حلب عبقرية المكان
لماذا اجتمعت لهذه المدينة خصائص يندر أن نراها لدى مدينة أخرى .
1 - المكان الجغرافي : ونﻻحظ في هذا المجال موقع حلب الذي يتوسط مسافات تكاد تكون متساوية بين الفرات شرقا والمتوسط غربا واﻷناضول شماﻻ وبادية الشام جنوبا . ولهذا الموقع خصوبة في اﻷرض وزراعات متعددة . وحجارة كلسية ميزت العمارة ومنحتها عمقها الزماني .
2 - المكان التاريخي : حلب هي المدينة اﻷقدم في العالم بموجب معايير علمية أثرية تعيدها إلى اﻷلف الثاني عشر قبل الميﻻد . حيث شهدت وﻻدة الموقع الزراعي اﻷول في التاريخ في "تل القرامل" إحدى ضواحي حلب . وهذا الغوص في أعماق التاريخ جعل اﻻمبراطوريات تتسابق لهذا الموقع من سومريين وأكاديين وعموريين وحثيين وميتانيين وفراعنة وكلدان وآشوريين وآراميين وفرس وإغريق ورومان وبيزنطيين وصوﻻ للمرحلة العربية اﻹسﻻمية .
3 - المكان الحضاري : عبر آﻻف السنين عرفت حلب أكثر من ثﻻثين حضارة استوعبتها برؤية واسعة شاملة عمرانيا وعﻻقات دولية وقبول باﻵخر . وبقي لها اسمها وشخصيتها المتميزة التي أثرت في كل من مربها من دول وشعوب .
4 - المكان البشري : كان ﻻ بد لهذا التمازج الحضاري أن يشهد طاقة بشرية متآلفة من كل تلك الشعوب . وحلب عرفت اﻷديان والمذاهب . وكان معبد قلعة حلب يبسط نفوذه الديني على كل إقليم المنطقة . وحلب اليوم تضم في ردائها الوطني العرب والسريان واﻷكراد والشركس والتركمان واﻷرمن . وسواهم بمذاهبهم المتباينة . ولكنهم جميعا في إطارحضاري سمح مرن واحد .
5 - المكان اﻻقتصادي : كل تلك العوامل جعلت من حلب مركزا اقتصاديا عالميا يربط آسيا بأوربا وبخاصة محورية طريق الحرير عبر آﻻف السنين . وهذا يفسر لنا ضخامة اﻷسواق والخانات والصناعات المختلفة . ورغم تقلص دورحلب بعد فتح قناة السويس إﻻ أنها بقيت بقوتها اﻻقتصادية البارزة .
6 - المكان الثقافي والفني : وذلك خﻻل العصور القديمة جميعا . ولكن ذروة اﻷلق الثقافي والفني شهدها بﻻط سيف الدولة القرن العاشر ، والبﻻط اﻷيوبي القرن الثالث عشر .وحلب في العصر الحديث بقيت عاصمة الطرب العربي ؛ وعرفت الشعراء واﻷدباء وأعﻻم الموسيقى والفن التشكيلي .
7 - ولذلك كله لم يكن غريبا اختيارها عاصمة للثقافة اﻹسﻻمية . وحياتها شاهد على التسامح واحترام اﻵخر .
هذه حلب : عبقرية المكان .
وسوم: العدد 665