العيد والشاعر عدنان النحوي

محمد شلال الحناحنة

nahwi644.gif

يطل العيد على أمتنا الإسلامية وهي تعيش في ضعف وتمزق وهوان واحتلال من الأعداء الغاصبين في الشرق والغرب من بلاد المسلمين . وإن كان هذا الأسى يفيض علينا بكثير من الآلام والشجون ، فما رؤية الشعر لذكرى العيد ؟ ومن أي نافذة يطل شعراؤنا في حنينهم لأعياد المسلمين ؟ وبم يخفق قلب شاعرنا د . عدنان النحوي في تحنانه للعيد ؟ وهل أضحت أعيادنا توحي بالأحزان بدل الأفراح ؟! ومتى تعود أعيادنا وقد تصالحت الأمة مع نفسها وشعوبها ، وحققت أمانيها بالرفعة والتقدم والقوة في عصر لا مكان فيه إلا للقوي ؟! ولعل في مشوارنا بين حدائق الشعر في ذاكرة شاعرنا الإسلامي د . عدنان النحوي ما يجيب عن بعض هذه التساؤلات وغيرها .

ففي قصيدته " عيد في فلسطين " يسلمنا لنداء موجع منذ البداية :

يبدأ هذا العيد من فلسطين " الأسى والجرح " الذي يؤرّق كل مسلم ، وفي العيد الحقيقي زهو وابتسام وفرح ، وفيه مواعيد دانية من البهجة ، وصلة الأرحام ، فيه مرح الصغار والكبار ، هكذا الأصل في الأعياد كما يخبرنا شاعرنا الإسلامي عدنان النحوي ! ولكن هل أعيادنا هي كذلك ؟!

إن القصيدة التي بين أيدينا تجيب عن هذا السؤال بكل لوعة وحزن ، فقد عادت أأعيادنا مشاهد من المعاناة والتشرد والقسوة ، وقتل المسلمين في ديار شتى ، ويمكن أن ننظر حولنا إلى المجازر اليومية بحق إخواننا في العراق وفلسطين والشيشان وأفغانستان !

ولكن ما العيد الذي يراه شاعرنا عيداً حقيقياً ؟ إنه العيد الذي يجمع العرب والمسلمين على دين واحد وديار موحدة ما بين الفرات والنيل وحتى الأندلس التي أضعناها منذ قرون !

ويمعن الشاعر د . عدنان النحوي في إشهار الأسئلة النازفة في أبياته السابقة مستحضراً الزمان والمكان الموغلين في الأوجاع من خلال تكرار عبارات وألفاظ تحمل أشجان الخاصة ، والتي لا تنفصل عن أشجان الجماعة فنجد : " صروف الليالي ، الوعود ، العهود ، ذاك عهد مضى ، هنالك بيد ، ديار ، الفرات والنيل ، والكون ، والأندلس ، والشرق ..."

وتظل القصيدة مفتوحة النوافذ على زمن آت موجع ، ومكان مترع بالأسى .

أما قصيدته " ما العيد إلا لحر لم يهن أبداً " فهي تنهض من شموخ الهوية الإسلامية حتى في عنوانها ، وتوحد بين الصفة و الموصوف لتحصر العيد الحقيقي بحر شجاع شامخ أبداً ، وتمتد القصيدة في خيوطها الفنية معتمدة على التكرار ، ولعل هذا التكرار من جماليات الفن الشعري عموماً لدى النحوي ، فقد كرر العبد " ست مرات " والذكرى " أربع مرات " والأيام " خمس مرات " وهو ما زال يلح على الزمان كثيراً فيؤلمه ويعذبه ، ويزيده حزناً وسهداً ، لا سيما في أيام العيد . إن شاعرنا عدنان النحوي يخاطب وجداننا ، ويضيء نفوسنا بهدي الإسلام ، وهو يشعل جراحاتنا ، من ذكريات العيد قيسأل بألم وحرقة :

شاعرنا عدنان النحوي ينطلق دائماً من هم الجماعة ، ويحلم بحريتها وعزتها ونصرها على الأعداء وانظر إلى استخدامه لـ " نا الفاعلين " :

" يجمعنا ، يسعدنا ، دعائمنا " ، وفي ظل ذلك يعيدنا للمفارقات المترعة بالأسى من ماض لعيد سعيد كان يأتي والأمة موحدة تعيش أمجادها وعزها الممتد في أرجاء المعمورة ، وقد عقدت لواء الدين خفاقاً ، وبين حاضر لعيد حزين قد أتى وشعوبنا مشردة ، وأمتنا ضعيفة ممزقة ، ونحن نجترّ الذكريات المؤلمة ، مهزومين أمام الأعداء !

وتبقى القصيدة في لغتها ومعانيها تقتبس من معين القرآن الكريم ، ولعل الكثير من قصائد شاعرنا النحوي ينهل دائماً من المعجم القرآني مضموناً وأسلوباً .

وسوم: العدد 644