قرار إعدام آية الله النمر والرد الإيراني القادم

تتوالى التصريحات  تباعاً عبر الماكينة الارهابية لدولة ولي الفقيه ومسئوليها لتبث سمومها من جديد عقب قرار السعودية القاضي  باعدام  رجل الدين الشيعي آية  الله  نمر النمرالمتهم ببث الفتنة والفوضى والطائفية ،حيث سارعت إيران إلى وصف هذا القرار بالمتهور وغير المدروس ، وأنه يُشكل  إهانة للثورة الإسلامية السلمية في السعودية .

 حذت وسائل الاعلام لتعكس رؤية  المؤسسات الرسمية والثورية ، حيث إعتبرت  قرار اعدام النمر بالمسرحية  الدموية لتأجيج الصراع الطائفي داخل السعوديه والاقليم ، وأن  هدف الرياض  الأساسي – حسب الزعم الإيراني – من خلال اصدار قرار  اعدام  النمر هو جر إيران لمواجهة مع السعودية ،بعد الفشل في استعراض وإظهار قوتها   أمام طهران  نتيجة إخفاقها في تحقيق أية نتائج على الأرض من خلال حملتها العسكرية في اليمن ، وتدخلها لدعم الحركات التكفيرية في سوريه .

أعلنت   طهران  من خلال أبواقها الاعلامية أنها لن تقف مكتوفة الأيدي إذا نفذت السعودية تهديدها باعدام النمر ، بل سيكون لها موقفاً حازما ً وعاجلاً  للرد على السعوديه  داخلياً ، بل وخارجياً،  ؛ فقرار اعدام النمر – حسب الرؤية الإيرانية –  تعكس حالة التخبط والارباك الذي وصلت إليه الرياض ، و بشكل لم يسبق  له مثيل ، وقد دخل على  خط  التهديدات  ضد  السعودية  الرئيس الإيراني السابق هاشمي رفسنجاني  الذي وصف آية الله النمر بالرجل   الكبير والمجاهد والمحبوب والمؤمن بالعقائد الدينية ،وقال أن الالاف من مريدي اية الله النمر لن يلتزموا الصمت أبداً تجاه هذا الحكم ، معتبراً  في الوقت نفسه أن إصدار هذا الحكم   وفي هذا التوقيت بالذات ، يندرج في إطار نظرية استهداف الشيعة على وجه العموم، وفي السعودية والبحرين على وجه الخصوص  ، وربط رفسنجاني  بين هذا الحكم ،واستهداف مساجد الشيعة في شرق السعودية وجنوبها .

وتباعاً سابق المسئولين في دولة ولي الفقيه  الخطى بشكل ممنهج  إصدار التحذيرات خلال اليومين السابقين من  مغبة تنفيذ هذا القرار ، مكررة ما  سيتركه من تبعات كبيرة وخطيرة سواء على البيئة الداخلية السعودية ،أو على الأمن الإقليمي في  المنطقة، على اعتبار أن  النمر يمثل شريحة كبيرة من المجتمع خاصة في السعوديه فضلا عن شعبيته  الجارفة في المنطقة، وأن تنفيذ قرار إعدامه سوف تشعل وتحرك كل القطاعات التي  ترى في النمر زعيمهم الديني والروحي، ومرجعيتهم الدينية المقدسة  التي لن يسمح باغتيالها بهذا الشكل.

من هذا المنطلق  زفت لنا طهران بشرى تبعات ونتائج تنفيذ اعدام النمر  على الأمن الداخلي السعودي ، وعلى المصالح السعودية في الخارج . فعلى الصعيد الداخلي: رسمت لنا  طهران سيناريو من انتاج أجهزة المخابرات الإيرانية حول صورة قاتمة  لتفجر الوضع الأمني داخل  السعودية ،مطالبة الحكومة السعوديه  بأن تفكر ملياً قبل تنفيذ القرار، وتوجيه رسائل تحذير للمسئولين السعوديين على اعتبار أنهم يدركون جيداً هشاشة الوضع الأمني والسياسي الداخلي السعودي، و أهمية أن يعوا   في الوقت نفسه أن اعدام النمر يعتبربمثابة  إعلان حرب  إقليمية “طائفية “على الشيعة  في المنطقة ، وأنه سينظر له أنه يندرج في إطار المؤامرة العالمية ،من هنا فإن  الشيعة  لن يسكتوا  مطلقاً على  هذا القرار الجائروالظالم ، وسيكون الرد على السعودية سريعاً ومباغتاً ، وأن على المسئولين السعوديين أن يدركوا أن ما سيجري لاحقاً ، هو النتيجة طبيعة لسياساتهم .

ولتنفيذ  هذه التهديدات  فقد عرضت أجهزة مخابرات دولة ولي الفقيه مقاربة تأتي استكمالاً لإستراتيجياتها الإرهابية وفق سياسة الرد مباشرة  وبشكل موجع على حكم  اعدام النمر قبل تنفيذه بهدف ردع السلطات السعودية ، وثنيهاعن تنفيذ هذا القرار ، ومن ثم  يأتي تبني سيناريو  تحريك  المنظمات  والقطاعات الشعبية  خاصة في المنطقة الشرقية ، وتعزيز مطالبها  من السلطات السعودية  بعدم تنفيذ حكم الإعدام  بنمر النمر ، ثم الانتقال إلى مرحلة المظاهرات و الاحتجاجات السلمية ، يليها مرحلة التوجه إلى انتهاج إستراتيجية الفوضى والعنف  في حال تنفيذ القرار القاضي باعدام النمر ، شريطة أن يتسم هذا  الرد  بالمؤلم ، حتى تدرك السعوديه  نتائج سياساتها، التي تمادت كثيراً واستباحت حتى الدم الإيراني في المشاعر المقدسة في منى دون رد يذكر لغاية الآن ، وهذا بدوره  سيكون  بداية لحراك داخلي قد يطيح بالنظام  الحاكم في السعودية، ، سيما وان هناك جناح داخل اسرة آل سعود يرفض طبيعة السياسات السعودية على الصعدين السياسي والداخلي.  

 النتيجة أن طهران قد نصبت نفسها للحديث بالوكالة عن أبناء المنطقة الشرقية اللذين سيكون لهم دوراً – حسب الزعم الإيراني – لإعادة الثورة إلى مسارها الصحيح في السعوديه ، وأن أبناء المنطقة الشرقية سينتقمون من النظام الحاكم ،  و يطلبون الثأر للشهداء اللذين قضوا دفاعاً عن الإسلام ، ويوقفون عن قريب قمع الشيعة في السعودية والخليج إلى غير رجعة، بالمقابل فإن الرد الإيراني ثأراً وانتقاماً من السعودية سيكون في القريب العاجل .

د.نبيل العتوم                                          

رئيس وحدة الدراسات الإيرانية                 

مركز أمية للبحوث و الدراسات الاستراتيجية

وسوم: العدد649