أثر المقاومة على الكيان الصهيوني
مهاجرون من (إسرائيل)، جنود صهاينة، محللون إسرائيليون، كُتاب وأُدباء عالميون، يهود غير صهاينة، كل هؤلاء وغيرهم قدموا شهاداتهم على امتداد سنوات طويلة عن طبيعة (إسرائيل) واعتداءاتها المتكررة، وعن المقاومة الفلسطينية وآثارها على هذا الكيان الصهيوني، وكيف تؤدي إلى تفككه ويأسه وهزيمته وسحب الشرعية الباطلة من تحت أقدامه. وفيما يلي بعض هذه الشهادات، كما وردت في دراسة هامة بعنوان ((أثر الإنتفاضة على الكيان الصهيوني)) للمفكر الراحل الدكتور عبد الوهاب المسيري، وسنشعر ونحن نقرأها وكأنها كُتبت اليوم تعقيباً على العدوان الصهيوني الأخير. ولعلها تُساعدنا في رسم صورة لحقيقة ما جرى ويجري بعد كل إنكسار للعدو الصهيوني أمام صمود ومقاومة الشعب في فلسطين، وتُمثل حافزاً إضافياً لدعم بلا حدود لنضال الشعب الفلسطيني الذي لم يتوقف منذ قرن من الزمان:
*****
شهادة مهاجر من (إسرائيل):
((لم يكن الأمر هيناً، لقد استغرقتني أعوام من الإنفجارات وأعمال القتل، من الأحزان والآمال، من المجادلات والقلق، لكنني في النهاية انهرتُ. سئمنا أن نجدهم في كل مرة نفتح المذياع يتحدثون عن إنفجارات، عن دماء، عن موت، عن جنائز. هذا هو الواقع صراحة. ولست فخوراً بذلك، ولا أعتبر هذا شعاراً لي، ولكن من المستحيل أن تقولوا لنا عليكم أن تبقوا هنا مادام من المستحيل أن تضمنوا لنا حياتنا. أريد أن أمنح أسرتي أقصى قدر ممكن من السعادة. الجميع يعتقد أنه لا مجال نتقدم نحوه.. المشكلة هي أننا على مدى السنوات الثلاث والخمسين الماضية لم ننجح في ضمان أمننا. هذا هو سبب الرحيل.. الحل هو الرحيل وليس تغيير السلطة))ـ
((عاموس ساهر، مستوطن إسرائيلي قرر أن يُهاجر من (إسرائيل) بعد إنتفاضة الأقصى))
*****
اليأس من القضاء على المقاومة:
((فلنتخيل أن كل الأوهام تحققت، وقبضنا على كل الإرهابيين، وصادرنا كل الأسلحة، وحطّمنا كل مصانع السلاح.. فهل سيكون لهذا أي تأثير؟ هل يشك أحد أنه في الصباح التالي ستظهر مصانع سلاح أخرى ستُنتج المزيد من الأسلحة..؟ هل يشك أحد في أن هناك مئات من الفلسطينيين الآخرين سيُعلنون مجدداً أنهم على استعدادٍ أن يشنوا هجوماً على (إسرائيل)؟ هل نفذ خزان الإنتحاريين من نابلس وقطاع غزة؟))
((يوزي بنزمان ـــــ هارتز))
*****
الاعتراف بالهزيمة:
((يدخل ملاكمان الحلبة: واحد منهما بطل الوزن الثقيل، والآخر وزن الريشة. ويتوقع الجميع أن يقوم البطل بتسديد ضربة قاضية تقضي على غريمه الهزيل في الجولة الأولى. ولكن بأعجوبة تنتهى الجولة الأولى، والضربة القاضية لم تُسدد بعد، ثم الجولة الثانية، ويستمر نفس الوضع. وبعد الجولتين الثالثة والرابعة لا يزال خفيف الريشة واقفاً، مما يعني أنـه هو الرابح الحقيقي، لا بالضربـة القاضيـة ولا بالنقط، وإنما لمجرد أنـه لا يزال واقفاً ومسـتمراً في الصراع مع غريمـه القوي)).
((يوري أفنيري))
الاعتراف ببربرية الكيان الصهيوني ووحشيته ـــــ شهادة جندي صهيوني:
((كُنا نتسلى بمنع عربات الإسعاف التي تحمل المرضى والجرحى من المرور. ولقد رأيت أشخاصاً يموتون بسبب الفشل الكلوي والأزمة القلبية، ورأيت بعض الحوامل يقضين حتفهن أثناء الولادة، كنا نستيقظ أحياناً في منتصف الليل ونركب دبابة مع جنود آخرين، وندخل في المدن والقرى الفلسطينية قبل بزوغ الفجر ونُمطر الأُسر الفلسطينية النائمة في منازلها بالقذائف.
وأحياناً كُنا نقوم بغارات قبل الفجر ونندفع داخلين إلى منازل الفدائيين لنُلقي القبض عليهم أو لنقتلهم أمام أعين زوجاتهم وأطفالهم. وأحياناً أخرى كنت أقود بلدوزر إسرائيلي لأُحطم منازل وأحلام قاطنيها، وأحياناً أخرى كنت أجتث أشجاراً استغرق نموها عدة إجيال، وكم كنت أحب إتلاف الأرض الزراعية. وكنت أحياناً أُطلق الرصاص الحي على المتظاهرين المسالمين. لكن أكثر الأعمال التي كنت أحبها هو إطلاق النار على الأطفال الفلسطينيين الذين يتجرأون على إلقاء الحجارة عليَّ. في هذه الحال كنت أُصوبُ رصاصي على رؤوسهم وقلوبهم، ثم أتفاخر بأنني قتلت الكثيرين وأصبت عدداً أكبر بعاهات مستديمة، فقد كنت أؤمن إيماناً جازماً بأن حياة إسرائيلي واحد تُساوي حياة ألف فلسطيني. وإن أبدى الفلسطينيون أي شكل من أشكال المقاومة كُنا نلجأ للعقاب الجماعي!
ودعايتنا الصهيونيـة في غايـة الكفاءة؛ لقد أقنع الإسـرائيليون العالم أننا نُحارب دفاعاً عن أنفسـنا ضد عدوٍ فلسـطيني لا يريد سـوى أن يقذف بنا إلى البحر. ولكن الأشـياء ليسـت كما تبدو. إن العالم لا يعرف أن الإسـرائيليين هم الذين يُحاولون إبادة الشـعب الفلسـطيني. ونحن بمقدورنا أن نفعل ذلك بسـهولـة ويُسـر بسـبب دعم أصدقائنا الأمريكيين الذين يُسـاعدونا بغض النظر عما نقوم به ويُعطونا خمسـة بليون دولار كل عام ويُزودوننا بآخر الأسـلحـة والطائرات. نحن لا نريد السـلام فنحن نريد المزيد والمزيد من الأرض العربيـة حتى تصل إمبراطوريتنا إلى منتهاها...... الإرهاب لعبتي، والقتل اسـمي، لا أشـعر بأي ندم على ما فعلت لأن روحي ماتت، وأعرف أنـه لا يوجد أي مجال لأن أنال الخلاص))
((إعترافات الجندي الصهيوني عاموس))
*****
إهتزاز الثقة بالمشروع الصهيوني:
هل بإمكانكم أن تأتوا بمثال واحد من التاريخ نجح فيه شعب بالسيطرة على شعب آخر لفترة طويلة؟ هل تعرفون مكاناً واحداً فى العالم يعيش فيه بشر دون حقوق إنسان مثل الفلسطينيين؟
((إبراهام يهوشع ـــــ يديعوت أحرنوت)))
*****
((إن الإنتفاضة هي حرب التحرير التي يخوضها الشعب الفلسطينى. فالتاريخ يُعلمنا أنه لا توجد أمة على استعداد أن تعيش تحت هيمنة شعب آخر، وأن حرب التحرير التي يخوضها شعب مضطهد ستنجح حتماً... والإسرائيليون كقوة إحتلال يقتلون الأطفال ويقومون بتنفيذ حكم الإعدام بأشخاص مطلوبين دون محاكمة. لقد أقمنا الحواجز التي حوَّلت حياة الملايين إلى كابوس.. هنالك علم أسود يُرفرف فوق أفعالنا))
((مايكل بن مائير ـــــ هارتس))
*****
((إن الفلسطينيين يعرفون أن قوتهم العسكرية أقل بأضعاف من القوة الإسرائيلية.. ولكنهم يؤمنون من الناحية الأخرى بتفوقهم السياسي والأخلاقي))
((جرشون باسكين ـــــ المدير العام المشترك للمنظمة الإسرائيلية الفلسطينية للبحوث والمعلومات))
*****
إيقاظ الضمير العالم ـــــ شهادة أُدباء عالميين:
((اسـتندت نظريـة المجال الحيوي الصهيونيـة إلى أن اليهود شـعب بلا أرض، و"أن فلسـطين أرض بلا شـعب"، هكذا قامت الدولـة الإسـرائيلية غير المشـروعـة في 1948. فلما تبين أن هناك شـعباً، وأن في فلسـطين شـعب يسـكن في أرضـه، كان من الضروري، حتى لا تكون النظريـة مخطئـة، إبادة الشـعب الفلسـطيني.. وهو ما يتم بصورة منهجيـة منذ أكثر من خمسـين عاماً.
هناك بلا شك أصوات كثيرة على امتداد العالم تريد أن تُعرب عن إحتجاجها ضد هذه المجازر المستمرة حتى الأن، لولا الخوف من إتهامها بمعاداة السامية أو إعاقة الوفاق الدولي. أنا لا أعرف هل هؤلاء يُدركون أنهم هكذا يبيعون أرواحهم في مواجهة إبتزاز رخيص لا يجب التصدي له سوى بالإحتقار، لم يُعانِ في الحقيقة أحد كالشعب الفلسطيني، فإلى متى نظل بلا ألسنة..!؟ أُطالب بترشيح (آرييل شارون) لجائزة نوبل بالقتل. سامحونى إذا قلت أنني أخجل من إرتباط اسمي بجائزة نوبل. أنا أُعلن عن إعجابي غير المحدود ببطولة الشعب الفلسطيني الذي يُقاوم الإبادة، بالرغم من إنكار القُوى الأعظم أو المثقفين الجُبناء أو وسائل الإعلام أو حتى بعض العرب لوجوده))
((جابريل جارثيا ماركيث ـــــ الكاتب الكولومبي))
*****
((لم أكن أعرف أنه من الطبيعي أن يبحث طفل فلسطيني دمروا بيته عن كُتبه ولُعبه وسط الأنقاض، لم أكن أعرف أنه من "الطبيعي" تماماً أن تُزين الرصاصات الإسرائيلية جدران المنازل الفلسطينية، ولا أعرف أنه يلزم لحماية إقلية من الناس أن تُصادر مزارع وأن تُدمر محاصيل، ولا أن توفير الأمن لهذه الأقلية يقتضي إحتجاز المئات عند نقاط التفتيش وحواجز الطُرق قبل السماح لهم بالعودة إلى منازلهم منهكين، هذا إن لم يُقتلوا.. فهل هذه هي الحضارة!؟ أيمكن أن نُسمي هذه الأشياء "ديمقراطية"!؟))
((الكاتب البرتغالي ساراماجو ـــــ الحائز على جائزة نوبل للآداب))
*****
بيان عدد من كبار المفكرين والمثقفين اليهود الفرنسيين:
((هؤلاء الذين يُبررون "حق عودة" اليهود إلى إسرائيل تحت دعوى "حق دم" يعود لآلاف السنين يرفضون حق العودة "حق الأرض" للفلسطينيين. وأصحاب المقامات الرفيعة في هيئة الأمم المتحدة تصالحوا وارتضوا الإذلال المفروض على السلطة الفلسطينية. وهؤلاء الذين يدعون إدارة العدالة الكونية يُديرون رأسهم عن أعمال القتل خارج نطاق القانون، وإعدام السجناء دون وجه حق وجرائم الحرب التي يرتكبها (آرييل شارون).
الإسرائيليون لديهم دولة ذات سيادة وجيش وتراب وطني، أما الفلسطينيون فهم محبوسون كالبهائم في معسكرات منذ نصف قرن معرضين للوحشية والإذلال، ومحاصرين على أرض من الأحزان في حجم مقاطعة فرنسية.. إن الضفة الغربية مفخخة بالطُرق الاستراتيجية ومثقوبة بنحو 700 نقطة تفتيش ومُحاطة بالمستوطنات.
لا يمكن المساواة بين المحتل وبين من تُحتل أرضه. الإنسحاب غير المشروط للجيش الإسرائيلي من الأراضي المحتلة وتفكيك المستوطنات هو مجرد تطبيق لحق معترف به شكلياً من هيئة الأمم المتحدة في القرارين 242 و 338 وحتى قرار مجلس الأمن 1042، ومع ذلك طلب (بوش) ضمانات من الضحايا. شارون يعتقل ممثليهم، وينسف بيوتهم بينما تمنع قواته سيارات الإسعاف من الوصول للجرحى)).
*****
كُتب هذا المقال أثناء العدوان الصهيوني على غزة في صيف 2014
وسوم: 640