تحالف حماس والقرار الصعب ؟
من فن التعامل والاتصال مع الآخرين هو أن تؤثر بالآخرين ويتأثرون بك فما من شخص إلا يمكن الاستفادة منه وما من شخص إلا يمكن الاستغناء عنه وذلك وفق المصلحة العامة وليس الخاصة فهذه طبيعتنا كبشر فبناء الثقة مع الآخرين يحتاج إلي وقت وجهد حتى تكون العلاقة أكثر قوة وتكون أكثر انكشاف للآخرين إلا انه من السهل جدا وخلال دقائق أن تتخلي عن التحالف مع شخص إذا ارتكب موقف لا يروق لك ..فأحيانا يتم اتخاذ قرارات قد تكون مؤلمة وقاسية ولكن ضرورية بمايتلائم مع المصالح وبهذا اتخذت حركة حماس في نهاية عام 2011 قراراً استراتيجيا مهماً وصعباً، والذي تمثل بخروج الحركة من دمشق، لتكون بذلك وجها لوجه مع واحدة من أهم المحطات التي مرت بها الحركة، فاتحة الطريق أمام جملة من التحديات والهزات الداخلية والخارجية، حيث أن القرار كان أكثر قسوة من ما توقعه صانع القرار في حماس حتى أنصارها، مما ترتب علية انخفاض سقف الحلفاء الجدد، وهو ما جعلها تكون في طريق واحد من حالة الانكشاف السياسي، خاصة بعد انتهاء الحرب الاخيرة علي غزة والتي كانت الأشد قساوهَ في تاريخ الحروب من شهداء ودمار وخراب وتهجير. فعلى الرغم من الإنجاز العسكري، وما امتلكته المقاومة من إنجازات ميدانية، وصد للعدوان، خرجت حماس من سوريا مضطرة، وكان وقتها تكتل سياسي من تركيا وقطر ضد المشروع الإيراني وبروز قوة الأخوان وانحسارها كل ذلك قدم على الساحة واقعا جديدا محمل بالتعقيدات. وبالتالي قواعد الممارسة السياسة للحركة قد تتغير بمايتلائم مع التحالفات الجديدة والوضع السياسي القائم والتفكير على ركيزتين إستراتيجيتين في فن التعامل مع الآخرين الأول العداء لإسرائيل والثاني الوحدة والمصلحة الوطنية العليا ، وبالتالي من المفترض ان ترفض الحركة التحالف مع أي قوة يمكن ان تخل بهذه المعادلة أو هذه الإستراتيجية. ومن هنا يأتي تعقيد التحالفات ومنها العلاقة مع إيران والتي تتفق معها حماس بشق العداء لـ(إسرائيل)، إلا أن التداخلات الداخلية الفلسطينية والتدخلات الخارجية والمعارك الجانبية أدت لإحداث شروخ في التحالف ولهذا تقف حركة حماس اليوم في موقع أكثر صعوبه ودقيق جدا في تاريخ حركتها حيث بدأت التحالفات تتراجع شيءً فشيئا فالدور التركي اليوم تراجع بعد أن عقد الإسلاميون عليه كثير من الآمال، وربطوا في بعض المراحل خياراتهم السياسية ، ومما لا شك فيه أن التراجع الذي شهدته السياسة الخارجية التركية مؤخرا، وعدم قدرتها على تغيير مجريات الأحداث في الشأن السوري، يعود في جزء كبير منه إلى تردد واضح في سياساتها، وارتباط عضوي بالموقف الأمريكي والتحالفات الغربية ولا يخفى على احد بأن العرب والنظم الرسمية ترفض مساعدة حماس وحذت ألان قطر حذوهم حيث بدأت بتخفيض الموارد التشغيلية للحركة حماس فهذا يدل ان أصبح التحالف قاب قوسين أو أدنى ولم يبقي إلا المحور المصري الأكثر أهمية بحكم التاريخ والجوار والذي يرتكز علي محاور السعودية والحرب على داعش والصراع مع إيران، والولايات المتحدة وإسرائيل وخارطة شرق أوسط جديد سياسياً، وبالتالي ألان وليس كأي وقت حماس أمام اتخاذ قرار مصيري، ربما كان الأصعب في تاريخ مسيرتها ، وهي تحديد خياراتها وتقرير مصيرها بإرادتها بما يدع مجالا للتأويل والتفسير، فلن يسمح الآخرين لها كالإقليم السياسي ودول المحيط أن تناور وبالتالي ستكون أمام خيار صعب وتكون ملزمة بالاجابه علي سؤال واحد بطريقة مباشرة "" وهو الحقيقة المتعلق بأي محور تتمسك وبأي آلية تذهب وضمن أي معطيات تتقدم نحو وجهتها المزمع الدخول فيها ""؟؟، وقد تجد نفسها في نهاية المطاف عضواً في محور من المحاور التي لا ترغب به . فما الذي قد تختاره حماس، الأيام القادمة ستجيب عن هذا السؤال؟
وسوم: العدد 660