ما قاله الإعلامي باسم يوسف عن العربية

أبرزت وسائل الإعلام العربية _ باستياء واستنكار كبيرين _ وصف الإعلامي الساخر باسم يوسف اللغة العربية بأنها لغة سباب، وذلك في حفل جوائز أكاديمية إيمي في أميركا . وقد لا يكون  يوسف تعمد الإساءة للغة العربية رغم ما في كلامه من إساءة ظاهرية لها . ويشد من أزر اقتناعنا بما نذهب إليه أن يوسف تفادى السب بالإنجليزية لمعرفته أن شركة إتش بي أو التليفزيونية التابعة للإعلامي الكبير تايم ورنر لا تسمح له باستعمال ألفاظ خارجة ، مثلما قال . وهذا يعني إدراكه أن في الإنجليزية ألفاظا خارجة نابية . وهذه  في الواقع حال كل اللغات بوصفها ظاهرة اجتماعية تستجيب ألفاظها لما في الناس الذين يستعملونها من المحاسن والمساوىء . يمدحون فيجدون  فيها ما يريدون من ألفاظ المديح ، ويهجون فيجدون  فيها ما يريدون من ألفاظ الهجاء القاذعة اللاذعة . وخلال كتابة المقال فتحت  "معجم  نتول للمترادفات وللمتضادات " الإنجليزي فوجدته يورد إحدى عشرة مترادفة لكلمة " الأوغاد " التي استعملها يوسف في سب الإرهابيين . ومما يحثنا  أيضا على استبعاد نية يوسف الإساءة للعربية أنه دعا الحاضرين  ممازحا إلى تعلمها ، ونقدر أنه لا يمكن أن يدعوهم ولو ممازحة إلى تعلم شيء سيء ، وهو الساعي إلى بيان أنه رجل نبيل وأهل للتكريم الذي منحته إياه الأكاديمية حين اختارته أول عربي لتقديم وقائع حفل جوائزها . على أننا نود لو أنه كان أكثر حصافة وحذرا ، فتجنب تخصيص السباب بالعربية ؛ لأن ما

قاله كان محتما أن يفهم على ظاهره من جهات كثيرة تعادي العرب عرقا وعقيدة ولغة ، وقد أسيء فهمه من قومه ، فما الحال مع سواهم من المعادين المتربصين خاصة في هذه الأجواء المزدحمة بالخلافات والتوترات  والاتهامات والدماء ؟! وباسم يوسف في التقييم الختامي  ليس لغويا ، وبعيد جدا عن الاهتمام بالعربية ووعي قيمتها وبراهين عظمتها . وحين كتب جملة مقالات محدودة في صحيفة مصرية كتبها بالعامية  ، وحتى خطابه الذي قدم به نفسه في حفل الأكاديمية لم يصح من الأغلاط النحوية والإملائية مع أنه مكتوب بالعربية الفصيحة ، ولوكان ذا حساسية لفداحة الغلط  اللغوي لكلف من يصوب له ما في خطابه من أغلاط قبل إلقائه . وهو ليس الشاة السوداء الوحيدة في قطيع إهمال العربية والاستخفاف بها . لدي قناعة تزداد ترسخا وتجذرا في تصاعد لا يتوقف أن اللغة العربية أعظم  كثيرا من أهلها المعاصرين الذين لا عظمة لديهم في شيء إلا في صنع كل ما يحط قدرهم وقدر لغتهم في قعر أعمق الدركات .

وسوم: العدد 644