مشرط الجراح .. وساطور الجزار !
ما بين يوسف زيدان وحسام بدراوي يتسلطن الجهل المقدس ويمد رجليه ويخرج لسانه ساخرا من الأمة ومن دينها ومعتقداتها وقيمها .
باح يوسف مؤخرا بسر الثورة الدينية التي أطلقها الجنرال ، حين طلب من العمائم الحكومية الانقلابية أن تشعلها في أرجاء الإسلام والمسلمين ، فلم يكن حديث يوسف - الذي ليس له من يوسف النبي عليه السلام إلا الاسم – يعبر عن نفسه ، ولكنه كان يعبر عن الانقلاب الدموي الفاشي الحريص على ألا يزعج الكيان النازي الغاصب بأي شيء ، أي شيء ، حيث صار القتلة أصدقاء وأحبابا وأولاد عم !
يوسف أعلن أن الأقصى ليس هو المسجد المبارك الذي أسري إليه بمحمد – صلى الله عليه وسلم – وعرج منه إلى السماء ، وذهب يوسف يردد دعاوى الأعداء القتلة ويزعم مدعوما بحماية إعلامية آثمة للجهل المقدس ؛ أن الصراع بين العرب وبينهم "بكش " ومفتعل ، وأن القتلة هم أصحاب القدس، وأن اسمها إيلياء هو اسم عبراني !
حسام بدرواي على الجانب الآخر لم يقصر في التعبير من خلال الجهل المقدس أيضا ؛ عن ولائه للجنرال ، والإعلان عن عودته في سياق عودة نظام مبارك إلى مقاعده في واقع السياسة الميت ، فصرّح بأنه لا بد من تعديل الدستور لتكون مدة رئيس النظام الانقلابي عشرين عاما ، بدلا من أربع سنوات تتجدد بالانتخاب كما تقرّر في دستور زليخة !
لاريب أن شعب البيادة يبدع من أجل مزيد من العبودية في أفكاره وسلوكه وإنجازاته ، وأهم إبداعاته على الإطلاق جمع الصفوة المختارة من أبناء الوطن وإلقائهم وراء الأسوار ، ويقوم مقدم درك يوميا بالإعلان عن عمليات استباقية بالقبض على العشرات ممن يسميهم الخلايا النائمة أو خطفهم تحت دعاوى معلبة ومحفوظة ، حتى اكتظت السجون بعشرات الآلاف ـ فأعلن عن تخصيص 103,22 فدان في أسيوط لبناء سجون جديدة بدلا من المدارس الآيلة للسقوط أو التي اكتظت بطلابها الفصول .
ثم يدخل في هذا الإنجاز ( العظيم ) انعقاد المحاكم المدنية والعسكرية يوميا لمحاكمة مئات الشرفاء وأنبل الناس وأكثرهم علما وثقافة لأنهم يرفضون الانقلاب على الديمقراطية ، والحكم العسكري الفاشي ، وهو إنجاز ضخم لا مثيل في أية دولة من دول العالم المتقدم أو المتخلف !
إبداع شعب البيادة يجعل برلمان مرجان أو برلمان الكنيسة والمخابرات يتصارع على تكوين تحالف يدعم الجنرال ويصفق لقراراته الظالمة ، وتحويله إلى زعيم ملهم كما فعل مع البكباشي الأرحل والصاغ المغدور والفريق المخلوع ! وقلبي معهم وهم يبحثون عن الرائد موافى الذي يخرج المسرحيات الديكتاتورية ويقنع بها شعب البيادة ويقدم لهم حكمة الزعيم الذي يأتيه وحي إذلال الشعب وقهره من حيث لا يدري الناس ، ثم وهم يبحثون عن كمال الفولي الذي يقود نواب الدعم ويحرضهم على من يخالف أدني مخالفة ، وعندما يفشلون يقوم بنفسه وينظر بازدراء واحتقار للنائب المشاغب ، ويذكر له شيئا من سيرته العطرة ضمن نواب سميحة أو نواب الكيف أو نواب السيديهات أو نواب التأشيرات أو نواب ....
إبداع العبيد لا يختلف عن إبداع الخلف غير الصالح الذين بايعوا بالإجماع ، واخترعوا تغيير الدستور بأطول مادة في تاريخ دساتير العالم تضمن ألا يترشح أحد ضد فخامة صاحب الضربة الجوية الذي يجب أن يحكم مدى الحياة . فاقتراح عشرين سنة لتكون مدة رئاسة الجنرال للدولة ، هو أمر غير جديد ولكنه جاء في صياغة جديدة تتناسب مع طبيعة الانقلاب الفاشي ودمويته الصارخة . وهو ما جعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي يقترحون على الأخ بدراوي أن تكون المدة إلى آخر العمر !
أما إبداع يوسف فقد صار محسوما بولائه للعدو النازي اليهودي ، وكراهيته الفاضحة للإسلام والمسلمين ، ولم تعد المسألة مسألة القدس أو المسجد الأقصى أو الإسراء والمعراج ، ولكنها معركة دين ، فقد انزلق سعادته إلى ذكر رفيقه الراحل نصر حامد أبوزيد – يرحمه الله – الذي فسّر القرآن الكريم تفسيرا ماركسيا ، وزعم أنه منتج تاريخي ، أي ليس وحيا . وحين تصدى له أهل العلم قامت قيامة خصوم الدين من الشيوعيين والناصريين والليبراليين والانتهازيين ورجال كل العصور، ليتحدثوا عن حرية البحث وحق التفكير ، ومواجهة الظلامية ...إلخ
قال يوسف إنه نصح رفيقه ألا يستخدم ساطور الجزار ، يكفي استخدام مشرط الجراح ، لتصل الأفكار تدريجيا إلى الناس خطوة خطوة . أي يجب أن تكون مهاجمة الإسلام وتدميره عن طريق الجرعات هينة لينة تشبه مشرط الجراح ، وليس بالمواجهة المباشرة الخشنة التي تشبه ساطور الجزار كما فعل نصر حامد أبوزيد ! المسألة إذا فيها منهجان لتشويه الإسلام والتشهير به وتخريبه من الداخل . الأول يعتمد فكرة التدرج في زعزعة الثوابت وخلخلتها مرحلة بعد مرحلة ، والآخر المواجهة المباشرة والصريحة مثلما فعل نصر حامد أبوزيد ، الذي استنكف أن يذكر اسم القرآن الكريم على كتابه فسمّاه النص ، أي هو نص من نصوص أو مثل بقية النصوص !
لم يعد هناك إذا سرّ مطويّ أو مكنون في هدف القوم من الثورة الدينية التي تجعل العبودية للجنرال وليس لله ، ومن مقتضيات هذه العبودية استئصال الإسلام على المدى القريب والبعيد ، لأن الإسلام هو العقيدة المزعجة لأهل الغرب والشرق جميعا ، ولأدعياء التحضر ومقاولي الديكتاتوريات والطغاة والفاشلين .
ثم وهو الأهم الاستجابة لمطالب الصهاينة الغزاة ، بإزاحة الإسلام وتصوراته وفي مقدمتها الحرية والشوري ، لأن ذلك يمثل خطرا على وجودهم الإرهابي الدموي ، فقد دمروا قطاع غزة في ثلاثة حروب وحشية حين فازت حماس الإسلامية في انتخابات الضفة والقطاع النزيهة ، وأعلنت تسيبي ليفني أنها لن تسمح باستمرار نظام الديمقراطية الذي جاء بالرئيس الأسير محمد مرسي ، ومن قبله الرئيس رجب الطيب أردوغان ، وقد أعلن آفي ديختر أنهم أنفقوا المليارات لإسقاط محمد مرسي وأسره وإهانته يوميا في محاكمات هزلية ، ويحاولون الآن إسقاط رجب طيب أردوغان بكل الوسائل المحلية والإقليمية والدولية .
الجهل المقدس حين يسيطر على عقول البلاد والعباد ، فبشّر بمستقبل لا يقل سوادا عن الليل ، ويوسف زيدان وحسام بدراوي من النماذج التي تتحرك بالجهل المقدس ولا تستحي ، فالدنيا تحت أقدامهم تروّج لهم وتمنحهم ما يريدون ، وإن كانوا لا يستحقونه .
ماذا قدم يوسف وحسام للوطن البائس الفقير ، الذي كان من أغنى البلاد وأجملها قبل الحكم العسكري الدموي الفاشي في عام 1952؟؟
الله مولانا . اللهم فرّج كرب المظلومين . اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم.
وسوم: العدد 646