لمصلحة سوريا وشعبها
تدخل الحرب القذرة الدّائرة في سوريا عامها السّادس، تمّ خلالها تدمير سوريّا وقتل مئات الآلاف وتشريد الملايين من أبناء شعبها، واستنزفت جيشها ومقدّراتها، وباتت مسرحا للصّراعات الدّوليّة، حيث تمّ دخول آلاف الارهابيّين من أكثر من تسعين دولة متدثّرين بعباءة الدّين، ومدعومين من جهات اقليميّة ودوليّة، وجرت تغذية الطّائفيّة والنّزاعات العرقيّة ونشرها، كما تمّ دخول قوات نظاميّة تحارب إلى جانب النّظام خصوصا من ايران وروسيا، لكنّ الخاسر الأوّل والأخير هو سوريّا وشعبها وأمّتها، وما ينعكس ذلك على المنطقة العربيّة ودول الاقليم. فإلى متى ستستمرّ هذه الحرب القذرة؟
فعدا عن أطماع الدّول الكبرى في سوريّا والمنطقة العربيّة برمّتها، وبغضّ النّظر عن موقف النّظام وما يسمّى بقوى الممانعة، فإنّ الحاضر ليس بعيدا عن الماضي القريب عندما قام الرّئيس السّابق حافظ الأسد بانقلاب عسكريّ عام 1970، ضدّ الجناح السّياسي لحزب البعث، واستولى على الحكم بقوّة السّلاح، إلى أن توفي في حزيران عام 2000 بعد أن أوصى بالحكم لابنه بشّار، مبتكرا سياسة التّوريث في الأنظمة الجمهوريّة، بعد أن ضمن موافقة القيادة القطريّة لحزب البعث على ذلك! والتي قامت من خلال مجلس الشّعب بتعديل الدّستور في دقائق ليتناسب مع عمر ابنه ووريثه بشار. ومن هنا بدأ الخطأ، فكيف يوافق حزب يدّعي الثّورية على توريث الحكم؟ وهل لا يوجد في قيادة الحزب وفي كوادره من يصلح لمنصب الرّئاسة غير ابن الرّئيس المتوفّى؟! ونحن إذ نسوق ذلك لنؤكّد أنّ مصلحة البلاد ومصلحة شعبها أكبر بكثير من بقاء الحاكم، وإنّ ثقافة " الحاكم ظلّ الله في الأرض"ما عاد لها مكان أو جدوى. ومعروف أنّ النّظام قد قمع الحرّيات، واعتقل وعذّب وقتل، وما قام باصلاحات ترضي شعبه، وهذا لا يعني أنّ من يحاربونه على حقّ، بل بالعكس فقد يكون النّظام على علاته أفضل منهم، خصوصا تلك الجماعات التّكفيريّة الوحشيّة، والتي مارست القتل والتّدمير، وتحالفت مع قوى أجنبيّة ما كانت يوما تنوي الخير لسوريا وشعبها وأمّتها، لكنّ المفاضلة ليست بين السّيّئ والأسوأ، وإنّما مصلحة سوريا الوطن والشّعب فوق كلّ الاعتبارات.
ومع دخول هذه الحرب عامها السّادس، والاتّفاق على المفاوضات في مؤتمر جنيف، بعد الاتفاق على وقف اطلاق النّار بين القوى المتحاربة، وخوفا من التّقسيم والذي بدأ فعلا باعلان المناطق الكردية "الاتحاد الفدرالي" من جانب واحد، ورغم المحاذير من سقوط سوريّا في مستنقع الطائفيّة البغيضة بشكل واسع، كما جرى في العراق، بعد احتلاله وتدميره وقتل شعبه وهدم الدّولة العراقيّة عام 2003، ودخول البلاد في ويلات لم يخرج منها حتّى الآن. فإنّ كل من شارك في تدمير سوريا وقتل وتشريد شعبها، ما عاد مؤهلا لحكمها، فسوريا وشعبها يستحقّان كلّ خير. وهذا يعني أنّ النّظام الحاكم، وكلّ قوى المعارضة المسلّحة ما يجب أن يكافؤوا بحكم سوريّا، وبالتّالي فإنّ الشّعب السّوريّ العظيم قادر على حكم نفسه بنفسه، ولديه كفاءات عالية من أبنائه لم تتلطخ أيديها بدماء أبناء شعبها قادرة على حكم البلاد، وهذا يتطلّب وقفا فوريّا ودائما لاطلاق النّار، وطرد كافّة القوى الأجنبيّة المقاتلة على الأرض السّوريّة، ومحاكمة من دخلوا سوريّا بطريق غير مشروع كلّ حسب ما ارتكب من جرائم، والعفو العامّ عن السّجناء والمطلوبين، واطلاق الحرّيّات العامّة بما فيها حرّيّة تشكيل الأحزاب، وتحديد تاريخ لانتخابات ديموقراطية نزيهة، يختار فيها الشّعب رئيسا للبلاد، وممثّلين له في البرلمان، وتحديد فترة الرّئاسة بسنوات معدودة لا تتجاوز السّت سنوات على الأكثر.
وسوم: العدد 660