لا يحق لهم أن يدعوا الناس إلى مجاراتهم في انحرافهم، حينئذ يحق للحاكم أن يقتص منهم ولكن أهل العلم على أن الملحد مرتد ومعنى الرده ترك الدين الإسلامي والخروج عليه بعد اعتناقه فلا تكون الردة إلا من مسلم وتعاقب الشريعة على الردة بالقتل، لأنها تقع ضد الدين الإسلامي وعليه يقوم نظام الجماعة الاجتماعي، لذا فالتساهل في هذه الجريمة يؤدي إلى زعزعة النظام وأيضاً هناك عقوبة الردة التبعية وهي مصادرة مال المرتد فإذا كان قبل الردة فهو ملك ورثته من المسلمين والذي يصادر هو ماله الذي اكتسبه بعد الردة.

إن مسألة الردة غاية في الخطورة إذا خرجت من باب الحق الشخصي إلى ساحة الدعوة والترويج للإلحاد ورضي الله عن سيدنا (أبو بكر) الذي قال:

والله لو منعوني عقال بعير كان يؤدونه إلى النبي ـ صلوات الله عليه وسلامه ـ لقاتلتهم عليه.

وهي مقالته في (مانعي الزكاة وليست في الردة)!!

الدعوة أو الترويج للإلحاد ليس من الحرية في شئ وإنما هو تطاول وإفتراء واجتراء على العقيدة وأرجو أن يقوم الأزهر الشريف بصد الهجمات الإلحادية الجديدة والمتجددة التي تظهر بين الحين والآخر حماية للعقل المقصد الأول من مقاصد الشريعة الإسلامية والحقيقة أن مجلة الأزهر برئاسة العلامة (محمد عمارة) تقوم بمهمة كبيرة في هذا الموضوع واتعشم أن يصدر ملحقها الصادر المحرم 1435 هـ وهو (وهم الإلحاد) للدكتور عمرو شريف في كتاب عن سلسلة كتاب الأزهر الشريف الشهرية إضافة لما سبق.

لا شك أن الأزهر هو حارس عقيدة الأمة لذا أتقدم إليه وهو حصننا أن يدفع عنا البلاء الذي اسمه الإلحاد وأطلب العمل على استصدار تشريع يجرم إتلاف عقائد الناس بصرف النظر عن من يرضى أو لا يرضى. 

وسوم: 636