كيف تنتصر قضية أهلها بهذه النوعية ؟!

ليس قليلا أن يتحدث الديمقراطي بيرني ساندرز المتنافس على الترشح لمنصب الرئاسة ؛ عن الأبرياء الذي قتلتهم إسرائيل في غزة . في البداية قال إن القتلى 10 آلاف ، واحتج سفير إسرائيل السابق في أميركا مايكل أورن متخوفا من تأثير ما قاله ساندرز على سمعة إسرائيل وما تناله من تأييد في أميركا والغرب ، وطالب ساندرز بالاعتذار . ورد ناطق باسم ساندرز على احتجاج السفير موضحا أنه قصد أن ال 10 آلاف يشملون القتلى والجرحى . ومع رد الناطق يبقى لما قاله ساندرز قيمته الكبيرة حتى بعيدا عن موازنته بما قالته منافسته على الترشح هيلاري كليتنون من أنها ستمكن  إسرائيل من قتل 200 ألف مواطن من أهل غزة في حال فوزها بالرئاسة ؛ في لهفة جامحة منها لكسب أصوات اليهود ودعمهم المالي والإعلامي لحملتها ، وهو موقف يخالف  كل المخالفة ما قالته عن الاستيطان وانصراف إسرائيل عن السلام  في بداية ولايتها للخارجية الأميركية في رئاسة أوباما الأولى في 2009 . ما قاله ساندرز يبين أن للحق الفلسطيني العادل الواضح متفهمين متعاطفين في أميركا نفسها حتى على مستوى ساندرز ، وما قالته كلينتون يبين أن لهذا الحق خاذلين متخلين على المستوى الفلسطيني والعربي . قد لا يتراجع ساندرز عما قاله لوجد له أنصارا فلسطينيين وعربا ، وإن كنا نقدر له شجاعته في ثباته على جوهر موقفه وهو أن إسرائيل قتلت وجرحت أبرياء في غزة بالآلاف ، وبالتأكيد ما كانت كلينتون لتجرؤ على وعدها المتوحش لو كانت تعرف أن فلسطينيين وعربا سيتصدون لها غاضبين منذرين . حق لا يحميه أهله من يحميه ؟! وليت الحال تجمدت عند هذا التخاذل الهائل من أهله ! إنهم يعينون إسرائيل وينحازون لها في محوه نهائيا . السلطة تحفظ أمن المستوطنين في الضفة وأمن إسرائيل ومستقبلها ، والعرب الذين كان المتوقع منهم نصرة الحق الفلسطيني والعربي بان تحالفهم مع إسرائيل ، وبان أن الفلسطيني هو عدوهم لا الإسرائيلي ، وبان أن كل من يحارب إسرائيل من العرب إرهابي في تعريفهم وعدو لهم . وليس لدى السلطة مشكلة  في اتهام إسرائيل بأنها لا تريد السلام لعدم وقفها نشاطها الاستيطاني في الضفة ، وليس لديها تردد حتى في التقدم _ مثلما تخطط الآن _ بطلب إلى مجلس الأمن لإدانة الاستيطان الإسرائيلي ، وتحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي  مع علمها أن الفيتو الأميركي ينتظر طلبها لتعطيله . وليس لدى غالبية العرب الذين يحالفون إسرائيل مشكلة في الحديث الكثير عن تأييدهم لدولة فلسطينية في الضفة وغزة عاصمتها القدس الشرقية . حديث السلطة عن مخاصمتها  لإسرائيل لا يزعج إسرائيل ولا يكلف السلطة أي تكلفة ، وحديث غالبية العرب عن تأييدهم للدولة الفلسطينية التي تؤكد الوقائع على الأرض استحالة قيامها ؛ لا يكلفهم شيئا ، أما  في ما ينفع إسرائيل فكلهم فلسطينيين وعربا عمليون مخلصون ؛ لأن إسرائيل لا تقبل برهنة على التحالف والتعاون إلا العمل الجاد والإخلاص الخالي من أي شبهة . كيف تنتصر قضية أهلها بهذه النوعية ؟! هي عمليا بلا أهل سوى الشبان والشابات الذين  يحمونها بلحمهم الأعزل وأرواحهم المؤمنة المضحية .

وسوم: العدد 663