مركز آدم يناقش التطرف المناخي.. الأسباب والآثار والحقوق

أقرت الوفود المشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ في باريس مسودة اتفاق يأملون أن يُشكّل الأساس لاتفاق عالمي لتقليل انبعاث الكربون في الجو، حيث صدّق 195 طرفا على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ منذ اعتمادها في عام 1992. واعتُمد بروتوكول كيوتو في عام 1997 من أجل تطبيق الاتفاقية، ودخل حيّز النفاذ في عام 2005. وحدّد البروتوكول أهدافا تتمثل في تقليص انبعاث غازات الدفيئة والحد منها للبلدان المتقدمة والبلدان ذات الاقتصاد الانتقالي.

واستهلت الأطراف أعمالا في عام 2007 ترمي إلى إعداد اتفاق بشأن المناخ لفترة ما بعد عام 2012، يُطبَق على جميع الأطراف التي تتسبب في انبعاث غازات الدفيئة.

 ولتسليط الضوء على ظاهرة التغيير المناخي عقد مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات حلقته النقاشية الشهرية والموسومة بـ(التطرف المناخي.. الأسباب.. الآثار.. الحقوق) على قاعة جمعية المودة والازدهار بحضور مجموعة من المختصين والباحثين الأكاديميين.

 أدار الحلقة النقاشية الدكتور علاء الحسيني الاكاديمي والباحث في مركز آدم مرحبا بالضيوف المشاركين ومتطرقا إلى الأرقام والإحصائيات التي أشار إليها المختصون في مجال البيئة والتغيرات المناخية المخيفة والتي تنذر بعالم مريض يعاني المزيد من التقلبات والتغيرات في درجة حرارته والتي قد تعصف باستقراره المناخي وتعكر صفو مزاجه البيئي.

تاركا الحديث لصاحب الورقة النقاشية الاستاذ الدكتور احمد شاكر الجراح أستاذ القانون الدولي والناشط الحقوقي، الذي عبر بدوره عن شكره وامتنانه لمدير الجلسة وللسادة الحضور، مشيرا إلى أهمية التغييرات المناخية والتي تعتبر من المشاكل الدولية التي نعاني منها في الوقت الحاضر، مؤكدا على إن معالجتها لا يمكن أن تتم بصورة فردية أو داخلية لأنها مشكلة دولية ومعالجتها لابد أن تكون دولية.

 موضحا إن مشكلة التطرف المناخي لم تحظ بالاهتمام الدولي الكبير بقدر اهتمامهم بالأمن والاقتصاد والسياسة، متناسين أن التطرف المناخي يساعد على الوصول إلى الحلول المناسبة وظهور مشاكل جديدة.

في الوقت ذاته بين الجراح، أن هناك ترابط واضح وعجيب بين التطرف المناخي والتطرف الإرهابي الذي تتبناه داعش في دول المنطقة، وتجاهل معالجة احدهما يؤدي إلى تفاقم الآخر.

مضيفا بالقول إن هناك جهود لمكافحة التطرف المناخي ولكن تكاد تكون خجولة وهي جهود فردية وليست دولية وتعتمد هذه المعالجات على النتائج دون النظر بالأسباب.

وفي نهاية الجلسة فتح باب النقاش والمداخلات أمام الحاضرين الباحثين والمتخصصين الأكاديميين طارحين بذلك عدة تساؤلات وإشكاليات تخص موضوع النقاش من اجل إيضاح الصورة السياسية والقانونية والإعلامية التي تخص موضوع التطرف المناخي.

المداخلات:

الشيخ مرتضى معاش، أشار إلى أن المسؤولية الحقيقية تتحملها الدول الغربية في عدم الربط بين التطرف المناخي والتطرف الديني الإرهابي وتجفيف منابع الإرهاب، مؤكدا على أن الغرب يتعامل مع حقوق الإنسان وفقا لمصالحهم الفئوية في عدم تحملهم الأخطاء التي يرتكبونها بحق غيرهم، فهم يصدرون إلى دول الشرق الأوسط الغازات السامة والمسببة للاحتباس الحراري ويغلقون أبوابهم أمام المهاجرين من الشعوب المنكوبة والمبتلية بالتطرف المناخي.

موضحا بالوقت ذاته هناك دول تصدر الإرهاب وتصدر الأسلحة لمحاربة الإرهاب الحاملة على مواد سمية إلى دول المنطقة في الوقت الذي ترفض فيه تصديرها إلى الدول الأوربية، داعيا الحكومات إلى استخدام الطاقة البديلة أو الطاقة النظيفة بدلا عن انبعاث الغازات السامة التي تهلك الحرث والنسل، متسائلا عن مدى إمكانية تأسيس محكمة خاصة تهتم بالإرهاب المناخي؟، وهل يمكن وضع سقف معين لانتاج الطاقة الاحفورية؟.

الأستاذ احمد جويد مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات، دعا الدول الصناعية الكبرى أن تتحمل مسؤوليتها القانونية والأخلاقية تجاه ظاهرة التطرف المناخي، معتبرا توهم الذين يعتبرون مقررات مؤتمر باريس هو بداية نهاية حقبة الوقود الاحفوري واضعين سقوفا زمنية لاستخدام الطاقة النظيفة، معتقدا أن الدول الصناعية لن تتخلى عن مشاريعها وصناعتها.

مشيرا إلى المؤتمرات التي تعقد في بعض البلدان التي تخص المناخ تعتبر دفع للتهم عن تلك الدول المضيفة للمؤتمرات، فبعض الدول بعد أن اكتوت بنيران الإرهاب بدأت تجفف منابعه فيها بعد أن كانت حاضنة له.

متأملا من بعض الدول الصناعية الكبرى أن تلتزم بالمواثيق والعهود إلى اتخذتها على نفسها في الحفاظ على المناخ البيئي واستخدام الطاقة النظيفة على مدى الأعوام القادمة.

الدكتور احمد المسعودي باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية، بدأ بمقولة ابن خلدون في علم الاجتماع "أن التطرف في المناخ يؤدي إلى التطرف في السلوك، وان الدول التي تشهد أجواء حارة سوف تشهد أنظمة دكتاتورية".

معتقدا أن هناك مؤامرة تؤدي دورها من خلال التطرف المناخي وهو الإرهاب الفكري وربط هذه الظاهرة بمشروع إستراتيجي كبير في العالم مرتبط بقيادة العقول، طارحا عدة إشكاليات أمام الحضور تمثلت بمدى مصداقية وجود أزمات مناخية وقصة الصحون الطائرة والمخلوقات الفضائية حسب ما تصدره لنا وسائل الإعلام الغربي وما هي صحة قضية ثقب الأوزون؟.

معتقدا في الوقت ذاته أن هناك إرهاب فكري يمارس في كل بقاع الكرة الأرضية غايته تأسيس مشروع قيادي في المنطقة عن طريق السيطرة الكاملة على جميع مفاصل الحياة.

خاتما مداخلته بطرح تساؤل أمام صاحب الورقة النقاشية، إذا كان الإرهاب الجديد يرتبط مع التطرف المناخي فماذا تقول عن الإرهاب القديم وفي المناطق الباردة؟.

جاسم الشمري الباحث القانوني في مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية، أشار إلى أن التغيير المناخي هو ظاهرة دولية ومدعومة من الدول الصناعية وتعكس تأثيراته على الدول الصغرى، طارحا عدة تساؤلات أمام المحاضر تمثلت بهل يمكن أن يكون التغيير المناخي مشكلة محلية ابتداءا وبعدها تتحول إلى مشكلة دولية كما في ظاهرة الهجرة الداخلية ومن ثم توسعت خارجيا؟، وهل يمكن للدولة أن تقضي على ظاهرة التطرف المناخي محليا قبل انتشارها دوليا؟، وهل يقصد بالمناخ الظواهر الطبيعية أم المناخ السياسي الذي يؤدي إلى التطرف الإرهابي؟.

وقد توجه بعدها صاحب الورقة النقاشية الدكتور احمد الجراح، بالإجابة الكافية على التساؤلات والإشكاليات التي طرحها الحاضرين الباحثين، ليتفق الجميع على ضرورة إجراء التعديل في القوانين والأنظمة الدولية بما يكفل المحافظة على النظام البيئي، بالإضافة إلى تفعيل استخدام الطاقة البديلة أو الطاقة النظيفة.

ويعقد مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات حلقاته النقاشية الشهرية التي تهدف إلى تنمية الوعي وإيجاد الحلول القانونية وإعطاء الآراء في المشاكل الدولية.

وسوم: العدد649